إذا وقعت الحرب على ايران ستشكل المرحلة الثانية من استهداف التوازن بالمنطقه بعد العراق.. والثالثة في تركيا.. فسياسة التوازن الإقليمي الأمريكية تستثني منطقتنا لصالح اسرائيل.. هل نرى تفهما وموقفا تركيا مبكرا

ما زال الرجال أنفسهم عبر التاريخ هم من يقودون الدول ويصنعون الأحداث او يؤثرون فيها، فالسيرورة الديمقراطية ما زالت قاصرة وعاجزة عن تسليم الشعوب اوممثليها للسلطة واقعا، والتي بقيت الى حد كبير بيد رجل واحد، أو تقاسم واهم معه، وما زال ممكنا أن يكون هذا الرجل قبطانا وازنا، أوأهوجا.
ترمب جلبه النظام الديمقراطي ولا يلتزم بقراراته وسياساته الخارجية بمسار من سبقه من الرؤساء، ولم يستطع الدستور أن يتحداه، لقد أخضع السعودية بقوة امريكا وربط وجودها كنظام بشرط التنسيق والتحالف مع اسرائيل، فعلى ماذا قام التحالف او التفاهم السعودي الاسرائيلي ؟. هذا ما نتلمسه من سلوك زعامتي الكيان الاسرائيلي والسعودي وربطه بالسلوك الامريكي كصدى ومؤشر لرغبات واتفاق الكيانين .فلكل من الزعامتين اهتماماتها وأولوياتها.
السعوديه تريد بعد صون نظامها من السقوط اوالتغيير، زعامة الخليج واخضاعه لقرارها، واخضاع اليمن كأولوية لها في الجزيرة لخطورته عليها في حالة تفعيل امكانياته الاقتصادية والسكانية والجغرافية واصبح قويا بنظام سياسي حر اووطني او قومي .وتريد شرعية الزعامة الاسلامية والقرار الاسلامي، وتتنازل عما دون ذلك لاسرائيل .بمعنى انها تتخلى عن فلسطين والعروبة بالشكل والمضمون، وتتخلى عن فلسطين للقرار الاسرائيلي بالمضمون لا بالشكل.
ومن هنا جاء تخليها عن التورط المباشر بسوريا، وجاءت الازمة مع قطر وجاء الانقلاب على مشاركة العائلة الحاكمه للملك في الحكم وإنهاء نفوذها السياسي والاقتصادي في السعودية،، وجاء مؤخرا موقفها المتخاذل علنا من قرار ترمب بزيارة وفد البحرين لاسراييل التضامنية مع قرار ترمب، وفضيحة إدارة الظهر للقمة الاسلامية .
اما اسرائيل فأولوياتها تبدا بتعبيد ما تبقى من طرق لدول العرب والإقليم والمسلمين لابتلاع فلسطين، ثم تسيدها على الاقليم وصولا لعالمية الأهداف الصهيونية . وحيث ان الطريق للعرب أصبحت معبدة بلا شوكة واحده سيما بعدأن اسقطت من جانبها التزاماتها باتفاقية وادي عربه والقيادة الهاشمية، أصبحت الأولوية المباشرة لها هي ايران وامتداداتها بالمنطقة العربية كدوله قويه ومعاديه لاسرائيل ومنافسه لها .
فأسس وأولويات التحالف السعودي الاسرائيلي واضحه، والتعاون بينهما قائم،وأمريكا العضلات الخرقاء حاضرة ما دام “السيستم ” الأمريكي قائما وما دامت الصهيونية ولوبيا النفط والسلاح هم صناع القرار في امريكا، وترمب الرئيس الامريكي بصفته متخذ القرار محسوب على كل اطراف المثلث .
