انبرى بعض من الكتاب والمحللين الاردنيين ممن عرف عنهم المنطقية والجرأة فيها ولو أحيانا ، الى الكتابة مدافعين عن الحضور العربي في مظاهرة باريس دون تبرير متكامل الشروط والمنطقية . وكأن في ذلك طلبا ورقيا يقدمونه من أجل الحصول على شهادة حسن سلوك جديد أو من جديد . ومن المفترض أن أمثالهم كصحفيين يعرفون أن شهادة حسن السلوك تطلب من الضمير وتقدم للوطن ، ولوظيفة هي خدمة الشعب و قضاياه . شهادة حسن السلوك تطلب من المدافعين عن المحرومين والمظلومين ودماء الأبرياء وقيم الانسانية لتقدم شرطا للعمل في الدفاع عنهم بحسن نية وبشرافة ، ودون أجر مدفوع هذه المره .شهادة حسن السلوك مطلوبة منا جميعا اليوم مواطنين ومسئولين وحكاما كأوراق اعتماد نقدمها قربانا للشرف والوطن والهويه، ولقول كلمة لا ولو مره .
يقول هذا النوع من الكتاب في تبريرهم ، إن حضور حكامنا ومشاركتهم في هذه المظاهرة السياسية ، ما كان له إلا أن يكون ضرويا لنثبت للعالم بأننا نحن المسلمين بغالبيتنا نقف ضد الارهاب والتكفير والمتطرفين الاسلاميين، وأننا نتعاطف مع ضحايا الارهاب ومع الغرب المتضرر . وفي هذا القول ، فإن هؤلاء الكتاب أيضا يسقطون (بمعنى الاسقاط ) ما بنفوسهم على حكامنا . مفترضين بوعي او دون وعي أن شهادة حسن السلوك مطلوبة أيضا من حكامنا ليقدمونها للغرب .
إن النتيجة التي توصل اليها هؤلاء الكتاب، أراها كما يراها القارئ للمادة لا للعنوان الجاذب، خاطئة تماما . لأنها قامت على افتراضات أو مقدمات خاطئة جدا ، وربما لا مجال لنقاش خطئها أو انكاره من قبل حكامنا أنفسهم . إن هؤلاء الكتاب يفترضون اعتباطا بأن ثقة حكام الغرب مهزوزة بحكامنا ، وبأن وقوفهم أي حكامنا ضد الارهاب وقتل الأبرياء مشكوك فيه . هذا الافتراض يضعه كتابنا هؤلاء في المعادلة في الوقت الذي يقيم فيه حكامنا تحالفا سياسيا وعسكريا على الأرض مع الغرب ضد الارهاب وأدواته كرغبة وطلب للغرب نفسه ، ولمصلحة تفوق مصلحتنا إن حوجج بوجودها ، وأيضا في الوقت الذي لا يكتفي فيه حكامنا بالتنسيق الأمين والدقيق مع كل دول العالم بما فيه كيان الاجرام ، لمواجهة الارهاب المعرف على قياسهم ، بل يقومون أي حكامنا ، بمحاصرة وملاحقة وعزل الاسلاميين المعتدلين وشيطنتهم في أوطانهم درءا للشبهات كي لا تمسهم ، وأيضا في الوقت الذي لا يترك فيه حكامنا فرصة إلا ويثبتون فيها أن صداقتهم للغرب واستجابتهم لطلباته ليست محل تساؤل، ولا تخضع لميزان الربح والخسارة .
إن حامل شهادة حسن السلوك للوطن وقضاياه ،ولدماء الشهداء والأبرياء التي تسفك بالجملة في غزة وأنحاء العالم العربي والاسلامي دون حساب أو تمييز ، هو يا سادة من يقول:
…..إن غياب حكامنا الموثوق بهم من الغرب كوثوقهم بأوما الغائب ، عن تلك المظاهرة السياسية ، كان يمكن أن يكون فرصة ذهبية لهم يوصلون فيها رسالة لأصدقائهم الغربيين بأننا بالأمس كنا و اليوم مازلنا معكم على الارض في منطقتنا والعالم ، نقاتل الارهابيين الذين يستهدفوكم ، ونتبنى قضيتكم التي نعتبرها قضيتنا ، ولكننا بنفس الوقت نرجو أن تعذرونا من الحضور البروتوكولي الذي لا لزوم حيوي لكم فيه …..، اعذرونا من توثيق سياسة الكيل بميزانين …..وجثث عشرات الألاف من أطفالنا وأبريائنا في غزة لم تبرد بعد من الارهاب الرسمي الحاضر معكم . أعذرونا في أن نحترم مشاعر شعوبنا ورغاباتها المعلنة والدفينة …والتي تنشد عدالتكم المفقودة إزاء قضايانا …