احتلال فلسطين لم يكن يوما هدفا للصهيونية بل كوشان تمليك لها من حكام العرب تحديدا.. واستقلال دولنا ونهضتها رهينة متآكله فديتها اسقاط المشروع الصهيوني في فلسطين

قال الأب لمدير مركز الشرطة، لماذا تحتجزون ولدي وهومقعد ولم يقترف ذنبا، فرد عليه المدير، ولدك أفسد الشرطه . جيل من حكام العرب متهم بافساد حكام العالم وتشجيعهم على زبل القانون الدولي وتهزيء القيم السياسية الراسخه وفكرة الدوله بكل ما له مساس في المنطقة العربية وصولا للعالميه، منظومات عريقة اصبحت ترتبك ذهولا على الطاولة عندما لا تسمع من أندادها المفترضين سوى عبارة مفادها “هات من الأخر، وخذ”. الشرق والغرب اختزل الشعوب العربية تماما وبات يتنافس على جر هؤلاء الحكام، والعالم في الواقع كله يُجر بحبل الصهيونية الى فخها، فاذا اصطادت فتلك جهنم لمنظومة القيم البشرية وقوانينها . إن هؤلاء الحكام الذين يتصورهم البعض فاقدين للنضج وللحس الوطني والقومي والأممي، يشكلون أنظمة تَفرض نفسها ناطقة باسم الشعوب العربية وقضاياها، وهم ضالة المشروع الصهيوني في فلسطين والمنطقة والعالم.
ومن تبسيط الأمور والتضليل أن نعتبر هذا المشرع الصهيوني مجرد مشروع استعماري او احتلالي لفلسطين فحسب. بل هو مشروع يهز كيان القيم البشرية في فكرة الأوطان وما استقرت عليه شرائع الانسان كأساس للاستقرار العالمي، ويبدو أن هذا الجيل من الحكام العرب يُسخِّر نفسه اليوم لتمرير المرحلة الأصعب للمشروع بتحويل المحتلين لفلسطين الى مالكين لها . وهذا هو مضرب الخنجر الصهيوني وطريقه للمنطقه والعالم . فنتائج فعلة حكامنا إن نجحت فلن تتوقف عند فلسطين والامة، بل بها يفسدون العالم ومنجزاته الاخلاقية والقانونية والسياسية على مذبح المشروع الصهيوني.
الأمة تنزف، لكن هذا ليس الهدف الأسمى للصهيونية، ولا الاحتلال هدفها الاسمى، ولا سيطرتها واخضاعها للدول العربية منتهاها . ولا اقامة دعواها في فلسطين على أساس وعد زائف عاد مقنعا لها، حتى لو كان هذا الوعد حقيقيا وكانوا من احفاد اليهود القدامى او من بني اسرئيل ، فهم يعرفون أن الادعاء الديني لا يشكل سندا للملكية أو السيادة . فكيف اذا كانوا يعرفون بأنهم غرباء ومن احفاد متهودي مملكة الخزر التي قضى عليها الروس بالتحالف مع البيزنطيين وازالوها من الخارطة في القرن الثالث عشر ميلادي، ويعرفون بأن هناك 324 وثيقه ومخطوطه بمختلف اللغات موجودة في مكتبة نيويورك توثق أصولهم وتاريخهم، ولا يوجد اطلاقا اي عالم او تاريخي او اثاري او باحث يقول بغير ذلك.
