بداية وبين هلالين (أيها المواطن العربي إنتبه فأنت مسئول. إن كنت تبيع شرفك ودينك والأقصى ووطنك برغيف موعود ورضى عليك من العدو، فستلقى الأسوأ وخذ العبرة من شعوب مصر والاردن والسلطة الفلسطينية) وبعد،
المواطنون في القطر العربي عموماً خمس فئات، الأولى فئة من الملايين هي خلطة من الجهلة والمستضعفين وفقراء المعرفة والثقافة والوعي وفقراء المال والمحتاجين والعاطلين واصحاب المهن والمشاريع البسيطة . وهم مهيئون للتجاوب مع الضغوطات وما يقابلها من وعود ومغريات . والثانية خلطة من مئات الألاف اللامنتمين واللّامعنيين وقليلي الحس بالوطن والشأن العام ويغلب عليهم الخوف على انفسهم ومصالحهم، وهم جاهزون للإبتزاز والتسخير والترويج لصاحب السلطة وموزع الجاه.. وهاتان الفئتان مستهدفتان بالإستقطاب للتطبيع بالضغوطات الاقتصادية والمعيشية وبتعميق وتأزيم حالتهما لتلك الغاية، وما حالتهما إلا أرضية لما بعدها تتطلب مزيدا من الضغوطات عليهم .
وفئة ثالثة فيها الألاف من خلطة العملاء للصهيو أمريكي وللغربي المزروعين بالأجر في القطاعات والمؤسسات الأهلية والشعبية وشبه الرسمية بما فيه الإعلامية والثقافية، تعمل بالظل وبلون الحرباوات وازدواجية الخطاب، والأبواب لها مفتوحة من الأنظمة، وفئة رابعه فيها المئات من المزروعين في الجيش ومختلف المواقع الادارية والسياسية الحساسة، وهذه الفئة تتفعل عند وصولها… أما الفئة الخامسة فهي باقي الشعب من الملايين وعليهم يراهن العدو ويراهن الوطن معاً، وعليهم تُعَول نصرة عدالة القضية وفيهم الأمل بتوعيىة وحشد الفئتين الأولى والثانية وتعرية الثالثة والرابعة وإفشالهما . أما أنظمة الحكام العملاء فهي مرحلة استخدامية عابرة يؤسِّس بها العدو لمبتغاه في صنع الوضع النهائي المطلوب لأقطارنا كما سيلي في السياق.
فعندما تسعى الصهيونية لاستجلاب التطبيع مع أنظمة حكام هشة ومتغيرة فإنما تسعى أولاً لاستنهاض جرأة وتقبل الفئتين الأولى والثانية من الشعب للتطبيع ومغرياته، واستقطابهم، وتسعى ثانيا لتمهيد الطريق أمام الفئة الثالثة لتفعيل دورها بشكل أمن في نشر وتعزيز فكرة الاقليمية والبلد أولأ وفوائد التطبيع وعبثية القضية الفلسطينية وبأن في التخلي عنها ومصادقة الصهيونية حياة للدولة وشعبها.
نأتي للمهم وللغاية الأساسية من تطبيع الحكام ودور الفئة الرابعة وفكرة المقال وأقول .العدو الصهيو أمريكي يعلم تماما بهشاشة الأنظمة العربية العميلة كونها قائمة على حاكم واحد يتكفل بإخطائه وبتمرده وبضبطه وبحمايته وبتوجيهه وبتغييره، ويتكفل بمتابعة أجهزته والعاملين في نظامه وتأثيراتهم العكسية، فهي في الواقع ليست أنظمة عميلة بقدر ما هي حكام عملاء عابرون لا شرعية لهم سوى هذا العدو نفسه الذي يستغلهم للخدمة المرحلية . بينما هذا العدو الصهيو أمريكي يسعى للمرحلة النهائية التي تتطلب صنع أنظمة عميلة ممأسسة مستقرة بإدارة تسيير ذاتي غير قابلة للفشل ولا لاختراق وطني، لتُشكِل في النهاية من أقطارنا مستعمرات مريحة ومرتبطة به .وحيث أن إقامة مثل هذه الأنظمة المطلوبة لا يمكن أن يتحقق بدون حاضنة وقبول شعبي واسع، فإن المطلوب يصبح بالضرورة هو التطبيع الشعبي، وأرضيته هي الفئتين الأولى والثانية، وأداته الفاعلة هي الفئة الرابعة.
أما الملايين الحرة المتبقية كفئة خامسة، فهي محل الرهان المشترك بين الصهيو أمريكي من ناحية وبين الوطن والدين والقيم والتاريخ من ناحية أخرى . وما لم ينتصر ويفوز الصهيو أمريكي بهذه الفئة فلن ينجح بإقامة تلك الأنظمة العميلة الممأسسة والمستقرة في أقطارنا وتحويلها لمستعمرات سكانها عبيد في ألته بلا وطن ولا كرامة، وبتاريخ يصبح كذبة منسية.
