البديل الوطني مطلوب.. ولسنا معنيين بسياسة ردات الفعل

ما زال المواطن الأردني يُغمض عينيه مع كل محنة، عن أن الملك وحده صاحب الأمر والنهي والقرار دون شريك وطني في أي شأن سياسي أو متصل بالشأن السياسي، وأنه وحده القاضي ومن يعدل الدستور ويفسر الدستور، ويمنح الحقوق ويسلبها، وأنه لا يمارس هذه السلطة بصفته رئيسا للسلطة التنفيذية اوالتشريعية بل بصفته ملكا غير مسئول عن افعاله وأقواله، وأن اجهزة الدوله العسكرية والمدنيه تقوم بتصريف الاعمال والتنفيذ، ومن يبدي اعتراضا على تنفيذ عمل لا يراه وطنيا يفقد عمله، أما الرئيس فحصته هي اتخاذ القرارات الاداريه الداخليه بطريقة التمرير ولا آلية لمساءلته عن اي قرار فاسد.
ومن المعروف للملك ولكل مواطن واع أن كون النظام القائم مسنودا لتاريخه من الولايات المتحدة واسرائيل لا يعني بأن ذلك كافيا، إذ أن في الدولة شعبا يحس وتيارات وتنظيمات وقبائل يمكن لها ان تتحرك تلقائيا او بدعم خارجي، وليس للملك قبيلة ولا طائفة ولا حزبا سياسيا، ومن هناجُعِلت قوات الجيش والاجهزه الأمنيه بمثابة حزب الملك السياسي العسكري المسلح الذي يتولى حماية القياده، وهو الحزب الوحيد عمليا في الأردن ومن يتقاعد منه يصبح خارج مؤسسة الحزب لا محاربا قديما.
فالشعب في الاردن وفي الدول العربية يعيش حالة توازنات قوه عنفيه، وليس حالة توازنات سياسيه، ومن هناتبدأ اللعبه الفاسده حين يتبرع المواطنون والنخب بممارسة خطوط سياسيه متقاطعه وعاضده للنهج القائم على القوه مع كل حدث أو قرار غير وطني، سواء كانت الممارسة بالتأييد نفاقا، او بالنقد والمناشدة والاتهام نفاقا حين يوحونها لرئيس الحكومه او من بمستواه وهم يعلمون أنه ليس بصاحب قرار ،ويدعون بأنه صاحب الولايه وهم يعرفون أنه ليس هكذا، وأن شرعيته من شخص الملك وليس من الشعب، ومن شأن تحميله المسئولية أنيغطي على وهمية المؤسسية في الدوله .وإن كان الرئيس نظيفا وطنيايصبح بعد توليه المنصب أمام خيارالاستقالة أو التحول لفاسد كبير ويبقى الحال على ما هو مع كل حكومه.
لقد فشل الأردنيون بكل أطيافهم السياسية والاجتماعية في صنع أحزاب وطنية حقيقية تهيئ لتجاوز الحكم الفردي والاستئثار بالسلطه، وفشلوا في بلورة هويةوطنية اردنية سياسية، وفي تسييس القبائل والعشائر وطنيا وكسر حاجز الجهوية والمناطقية والفئوية والروح القبلية، وفشلو في تشكيل قوة اجتماعية ضاغطه ومؤثرهوفي انتخاب نواب وطن، وفوق كل هذا فشلوا في صنع بديل وطني جاهز عن القيادة الهاشمية إن غابت يوما أو غُيبت عن المشهد السياسي.
لن تستطيع القيادة الهاشمية في هذا الوقت المتأخر أنتعود للشعب وتتحالف معه، لقد وصلت لنقطة اللاعوده مع فقدان الهوية السياسية لوطنيه للشعب، وبلغ الاستفراد بالقرار والتهميشوالاستهتار بحقوق وكرامات واحتجاجات الاردنيين ذروته، فهل بعد الذروة ذروه؟ وما طبيعتها، لقد شاهدنا ذروة حين سلكت قيادتنا سلوكا وقف معه العالم كله مع الشعب الاردني مندهشا حين تمت اعادة المجرم الصهيوني بهذه الطريقة والسرعة بعيدا عن القضاء ومشاعر الاردنيين وبلا ضمانات،
فكان سلوك القيادة لاسرائيلية باستقبال المجرم هي الذروة المقابله منطقيا لذروة سلوك القيادة الاردنية في طريقة تسليم ذاك المجرم، ولم تكن مذلتها وإحراجها مصممة للأردنيين كونهم تلقوا صفعتهم حين سلم المجرم بتلك الطريفه الخاليه من منطق الدوله ومسئولياتها، بل كانت موجهة مباشرة لمن أذعن لطلب امريكي وأعاد المجرم بتلك الطريقة، فأصبحنا امام مسألة تخص أبطالا لذروتين، ولا اعتقد ان الاردنيين معنيين بسياسة ردات الفعل وبانفعالات العتب بين شخصين، ولا مقتنعين بطلب ضمانات لمحاكمة المجرم بعد تسليمه بتلك الطريقة. ومع أن العبرة هي في السفارة واستمرار التنسيق وليس بالسفيره، إلا أن الأمر إجرائيا سيسوى.
قد يقال من النفاق والهراء السياسي أن نتحدث عن تحرير فلسطن ونحن أنفسنا دولا وشعوبا لسنا أحرارا، الا أن هناك فرقا في القدرة بين من يبيعون أنفسهم عبيدا بأثمان وبين شعوبا تستعبد بالمجان، والإهانة عند الحاكم العربي هي في ان يفقد كرسيه، فلا أمل الا بالشعوب أن تعزل نفسها عن حكامها وارتباطاتهم لتتحرر وتأخذ مكانها كصاحبة الأمر.
لعل الخلاص للشعب الأردني وكل الشعوب العربية في أن تفرض نفسها كقوة يعلو تأثيرها على تأثير الصهيونية الدولية على حكامها، وهذه اللغة المادية والمنطقية التي يفهمها العدو والعالم ويرضخ لها، وقد انتصر الشارع الفلسطيني في معركة الأقصى عندما فرض نفسه على اسرائيل وأمريكا كصاحب المصلحه والمسئوليه والكلمة وليس الحاكم والحكام ولا معاهداتهم .إن غضبات ردات الفعل، واحتجاجات العشائرية والفئوية والانتقائية في الأردن لا مقوم لها وكلها ” جمع مشمشيه “لا يقابلها الحكام الا بالتطنيش، ولا مخرج للشعب الا بالشعب يفرض نفسه بهويته الوطنية الجامعه في مواجهة فضاياه.
كاتب اردني

Leave a Reply