فالصهيونية تعلم بأن الاحتلال لم ينجح عبر التاريخ في صنع وطن وإن طال قرونا، انها تبحث مع رعاعها من متهودي الخزر عن وطن ، تماما كما كان هدف اليهود القدامى هو البحث عن وطن مشترك لهم كونهم كانوا من اصول لا تخرج عن نظريتين أذكرهما باختصار لأفسر كيف كانوا بلا وطن وللربط في هذا المقال . الأولى انهم من الهيكسوس الذين خرجوا سلما باسلحتهم وممتلكاتهم من مصر بعد ان حكموها كأغراب لأربعة قرون، ومعهم خليط من الفارين من جماعة اخناتون الموحدة لقرص الشمس كخالق لكل شيء، ودخلوا فلسطين في طريق عودتهم خوفا من بطش الأشوريين . اما ا الثانية فهي انهم من جماعات تاريخيه تدعى العبيرو اوالهبيرو تشكلت من افراد انسلخوا عن قبائلهم المختلفة وكانت تعيش بالصحاري وعلى اطراف المدن وتعتاش على قطع الطريق او الاغارة على المدن ويبع افرادها لانفسهم عبيدا او العمل مرتزقة في الجيوش وقصة يوسف التوراتية تؤكد هذه النظرية، ولاستيطانهم بفلسطين قصه).
فاليهود القدامى ومتهودوا الخزرالجدد تجمعهم فكرة البحث عن وطن وتاريخ مشتركين=، لكن متهودي الخزر أصبحوا أمام فشل تجربة فكرة تمليك الآلهات لأوطان الغير باستخدام المذابح التي جاء بها اليهود القدامى،وأمام علمهم بأن الاحتلال لا يصنع وطنا فقد سعت قيادتهم اليه كموطئ قدم حين تلاقت مصلحتها مع مصالح حكام اوروبا في إيجاد مخرج لصراع دام قرونا بين الاروبيين ومتهودي الخزر اثر تفكيك دولتهم وتحولها لدول مسيحية وتحولهم فيها الى رعايا. وكان هذا المخرج هو في التحالف على تسويق كذبة صهيونية كبرى تسوغ لهؤلاء الخزريين الوصول لفلسطين، وهي أنهم من أحفاد ابراهم وبني اسرائيل واصحاب الوعد في فلسطين فكان ما كان.
وعليه فإن الهدف الصهيوني الأسمى هو امتلاك وطن معترف بملكيته، وليس استعمار او احتلال وطن، وهذا الهدف لا يتحقق بالقوة بل بالتراضي المنتهي باعتراف أصحاب الارض بتلك الملكية وهذا يبدو مستحيلا في الحالة الفلسطينية، ومن هنا كان الخيار الصهيوني منذ البدايات هو اللجوء الى طرق التفافية لتملك فلسطين تلغي فيها الهوية الفلسطينيية والاردنية وتعطي العهدة لحكام يصنعونهم او يروضونهم من خلال سياسة على مراحل لكل منها أهدافها وابطالها ومتعاونيها المؤهلين للدور . فشكلت نهجا لتحقيق الهدف كأولوية هي أم الأولويات الصهيونية وبداية لانطلاق مشروعها الكبير في بلادنا، ثم الأكبر وفقا لبروتوكولات حكماء صهيون .. ومن قراءة المشهد الحالي نجد فيه الجولة المصممة للقبلة القاضية باستخدام هؤلاء الحكام.
وفي مرحلة القُبلة الأخيره أقول لأصحاب الدور من حكام الدول العربية المعنية من تلك التي لا حدود لها مع فلسطين أو تبعد آلاف الاميال، وتلك التي ازدادت عشقا وصنعت حدودا لها مع فلسطين، أن عليها أن تعلم بأن مجرد اقامتها علاقات مع الكيان المحتل وليس الاعتراف به هو عمل لا مسوغ نظيف له ولا تفسير . وإن اعترافها بالكيان أو تعاونها وتحالفها معه لا يتساوى بأسبابه وبنتائجه مع تعاون وتحالف دولة غير عربية مع هذا الكيان، ولا يتساوي مع المعاهدات المشؤومة الثلاث، ولا هو من حقها، ولا سياق له سوى السياق التآمر على وطن هو روح الأمه وقبلتها الأولى .، بل هو عمل عدائي unprovocative على فلسطين وعلى كل عربي ومسلم وعلى كل شبر من الوطن العربي لما سيؤدي اليه من استغلال صهيوني لتزوير ارادة الشعب الفلسطيني، ولما ينطوي عليه من تسويق لاعتراف عربي واهم بسيادة وملكية اسرائيل لفلسطين، ومن استحقاقات قاتلة على حقوق الشعب الفلسطيني في وطنه، كما على الصهيونية الاسرائيلية أن تفهم بأن الشعب الفلسطيني متجذر بوطنه، في صدره عقيدة لا تقاوم، وخلفه كل الشعوب العربية والعالم الحر والرافض، وأن أدوار خونة الشعوب ما أقامت يوما حقوقا.
