التطورِات اليمنية.. من أين وإلى أين.. وهل صالح أخذ زمام اختراق الطريق المسدود نيابة عن السعودية وايران.. وهل السعوديه ستستجيب لصالح دون موافقه أمريكيه

ما حدث ويحدث من تطورات في اليمن على يد صالح كان متاحا أمام السعودية قبل بدء عاصفة الحزم . ولكن المواقف الشخصية وقصر النظر هي سمة في حكامنا عندما يحضر التدخل الأمريكي . صالح ابن قبيلة ال 13 مليون ” حاشد” وزعيم أكبر حزب سياسي يمني هو المؤتمر الشعبي العام . وتَرك السلطة في غمرة احداث كان يعتقد بأنها جارفة للحكام، ولكنه تركها واحتفظ بملكيته المال والاعلام والجيش والسلاح . ومن يمتلك الجيش في بلادنا يتولى السلطة والحكم . فانتقال السلطة الى هادي كان نظريا لا أكثر وبموجب صفقة خليجية دولية، لكن السلطة بقيت فعليا رهينة بيد صالح .
لم يكن تحالف صالح مع الحوثيين أكثر من وسيلة للعودة للسلطة بغطاء يعفيه أدبيا وسياسيا من التزاماته الدولية . وما كان للحوثي أن يقود انقلابا على هادي وهو لا يمتلك جيشا ولا قاعدة قبلية . فمن قام بالانقلاب هو صالح وعسكر صالح ومن استلم الحكم هم الحوثيون . وكانوا طوال الفترة يعززون من قوتهم العسكرية بواسطة ايران للتحرر من صالح، الى ان اقتنع صالح بأن دوره كشريك انتهى، وهوالمتطلع للانقلاب على الحوثيون واستلام السلطه .
لقد عايشت الرجل سياسيا واجتماعيا ممثلا لبلادي، كان يبدو حاملا لشهادات phd في حكم اليمن بعدد سنين حكمه لها، يعضدهن ذكاء ودهاء مميزين، وقدرة على اللعب والرقص على الحبال لا يمتلكها خبراؤها . إنه في الواقع سياسي دبلوماسي بالفطره . و وإذا كان تعليمه لا يتخطى المرحلة الابتدائية ورتبته لم تتعد الشاويش، فإن وصفه المتطور بالخبير والفيلسوف السياسي صائب . لقد حير بسياسته في فترة ما القيادتين الاردنية والسعودية واخذ مناله منهما ولم تستطع أي من الدولتين فهمه أو تركه . وحير بسياساته وخطبه التيارات اليسارية والناصرية والقومية . واقنع الأمم المتحدة ووكالتها بالإنفاق بسخاء على اليمن رغم ضياع المال وفشل عملية الاصلاح والتنميه المستمر، واستطاع بسياسته أن يفرض الاستقرار في اليمن ويكسب القبائل لجانبه بمسايستها بالمال والوظائف الحكوميه، بل وكما سمعت منه شخصيا كان يمنح مالا لمشايخ تتأخر عليهم رواتبهم من السعودية، وهويعرف أن هذا ليس بسلوك رئيس دوله
هناك أسئله كثيره تطرح نفسها، إلى أي مدى سيذهب صالح، والمدى الذي سيتحرك اليه الحوثيون ؟ .وما الموقف الذي ستتخذه كل من ايرا ن والسعوديه، علما بأن كلا الدولتين كانتا تعلمان بأن تحالف الحوثي – صالح هو تحالف هش ومحكوم عليه بالفشل . وكان هناك سباق سعودي ايراني صامت لاستشراف مستقبل هذا التحالف واستباقه لتغيير اتجاهه ونتائجه . وكانت ايران بهذا ناجحه بسياستها في تمتين الوضع العسكري للحوثي على حساب صالح، وكان صالح صائبا وحذِقا بتطلعه للسعودية ومحاولات التقرب منها لقلب المعادله، الا أن السياسة السعودية كانت مخطئه وفاشلة برفضها المتكرر له بل والتركيز على استعدائه . *
الموقف الايراني سيكون صعبا وتدخلها العسكري المباشر لصالح الحوثيون علاوة على ضعف جدواه، فإنه سيحسب تدخلا سافرا بشأن داخلي لدولة إن تطور فسيكون أشبه بالحرب الأهلية . ومن هنا من المرجح أن لا تفتح ايران جبهة دولية جديدة على نفسها وهي تواجه حملة وهجمة مركزة من قبل التحالف الأمريكي، وليس المتوقع منها أكثر من محاولة التوفيق بين الطرفين.
