من الواضح أن هناك استهدافا قد تبلورا مؤخرا باتجاه تجمعات بريئة لإخوتنا من أصحاب المذهب الشيعي خارج العراق. وصحيح أننا لا نستطيع فصل ذلك عن تداعيات ما نشهده من استهداف ارهابي مستمر وقاس لأهل السنة في العراق، ولا عن مجمل صورة وهدف الارهاب في المنطقه ورعاته . لكن هناك نقطتين هامتين بشأن هذا الفعل لا أرهما جدليتين . الأؤلى أنه ليس هادفا إلى اثارة الفتنة بين أصحاب المذهبين بقدر ما هو بحد ذاته يشكل مظهرا من مظاهر الفتنه ، بمعنى أنه نتيجة وليس سببا وأن لفتنة قد ابتدأت . أما الثانيه فهي أن التفسير المبسط والسطحي لهذا الفعل هو وضعه في سياق فعل وردة فعل من نوعه ، في حين أن التفسير الصحيح يتجاوز هدف التسويق للعمل الارهابي العام في منطقتنا إلى التغطيه على كون الحدث بحد ذاته يشكل تطورا جديدا في مجمل اللعبه . فهذا العمل ليس مرتبطا هذه المرة بالمنفذين وحاضناتهم ولا هو عمل ارهابي مسيس من قبلهم ، بل عمل مرتبط بنتائج وأهداف المخططين وخططهم . ونحن نعلم أن من يخطط لتلك االحرب في المنطقة بهذا الحجم وهذه النوعية او يقف وراءها هم سياسيون في الأساس يضطلعون بعمل استراتيجي .
وإذا كانت سياسة المخططين ابتداء في العراق عربا و عجما سياسة استراتيجية ، فذلك إن خرج عن دائرة العمالة فهو غباء سياسي وجهل بالواقع على الارض . لأن اللعبة وإن كانت لعبتهم فإن أدواتها ليست في صالحهم والملعب عندما يتوسع لن يعود ملعبهم ولا هم فائزون إلا بالخسارة وارتداد الرمح لنحورهم . وإن كانت سياسة تكتيكية وراؤها العقلية الصهيو أمريكية ، فهي سياسة طبيعية لهم لا يصنعها إلا الشياطين ، وإن تحالف الشياطين مع الأغبياء والحاقدين ينتج في المحصلة عملا فاشلا . ولكن الأخطر في الأمر ، هو أن يخرج هذا النوع من الارهاب عن نطاق الحرب بالوكالة الى حرب فوضوية ومباشرة تتوسع بين أبناء الأمة من الطائفتين . وهو هدف استراتيجي صعب للمخططين الاقليميين والدوليين .وإن تحقق هذا فسيكون الحدث الأول من نوعه في التاريخ الاسلامي ، والأعمق جرحا في جسد الأمة العربية .
إن ما شهدناه مؤخرا من تفجيرات لتجمعات شيعية في اليمن والسعودية والكويت وغيرها هو منتج لتعبئة نفسية وثقافية ، وهيجان للعامة أمام ما يرونه ويسمعونه ويعيشونه ، وبالتالي انجرار وراء ما يتوخاه رعاة الارهاب الدوليين والإقليميين على الجانبين السني والشيعي . وهو أمر مختلف وخطير جدا . حيث ان استهداف الأجنبي لأوطاننا ومقدراتنا وقرارنا يجيء هذه المرة من خلال وسيلة لعينة . وهي بث الفرقة والعداء والتعصب والدم والثأر والحقد بين عامة العرب والناس من أصحاب المذهبين وعلى خلفيتهما وعلى مساحة العالم العربي وخارجه ، فالقضية التي امامنا اليوم أخذت تتجاوز في نطاقها المنظمات الارهابية المسيسة ذات الطابع الشيعي والطابع السني ومتعلقاتهما المادية والروحية ، إنها تتوسع لتدخل في نفوس وثقافة أتباع المذهبين ليدخلوا اللعبة ويصبح عنوانها تدمير الذات ، .وإن مر هذا الفصل من المؤامرة فسيبقى أثره لقرون قادمة .