أقول هنا، بأن ترمب الذي كان قادرا على الانقلاب على حلفائه الأوروبيين والدوليين والعرب وعلى المعاهدات والاتفاقيات الدولية وعلى سياسة امريكا المستقرة من القضية الفلسطينية على الصعيدين الامريكي الداخلي، ومجلس الأمن وقراراته، بسلاسة أمريكية رسمية وشعبية، قد كان دافعه في كل هذا شخصيا وقائما على رغباته وحساباته الشخصية المرتبطة حصرا بنتنياهو كصديق وممثل للصهيونية بعيدا عن الاهتمام بالمحاذير على امريكا كدوله وشعب وقوة عظمى، وما يميزه عن غيره أنه صهيوني ربما تحول الى العقيدة اليهودية دون إعلان منه.
ولذلك نستطيع القول بأن من جُنَّ ورضخ لمطلب نتنياهوفي القدس على حساب مصداقية وهيبة وسمعة ومصالح دولة بحجم امريكا، لا يتوانى عن خوض حرب على ايران وامتداداتها رغم انها بكل المقاييس ليست من صالح امريكا . وعلينا عندما نراه يلوح بهذه الحرب على ايران أن نضع بحساباتنا بأنه لا يضع في حساباته الانعكاسات السلبية على العالم وعلى امريكا في ميزان الربح والخسارة بل في ميزان نتنياهو. وليس لنا أن نَحكم بالضرورة بأنه يمزح و يبتز ويهدد، ولا مجرد التغطية الإعلامية على حدث القدس بحدث أخر، كما علينا ان نعطي بعدا لقرارات بوتين الأخيرة في اليمن وسوريا على خلفية مفترضة من معرفة مفترضة له بالقادم.
ترمب يدعو لتشكيل تحالف ضد ايران من أجل غطاء دولي للعدوان ولن يحظى بأكثر من دول خليجية، وربما عربية أخرى والقليل من الدول الضعيفة البعيده، وستنضم اليه اسرائيل مضطرة عندما تُهاجَم . فالحرب إن وقعت، ووقوعها ضربا من الجنون واردا كمصلحة اسرائيلية – سعودية واهمه،ستكون امريكية بامتياز وتمويلها سعودي وجارياجمعه من خزينتها ومكتنزاتها ومن حملتها على ما اسمته بالفساد.
السؤال هو، هل ستدفع التداعيات والنتائج الخطيره المتوقعة لهذه الحرب المحتملة، والتي ستتجاوز أمريكا للعالم ورفاهه، الدول الأوروبية لتشكيل تحالف- غربي شمالي – سياسي، دبلوماسي استراتيجي لمنع وقوعها ؟ . نتوقع ذلك . فتداعيات هذه الحرب على امريكا واسرائيل إن وقعت فهي همهم ومشكلتهم، وهم من يحسبونها رغم انهم سيعتمدون على استخدام أحدث تكنولوجيا الحماية لانفسهم، إلا أن تداعياتها ستكون خطيرة على المنطقه العربية والخليج الذي سيطاله التغيير السياسي والجغرافي والمالي ثم سيصبح تحت الحماية الأمريكيه . وخطيرة جدا جدا على الاقتصاد العالمي ككل لما ستسببه هذه الحرب بعيدا عن قواعد الاشتباك، من احراق للنفط ووقف الانتاج والتصدير.
هذه الحرب إن وقعت ستكون كارثية على العرب وقضيتهم الفلسطينية، لأنها ستمثل المرحلة الثانية من استهداف التوازن العسكري والسياسي بالمنطقه باستهداف ايران، بعد انتهاء مرحلة القضاء على العراق التي أخلَّت كثيرا بالميزان وسرَّعت بالاجهاز على العرب . وعلى تركيا أن تعلم بأن الحرب على ايران هي بوابة الحرب عليها . فسياسة امريكا التقليدية بالإبقاء على التوازنات الإقليمية لها استثناء في الشرق الأوسط لصالح اسرائيل وقد حان زمانها . وسياسة الأحلاف انتهت مع وارسو والأطلسي، وحل محلها سياسة التحالفات المرحليه، فهل نرى تفهما وموقفا تركيا مبكرا ومسئولا؟
كاتب عربي

Leave a Reply