اجتماع ترمب- نتياهو.. إعلان للوطن البديل والكلمة لنا

من البديهي أن يعلم ألاردنيون والفلسطينيون بأن دفن حل الدولتين يعني الوطن البديل. وأن اثارة مسألة حلول اخرى ومنها الدوله الواحده أو دولة غزة وسينا ما هو الا عرض أمام العرب والعالم لكل الخيارات المستحيلة لإسقاط امكانيتها أمام الخيار الاردني، وأن ذلك هو بمثابة اعلان موت حقيقي لحل الدولتين. وإعلان موته يعني ترك الأمور على الارض لتحدد موقع الدولة الفلسطينية. فليس هناك من حلول اخرى ولا يعقل أن تقبل اسرائيل بالدولة الواحدة حتى لوكانت دولة أبارتايد جنوب افريقيا. فكل الظروف أصبحت مواتية لاسرائيل لاقامة الدولة اليهودية على كل فلسطين.

الوطن البديل ليست مزحة، بل متطلبا صهيونيا أساسيا نشأ من تناقض ثابتين قائمين. الأول هو حتمية وجود الكيان السياسي المؤهل لاستيعاب كل مكونات القضية الفلسطينية كمتطلب حيوي وأمني وسياسي لأمريكا واسرائيل والعالم. والثاني، أن اقامة هذا الكيان المطلوب على اي بقعة بين البحر والنهر يعني لاسرائيل تخليها عن المشروع الصهيوني بحده الأدنى وهو خط أحمر يمثل تهديدا لوجودها.

ومن هنا فإن عدم قيام الدولة الفلسطينية في فلسطين لا يعني تخلي امريكا والصهيونية عن اقامتها، بل السعي لاقامتها بشكل ما ومكان ما، لأن الهدف ليس تمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في تقرير مصيره بل تحقيق المشروع الصهويني على ارضه في اطار آمن واستقرار اقليمي، ولا مكان مطروح غير الاردن كمكان تعتبره اسرائيل كما اعتبره العالم يوما جزءا من جغرافيا فلسطين، علاوة على أنه المكان الملائم ديمغرافيا.

فلم تكن فكرة الوطن البديل يوما خيارا يطرح علينا لنقبله أو لنرفضه بتصريح وينتهي الأمر، ولا فزاعة كما دأب البعض على وصفها واقناع صاحب القرار لإبقاء الحال على حاله. ولن تنفع القوة ولا السياسة في منع تنفيذها عندما تُستوفى شروطها. إنه مشروع صهيوني معلن لم يتوقف تنفيذه على الارض يوما ولم تتوقف طبطبتنا عليه. وإسرائيل “حربة الصهيونية ” تسعى لجعله الخيار الوحيد أمامنا من خلال خلق الظروف المادية على الارضين الفلسطينية والأردنية ، وكذلك السياسية في الفضاءات العربية والاقليمية والدولية . حيث من شأن هذه الظروف إذا ما تحققت ، وقد تحققت تقريبا ، أن تجعلنا عاجزين عن مواجهته .

إن رفضنا الصادق والجاد لهذا المشروع الصهيوني وإفشاله لايكون بانكاره واستنكاره ولا بمجرد الكلام عندما ينوب عن الفعل . بل بالمواجهه السياسية الساخنه بكل أسلحتها التي نمتلكها . كأردنيين وفلسطينيين على مذبح التصدي لكل المعطيات المادية التي ترسخها اسرائيل على الأرض الفلسطينية . فالسكوت والمرور تباعا عن بناء الجدار والمستوطنات وتغيير ديمغرافيا وجغرافيا الضفة الفلسطينية والقدس ، وعن القتل والتهجير والتصريحات الاسرائيلية ومقابلتها بسياسات الهراء والذهاب للمفاوضات لا يتفق مع مصداقية رفض المشروع الصهيوني بل يتفق مع تعزيزه وتمريره .*

لقد كان المسئولون الاردنيون والفلسطينيون يعلمون بأن حل الدولتين كانت تتقطع أوصاله مع كل ممارسة اسرائيلية على الارض الفلسطينية قضمت من امكانية قيام دولة فلسطينية ، وكانوا يتابعون الممارسات ويتعايشون معها / وتابعوا اسرائيل وهي ترفض مستحقات اوسلو وخارطة الطريق وتفاهمات انابوليس وتبخر الرباعية الدولية ، بما لكل ذلك من معان ولسكوتنا من معان متوافقة معها .*

المشكله ليست في ترمب . جاهل أو متجاهل من كان يتوقع بأن عطفا امريكيا سينزل علينا في المحصله لحماية مصالحنا وكياننا السياسي على حساب ثوابت السياسة الامريكية العقدية والاستراتيجية مع اسرائيل ومطامعها ونحن نرى امريكا قد وقفت مع اسرائيل في كل الممارسات التي تعزز الاحتلال وتهود الأرض . *

المنطق يقول أن الكيان السياسي الاردني والقضية الفلسطينية هما المستهدفان في المؤامره وهو أمر يقتضي تحالفا اردنيا فلسطينيا سياسيا بنهج جديد لا يسقط خيار المقاومة في الوقت الخطأ . لكن ثقل المؤامرة وعمقها هو على القضية الفلسطينية ، وشعبها منقسم على نفسه ، والحديث في هذا تطول مقدمته وقد تصبح هي الكتاب . فماذا عن الاردن وما عساه فاعلا فعلا .*

من الحكمة ان يخرج الاردن من حالة الانكار للواقع، ويتوقف عن وضع كل بيضه في سلة واحدة أمام الثوابت الامريكية والصهيونية ، وأن يبحث عن خيارات وسياسات أخرى لإفشال المخطط الصهيوني وهي كثيره وقد ضمنتها بإسهاب في كتابي “الشمس فوق الاردن ” . ولكنها تستلزم وتقوم على نهج سياسي جديد على الصعيدين الخارجي والداخلي .*

وإن استمرار احجامنا عن وضع خطط وسيناريوهات مختلفة في مواجهة السيناريوهات الاسرائيلية الامريكية هي جريمة سياسية بحق الوطن والشعب . لقد استطاع الملك حسين أن يصنع من الجبهة الداخلية المتماسكة وسيلة فرض بها نفسه والأردن على الخارطه السياسية الدوليه . واليوم نحن في مهب الريح وحان لنا أن نَحكم أنفسنا ويحكمنا قرارنا الوطني بدءا بالإنقلاب على كل الضغوطات الاقتصادية الممنهجه دوليا على الدولة والمواطن كخطوة أولى لبناء جبهة داخلية متماسكة مع الدوله