الأردني والوسيله

طور الاردنيون لأنفسهم وسيلة لحماية أنفسهم وحقوقهم أو مصالحهم من واقع قانون الطبيعة وكيمياء الجسم تحت نداء الحاجه . حتى أصبح البعض من القلة يستعملون هذه الوسيلة حين رغبتهم بارتكاب مخالفة قانونية او الاعتداء على الحق العام .. طوروا هذه الوسيلة من واقع فقدان الثقه بقدرة المؤسسات والقانون على حمايتهم وانصافهم أو تحقيق العدالة لهم في كل الظروف، ومن واقع وجود من هم فوق القانون وعندما تتحول هذه القوانين الى سلاح انتقائي يستخدمه المعني متى شاء وكيفما شاء وبحق أو لحق من يشاء . ويتجاهله متى شاء ليصبح مجرد ديكور . وربما هكذا أريد للأردنيين أن يفهموا ويقتنعوا ، في دولة يتمكن فيها مشغل الوظيفة العامة من تحويلها الى مصدر قوة شخصية . وليقتنع المواطن بالتالي بأنه فاقد لاعتباراته النفسية والمعنوية والقانونية والسياسية .

أما هذه الوسيله التي طورها الاردني لنفسه فهي الاحتماء والتسلح باسم أو بصورة الملك أو بإهزوجة ملكية من مذياع أو بعلم أو يافطة يرفعها أو باقتباس عبارة ملكية تفيد بمحبته وتمجيده للملك ، إنها وسيلة يؤكد من خلالها هذا المواطن انتماءه للملك ظاهريا متوخيا من الأخرين ومن منفذي القانون أن يبتعدوا عن طريقه ويعطوه حقوقه لا يمسوا مصالحه المشروعه ، تحت طائلة تولد الشك في وطنيتهم وانتمائم واهتزاز كرسيهم . في حين أن ما يتوخاه هذا المواطن في الحقيقة الكامنة في عقله الباطن ووجدانه من هذه الوسيلة ، هو التأكيد على مواطنيته التي يشعر بفقدانها ، مقتنعا أنه يعيش في دولة الطبقة وخارج السلوك المدني

كلنا يتفهم هذا الاسلوب عندما يلجأ اليه عامة الناس رغم دلالاته المحبطه ، على أن لا يتطور في النفوس والعقول وعلى الأرض ، ففي غياب المؤسسية المهيمنة على الجميع بقوة القانون وغياب المسئول الممارس لمسئوليته الدستورية يلجأ المستضعفون وأصحاب الحقوق الى الملك كونه خارج معادلة التنافس والتغيير . فالستضعفون والمظلومون يلجأون هنا للملك بدل القانون حين لا يجدوه . أتفهم لجوءهم لهذا الأسلوب كما تفهمه عمر ابن الخطاب عندما ألغى حدا في أحد الأعوام، وكما أن الضرورات تبيح الحمظورات ، و أفترض هنا أن الضرورات يحددها صاحبها أكثر من غيره .
لكن الأمر الخطير والذي لن أتفهمه ولا يجب السكوت عنه أو استمراره ، هو أن المسئولين الكبار والمتنفذين عندما شاهدوا نجاعة استخدام هذه الوسيلة من قبل المواطن العادي ، قاموا بتطوير هذه الوسيلة لمقاسهم وتبنوها كآلية تلائم استخداماتهم هم وحاجاتهم الخاصة وتمرير مآربهم على حساب أمانة المسئولية وقوت ومصالح المواطن ووطنه . فالمسئول في الاردن( بدءا بمنصب رئيس الوزراء ) الذي يعرف ويدرك ما يعرفه المواطن من ديكورية المؤسسات والقوانين وعدم الجدية في القول والعمل ، ومن سياسة المتاجرة بالشعارات وحبك احبال التسلقية والوصولية ، قام ويقوم هذا المسئول وهو يدرك هذا الواقع في بلدنا بتحميل الشعب والفقراء منه ، ثمن البقاء في كرسيه وتعزيز فحولته حتى لا أقول عكسها ، فاستبدل خدمة مسئولياته الدستورية والوظيفية بخدمة نفسه . و أصبح يستغل ويستخدم اسم الملك ورغبات الملك كما يتوقعها هو بطريقة أصبحت معها المأساة التي يعيشها العمل العام أكثر جلاء وأكثر إيلاما على صدور الناس . بل وممأسسة عرفا. والعرف له قوة في القانون .