لقد ابتدأ المشهد بخلق اختلافات عقدية عميقة تثير الفتنة في الدين وبين الناس تجاوزت فتاوى الدواعش الشيطانية ، جهلة كانوا او مسيسين ، وتجاوزت بث الشائعات الهدامة في الصحف عن فتاوى يصدرها علماء من السنة . تجاوزتها إلى تجييش عشرات المحطات الفضائية الايرانية في العراق وسوريا ولبنان واليمن ومناطق أخرى يبث فيها المعممون من البدع والفتاوى والتفسيرات ما يطعن أصول العقيدة الواحدة ويفقدها جوهرها ، . يتناقلها السنة خاصة والشيعة ، كل لمأربه (على الوتس أب ) . وهي بالتأكيد بعيدة كل البعد عن المذهب الشيعي وعلمائه الكرام لا سيما الجعفري السائد في العراق .وكأن الهدف يتخطى تشويه الدين الاسلامي وثقافته بين شعوب العالم ، الى الفصل عقديا بين المذهبين من خلال خلق ما يشبه عقيدة جديدة تنقسم وتتقاتل الأمة على خلفيتها . ….. ثم استؤنف المشهد لنرى في المذهبين عسكرة لجبهتين تعملان بالوكالة لتنفيذ أجندات أجنبية حتى وصل الأمر في العراق الى مستوى التطهير الطائفي ونكران المواطنية في مشهد مؤثر للغاية …..قاد لمشهد جديد نرى بوادره في سياسة التكفير ينتهجها عامة الناس هذه المرة من اتباع المذهبين . وبما يعني انجرار الأمة العربية لا قادتها الى سياسة التهلكة وتدمير الذات التي يخطط لها الأجنبي
يذكرنا التاريخ أننا حين سلمنا أنفسنا والأمانة للغير وحملنا أجنداته نخر السوس أرض الأمة وجسدها واستعبد الأجنبي حكامها وحملهم مشروعه وجعل الخلفاء وكلاء له يسحلهم في الشوارع ساعة شاء…. وما كان للصليبين أن يشنوا حملاتهم على بلادنا ويستبيحوا وطننا ومقدساتنا لو كنا أسيادا وكانت دولتنا أو دويلاتنا حرة . ولا كان لهم أن يحتلوا القدس من الدولة الفاطمية لو لم تكن مذهبية العنوان تعيش في خضم النزاعات على كرسي الحكم وتتصارع مع شقيقاتها الدويلات ….. ولنتذكر أربعماية عام من استعمار الاتراك لنا باسم الدين ما زلنا نعاني من تداعياته ، لكنا في كل الحالات بقينا إخوانا ولم يشهد المر من تاريخنا فرقة أو اضطهادا مذهبيا بين أتباع مذاهبنا ، فكان الشعب العربي والمسلم بكافة مذاهبه في كافة الأصقاع خارج اللعبة وعلى قلب واحد وهم واحد ، وهو ضمانة المستقبل وبذرة النهوض من جديد حين ينزل الغيث ،
، أن تركيا وايران قوتان اقليميتان تعلمان أن الدول العربية محطمة ، ومن لم يحطم من جيوشها يجري تحطيمه . وتعلمان بأن اسرائيل في عقد تأمين شامل مع امريكا. ومهما علت المزايدات فليست هي هدفهم ، فالأهداف الصادقة تبنى على أسس . ونحن المستضعفين ومن نسيل لعاب جيراننا كلهم ، وكلهم يلعبون سياسة لا دينا . أما تركيا فعلى أجندتها بند واحد رئيسي يشكل أولويتها ويوجه سياستها في كل ما يجري في المنطقة ، هو الأكراد . وليست داعش ولا العرب على اجندتها. والأكراد سنة ، وهو ما يؤكد أن الاجندات في المنطقه هي سياسية لا مذهبية . أما ايران فإنها على خلاف ليس استراتيجيا مع الغرب ، واستلمت العراق من امريكا وتدعي به على خلفية تاريخية ، وغارقة في تجييش الشيعة العرب في بلدانهم العربية بالمال والسلاح تحت غطاء التعصب المذهبي ونجحت في ذلك مستغلة الظرف العربي والفوضى العارمه في المنطقة ، وخلقت قيادات في دولنا تحت امرتها من بين اخوتنا الشيعة موهمة إياها بالسلطة والمال ،لحمل أجندتها القومية ، ومن منتوجاتها القضاء على ما تبقى من قوة للعرب وتشريد ملايين السوريين والعراقيين واليمنيين من أهل السنة
إخوتنا الشيعة ، إنكم قلة مذهبية أمام المذهب السني على المستويين العربي والاسلامي ، ودرجنا نحن السنة على إكبار مذهبكم والافتخار بكم . وأهل السنة اليوم اقلية أمامكم في العراق ولا ينازعونكم في السلطة . فإذا كان المراد تثبيت حكمكم وقوتكم واستقراركم كعرب عراقيين وسادة في ارضكم وقراركم ، فهذا لا يكون الا بأخذ عبرة من التاريخ ونبذ اجندات الأخرين ، وبحماية اخوتكم السنة لا بذبحهم ولا بتشريدهم . وإذا انجريتم لمخطط أجنبي زين لكم أصحابه حكم الأكثرية الساحقة من اخوتكم السنة في بلاد العرب فهذا ما لا تقبلونه . وإن قبلتموه فقد قبلتم الوقوع في الفخ . فلن تستطيعوا تحقيقه ومعكم امريكا وايران . ولكنكم تستطيعون بدعمهم تحقيق هدفهم بتشغيل آلة القتل والدمار في بلداننا العربية لتصبحوا ضحيتها والخاسر الأكبر معنا ، وتصبحوا خنجرا مسموما في خاصرة امتكم العربية. ولن ينجو حكامكم من السحل على يد الأجنبي . ويبقى الأخطر في هذا هو الشرخ الكبير في أخوة الوطن والحقد بين طائفتينا سيفتح جبهة استهداف وقتال أعمى بيننا على متداد العالم نشرعن فيها ابتداء ونسمن عمل المنظمات الارهابية ونصبح أداة لها .
إن مذاهبنا دينية لا سياسية . ونحن صناعها ومعلموها والمحافظون عليها ، نتحابب بها ونثري فهمنا لعقيدتنا ولا نصنع منها دينا جديدا ولا مواقف سياسية . .وإن الله كرم العرب برسوله العربي ، وبلسانهم أنزل كتابه وخاطب الإنسان . . فدعوا خونة الامة والدين وعملاء الاجانب من المسئولين وابقوا بعيدين عن اللعبة ولا تكونوا شركاء فيها تحرقوا أنفسكم معهم في أتونها . وضعوا أيديكم بيد إخوانكم من السنة في مواجهة الإرهابيين ورعاتهم .