أتكلم الان عن هذه الفئة الخامسة متخذاً إلأردن مثالا كأرض ودولة هي اليوم مستهدفة بشعبها . وبين هلالين أقول بالمناسبة ((. الأردن كنظام هو في المكان الأكثر حساسية وتأثيراً وحسما في ميزان الصراع، وفيه الكتلة الشعبية الحرجة للقضية نوعاً وكماً. والملاحظ أنه الأكثر والأعلى صوتاً من بين شاكلاته من الأنظمة ً في رفض السياسة الصهيو أمريكية واجراءاتها على الارض، ولكنه بنفس الوقت يحتل المرتبة الأولى والأوسع والأعمق بلا منازع في التطبيع بلا حدود . وبما يجعله شريكا، بينما دول الخليج على سبيل المثال فتتبع أسلوب الخسة والكفر المعلن وتجهد في نشر التطبيع بين شعوبها وتُسَخر عمائمها ووسائل اعلامها وثروات أمتنا على هذا الصعيد، وتطعن بعروبة فلسطين وإسلامية الأقصى . بل أن بعضها وصل به الغباء والحقد على العرب بأن يسعى للوساطة بين ايران وإسرائيل، وكأن لهذه الحثالة البشرية ثأراً عند العرب والاسلام، وعند الفلسطينيين والاردنيين الذين على أكتافهم وبأيديهم وعقولهم بنيت دويلاتهم .))
هذه الفئة الخامسة التي نراهن عليها فيها قسمان من النخب، القسم الأول طفا وما زال يطفو على السطح بحكم امتلاك أفراده للوجستيات المادية والمعنوية والحزبية وحب القيادة أو الظهور، وللفروق الفردية بشكل عام، وهذا القسم من النخب اختار العمل السياسي بموجب قانون النظام وشروطه، مما أدَّى به إلى حالة مستقرة في عمله وفي ردة فعله، فلا يتعداها مهما تعدى النظام وطور من سياسته السلبية، ومهما تمادى العدو الصهيوني بأفعاله، فأدوات هذا القسم وقدراته لم تتخطى الأساليب الصوتية والقلمية المستنسخة، وبها فقط يواجه عمليات وسياسة التطبيع دون عمق، ولا تفكر بالتغيير. وبقيت معزولة عن الشعب، والشعب منعزلاً عنها، إنها مستهلكة، فرهان الوطن عليها فاشل ورهان العدو عليها فاشل ونتيجة التعادل هذه هي لصالح العدو ما لم ينهض القسم الثاني من هذه الفئة ويُفَعلها .
أما القسم الثاني هذا، فمن جزأين، الأول يوجد فيه مخزون الشعب الثقافي والفكري والسياسي الحر ومخزون المضحين والناكرين لطموحات شخصية والرافضين لمهادنة الخيانة أو التعايش معها أو العمل السياسي في ظل قانون النظام، أما الجزء الثاني فتقبع فيه القوة المهمشة العريضة والواعية على اضطهادها واضطهاد قضيتها والتي تتناطح مع اليأس، إنها الأغلبية الصامتة وحديثها هو الانفجار في كل الاتجاهات وعصي على السيطرة. وأتكلم هنا عن الاردن بشكل خاص..
المؤتمر الوطني ونخبة الجزء الأول
رهان الوطن هو على الجزء الأول في أن ينهض في هذا الظرف السائبة فرسانه على التآمر والغدر بصمت، وأن يتداعى لتشكيل طليعة سياسية شعبية لهذه الفئة الخامسة من لوني الوطن الرئيسيين، تؤمن بتلازم الوطن والمواطنة لشعب واحد، تنشر الوعي بمصداقية الخطاب والتوجه وعلميته، وتهيئ لمؤتمر وطني بحجم الوطن وبكامل شروط نجاحه وعلى رأسها شموليته لكل الوانه برؤية واحدة وأجندة متماسكة، ليشكل مرجعية وطنية شعبية تفرض نفسها بمشروعها الوطني وبصلابتها . فنجاح المؤتمر يعني تفعيلا لإرادة الشعب، وفشله مطلوب للنظام وللعدو، فعلى أكتاف فشل هذه المؤتمرات تُعْدم الفكرة ويتعمق الإحباط عند لشعب وتتسيد الردة السياسية، وفيها طعنة في جسم الوطن ويأس مدمر . نحن لسنا في نفس ظروف وزمن عقد مؤتمر أم قيس سكانيا ووطنيا ولا سياسيا . نحن في مرحلة معقدة داخليا وخارجياً وعاتية، تحتاج لإعداد أخر أعمق وأشمل . وهذا لا يسعى اليه ولنجاحه إلا الرجال المؤهلين سياسيا ووطنيا والذين بينهم وبين العدو ومشروعه كسر عظم