سؤال على الألسن..، وما زال التطنيش سياسة السياسه ، وتلفيق الاجابات موجها لمن يصدقها .علمت من صديق في الغربة قلبه على الاردن وعلى النظام معا كما الكثيرون ، بأن هناك صحفا في الخارج تكتب بما يوحي الى سياسة لجعل الاردن كله مخيم لاجئين .
هذا التصور الذي ينطوي على استيعاب الاردنين في هذا المخيم الكبير ، يترافق مع تشديد الضغوطات الدولية الاقتصادية على الدولة ،ومع تشديد الدوله بدورها للضغوطات المعيشية على المواطنين. وكأن في ذلك تكاملية لهدف سياسي واحد أو رضوخا اليه .هذه سياسة إن استمرت ستؤدي في المحصله الى تشكيل “وحدة طبقية واحدة ” ومتماهيه لكل ساكني الاردن يتعاظم فيها المكون الخارجي ، وإلى خلق شعب جديد في الاردن. فهل الاردنيون المستهدفون لغايات الوصول لأردن جديد . .
نلاحظ هنا أن الأردنيين هم من يتظلمون ويحتجون . ويبدو أن هناك سياسة تحرف هذا الاحتجاج عن خطابه الصحيح المرتبط بطبيعة وهدف الضغوطات السكانية والمعيشية .وكأنه احتجاج خُطِط له أن يقوم ويستمر على فهم خاطئ للأسباب الكامنة وراء سلوك الحكومات السكاني والاقتصادي عندما يعتقدها المواطن بأنها مشكلة فنيه في التخطيط أو القدرات لدى المسئولين او في اختيار الأشخاص ، ولا يَفترض أن المشكله سياسيه وأن افتراس شخصيته الوطنية ومركزه الاجتماعي والاقتصادي هو المطلوب ، وبات يعيش على اسطوانة طلب تغيير الاشخاص والحكومات .
ومن هنا يصبح من المهم أن نعرف لماذا المواطنون وحدهم يصيحون ويحتجون ، وهم ليسوا وحدهم من يعانون ، فالوقوف على الأسباب يدل على أنها في سياق تحقيق الهدف من استهدافهم، وهي أسباب أضعها في نقطتين ،
الاولى ، فلأنهم يعتقدون بأنهم هم المواطنون الاصليون ، او بمواطنه متميزه ، وبملكيتهم للدولة الأرض والاجهزه ، وللحقوق ، فيرفضون الشراكة مع الأخر والمساواة معه في المكاسب والمخاسر وفي اللذة والألم ، ويرفضون الفسادوالمفسدين منهم مثلا لأنه ينتقص من رتابة حياتهم الاجتماعية والاقتصادية ومن توزيع المكاسب على قاعدة القبيله “ما فيش حد احسن من حد . بينما الفئات الاخرى التي تشعر باعتقاد الاردنيين هذا وترفضه ، تلجأ لارضاء النظام أو المسئول والوقوف لجانبه حتى لو لم يقف معهم حفاظا على وجودها ومصالحها ،فهي تعتبر ان كل ما تحصل عليه فوق الصفر مكسب لها
الثاني ، هو اعتماد الاردنيين في معيشتهم وجاههم على وظائف الدولة بما يقترب من نسبة المئة بالمئه وهي سياسة استعمارية هدامة بحقهم وحق الدوله. ومع تناقص قيمة رواتبهم بالتضخم (ارتفاع الاسعار) وتسريع تقاعدهم الذي ينزع الجاه ويجعل من مدخولاتهم مسخا ، يتشكل منهم جيشا من الارقام ومن العاطلين عن العمل في اقتصاد لا يستوعبهم ، وسوق لا يحتاجهم ولا يمتلكون مهاراته . فالقطاع الخاص مغلق في وجهم لأسباب فنيه وتنافسية وأخرى . في حين أن الفئات الاخرى مؤهله لاحتياجات السوق الحره ، ومؤهلة لاستيعاب الصدمات .
أخي الصديق كُسِرت أنفة اللاجئين عندما قُتِل أحبتهم وانعدم رزفهم وجعلت ديارهم جهنم فبنيت مخيماتهم في الاردن واعتاش من يملك منهم المال على فقرالاردنيين وإخراج أصحاب المهن البسيطة منهم من السوق . وأنفة الاردنيين تتكسر اليوم في وطنهم بطرق أخرى تحت وابل الفساد والفقر والحاجة والتهميش حتى يَنزع الأردني من رأسه الأوهام بأن الوطن ملكه وأن الملك له وحده وأنه ابن عشائر وعلى رأسه ريشه أو أنه من غير طينة السوري والعراقي والفلسطيني أو نظرة العدو اليه مختلفه والحكم عليه مختلف . وحان الوقت ليعلم بأنه واهم ولم يعد أمامه من محذور أو هم أو عيب سوى أن يموت جوعا . وما مطالبة بعض الاردنيين بأن تضمهم الدولة الى مخيمات اللجوء السوري ألا الواقع السياسي المطلوب ، فبعض القرى أصبحت أسوأ حالا من المخيمات .
لو حسنت النوايا يا صديقي لكانت سياستنا في استقبال اللاجئين ملتزمة بما يتطلبه القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة لا أكثر ، ولكان على دولة بامكانيات الاردن أن تكتفي باستقبال العدد الذي تتحمله بُنْيتها مشروطا بتكفل المجتمع الدولي بنفقاتهم المنظورة وغير المنظوره كاملة. ولو حَسُنت النوايا لكانت استراتيجيتنا في استقبالهم قائمة على اعادة تصديرهم لبلدهم الأصلي أو لمخيمات على أرضه بصفتهم غير مطاردين ولا مطلوبين ، وليس على ترسيخ وضعهم الجديد والتركيز على استجداء المساعدات . ولكانت هناك سياسة صارمة تحول دون تسربهم لداخل الدولة او اندماجهم.
صديقي ، لوافترضنا أن الاردن سيضطر لمواجهة الارهاب في الاردن أو اي انفلات أو مواجهة محتمله فماذا تنفع إمكانيات قواتنا مع جبهة داخلية منهكة ومقضوما انتمائها للدولة ، مخلخل امنها ولا نعرف حجم المنتقلين منها لخلايا وحواضن الارهاب ، وبماذا سيختلف سلوكها عن سلوك اللاجئين حينها . فالوضع الاقتصادي هو ما يصنف الطبقات ويوحد سلوكها ، وتتراجع أمامه المثاليات والمبادئ وتذوب التقاليد.
كاتب اردني