متى ننتهي يا مسئول من عبارات …. كما قال جلالة الملك …تحقيقا لرؤية جلالة الملك …..تنفيذا لتوجيهات جلالة الملك . ……أين واجباتك الوظيفية وصلاحياتك القانونية والدستوريه ؟ أين خطة عملك ووصفك الوظيفي ؟ هللا تثق بنفسك ؟ أم تخشى العمل لوطنك بدافع ذاتي وتريد تجييره للملك لتعزيز موقعك ؟ أين قرارك ؟ ألست عارفا لعملك ولكل هذا، حتى تنتظر تلقى التعليمات بشأنها من الملك أو حتى الادعاء بتلقيها ؟ .أنت تعلم بأن الملك ليس بديلا عن القانون وغير مختص بكل شيء واختصاصاته الدستورية واضحة بل هو معفي من المسئولية وأنت أنت المسئول . إن الملك على الأغلب لا يسمعك وأنت تتحدث . وإن سمعك فلا يصدقك وقد لا ينقل له سامعك ما تقوله . نعم فشلنا في صنع مسئولين يكبرون مع كبر الوظيفة . انك تعبر عن حالة الضياع التي نعيشها وتعيشها مؤسسات الدولة وتكرس ذلك ، كما تعبر عن فشل الدولة في احترام غاية المشرع من القانون . تماما كما تعبر عن نجاح الدولة في صنع مشايخ ومسئولين انتفخوا وينتفخون بمسماهم وبوظيفتهم فحسب
نعم ، يا مسئول أتفق معك بأن الدولة محتكرة ، ومؤسساتها ديكورا لمكوناتها ، وأفهم أنك قبلت أن تكون موظفا لغير وظيفتك . وأنك لا تستطيع إبداء رأي في السياسة ومصير الوطن ، وتستمر في عملك وبتنفيذ المطلوب فهذا شأنك وشأن التاريخ ، وإنك لا تستطيع سد منافذ الفساد أو مواجهة الفاسدين ، ولا تستطيع سحق ودفن مؤسسات مكلفة خلقت للمحاسيب فسادا مقننا تستهلك الملايين ولا تعود علينا بفلس . وقد لا تستطيع وقف سيل القوانين الهادفة لفساد سياسي ومالي وغيرها الكثير
لكن لا أتفق معك حين أذكرك بأن لديك هامشا من الحرية في اتخاذ بعض القرارات الادارية . وأن باستطاعتك أن ترفع الظلم من خلال هذا الهامش عن طبقات محتاجة ومظلومة من هذا الشعب .

حنانيك أيها المسئول ، كيف لا تستخدم هامش حريتك لتعطي أو تلقي حبة في ميزان حسناتك للشعب مقابل عشرة لمعبودك من تلك الحبات التي لا يمنعك عنها معبودك . هل الكعكه او الأضحية لا تكفي إلا نفسك والمقربون ؟ تشجع وامنح عشر الثلث للأبعدون من الشعب . فهل على سبيل المثال يمنعك أحد من إنصاف عسكرنا وبناة دولتنا ورمز وجودنا ومعيلين لمعظم شعبنا في القرية والخيمة والمدينه ،هل يمنعك أحد من استعطاف البنك الدولي لا إقناعه للتخفيف من مطالبه التي لا تقع إلا على كاهل الشعب الفقير ضريبة وراء أخرى وتحريرا للأسعار ورا الأخر وقانونا يليه أخر ودينا على الرقاب دون أمل بفك رقبه ؟ . رحم الله من قال غطيني يا صفيه .