وإذا خاطبنا أنفسنا في ضوء تاريخ الصهيونية معنا وما يؤكده الواقع على الارض اليوم ، فالشعب الفلسطيني هو في ورطة نوعية مع حكام العرب تضعه أمام تحد ربما هوالأكبر، فكيف السبيل للخروج منها . وفي هذا اقول أن الصهيونية ومعسكرها يعلمون بأن الشعوب هي صاحبة الملكية والسيادة على اوطانها وليس من توكيل حقيقي اومفترض ينطوي على حق التنازل عن هذه الاوطان، وأن هذا المبدأ يتجلى في الشعب الفلسطيني كصاحب وطن محتل عجزوا مع غيرهم تماما عن الغاء هويتة الوطنية، تسقط مع هذا الوكالات وتنتقل الشرعية للمقاومه.. ومن هذا الوضع الايجابي فإن الشعب الفلسطيني هو الرقم الصعب والمستعصي على كل عدو خارجي او داخلي والمراهنة هي عليه، فالصهيونية ستمضي مع ولاتها متناسية الشعب الفلسطيني، ودون اعتبار لشعوب العرب بعد أن دجنوها وافقدوها اعتباراتها القانونية والسياسية ، ولم يعد لها اولوية تفوق أسباب عيشها أو مشردة تبحث عن مأوى او تحت القصف تبحث عن ملجأ.
الأمل والفعل اليوم معقود على الشعب الفلسطيني لسحب بساط الصهيونية من تحت أقدام المتطفلين على قراره او الملتفين على حقوقه والمأجورين عليها ، فهو صاحب الولاية على وطنه وقراره واقدر الشعوب العربية على الحركه وعلى فرض ارادته .، فتحجيم دور حكام العرب المعنيين وتحييدهم يأتي من فلسطين . وحجم المؤامرة مع موت كل الخيارات السياسية الدولية والعربية واستبدالها بصفقات تستغل الوضع العربي كاف لتبني الشعب الفلسطيني كله ومؤسساته خيار المقامه من جديد..
قدر الشعب الفلسطيني الذي لم تلوث عروبته القطرنة السايكوسبيكيه أن يكون رأس الحربه والأكثر معاناة في وطن محتل مباشرة، ولهذا كان أكثر العرب تعلقا بالوطن وتضحية وانخراطا في الهم العربي . وقدر الشعب العربي أن يبقى مستعمرا بالوكالة في أقطاره شرطا لحماية وتكريس احتلال فلسطين وشرعنته،ولسلامة مسيرة المشروع الصهيوني . فالشعب العربي بالمنطق لن يستقل ولن ينهض ولا تقوم قائمة لدولة عربية ما لم يفشل المشروع الصهيوني ويسقط في فلسطين تحديدا . فهذا وحده بوابة العرب للاستقلال أو لمقبرة التاريخ . فليكن الشعب العربي هو الحربة الفلسطينية في كل مكان، إنها معركته الحقيقية والمصيريه التي انحرف عنها في غمرة ووهم القطرنه والشعار الزائف والهدام ( البلد أولا) والذي حول معركتنا مع الصهيونية الى حربنا معها على انفسنا لا سيما من خلال مسرحية الحرب على الارهاب .
كاتب وباحث عربي

Leave a Reply