والمهم هو موقف السعوديه . ومع أن السياسي الحاذق يقول بأن عليها التقاط اللحظة للخروج من أزمتها في اليمن،وأن تبادر بالإتصال والتحالف مع صالح، إلا أن هذا أمر ليس بالسهل على السعودية . فهي لن تتخذ موقفا إلا بعد التشاور مع أمريكا وربما أخرين . وعليها التفكير بحكومة هادي، وبمن سيحكم اليمن وعلى أية قاعده سياسية او تحالفية، فمن الواضح أن صالح هو فقط القادر والطامح باستماتة للعودة للسلطة في هذه الظروف التي صنعها، وسيكون صاحب الاستحقاق ومالك الجيش، فتجاوزه صعب.
أما الحوثيون فحاضنتهم الشعبية العقدية قليلة وغير مؤثرة . وحاضنتهم القبلية تلاشت مع نقص الدعم المالي وتزايد الطلب عليه . وحاضنتهم السياسية ضيقه جدا، فالتدمير الذي أحدثه الطيران السعودي كبير والخسائر المادية والبشرية أكبر والمجتمع الدولي غير مبال، وأمريكا مرتاحة لهذا الوضع . فموقف الحوثيون صعب .إنهم في ورطة لم يحسبوا حسابها.
إلا ان الجميع يعلم بأن المسألة ليست بهذه السهوله والحوثيون مقاتلون عقديون، فلن ينسحبوا لبيوتهم بل سيقاوموا وبعدها سيناوروا ويقايضوا، وربما سيسبقون السعودية الى رغبات صالح ويستوعبونه حتى لو نصبوه رئيسا لليمن وحليفا لهم . فقد أخطأوا التقدير بتجاهل صالح وقوته القبلية والعسكرية وطموحاته .وهذا الأمر يعتمد على سياسة صالح نفسه وخياراته . وفي كل الأحوال لن يتصرفوا بمعزل عن مشورة الحليف الإيراني.
نحن في الواقع بانتظار الموقف الأمريكي . فأمريكا هي التي كانت مع إشعال الحرب، ولم تبدأ عاصفة الحزم إلا بتشجيعها وموافقتها، وهي التي غضت الطرف عن تسريب الأسلحة الايرانية للحوثيين ليس تأييدا لهم بل لاستدامة القتال وتأزيم الموقفين السعودي والايراني . وكلنا نتذكر كيف فرضت الحصار على عراق صدام وعلى الأردن باحكام ومتابعة دقيقة وناجحة . وأمريكا لن تترك اليمن كأكبر قاعده سهلة التسمين والوصول اللوجستي والبشري لتنظيم القاعده الذي طلقته امريكا . ولا تترك مسألة تتعلق بالسعودية وايران المستهدفتان امريكيا في هذه المرحلة أكثر من أي وقت مضى .
بقي تساؤل عما إذا كان تحرك صالح الأخير جاء بناء على ترتيب مسبق مع أمريكا أم مع السعودية بمعرفة أمريكية . ومع أن صالح هو سيد في هذه السياسه، إلا أني لم أضع هذا الاحتمال على طاولة هذا المقال لأن الأمور عندها ستكون نتائجها محسومة في رأس الأمريكي، وأن السبب سيكون عندها مرتبطا بالتأثير على مجريات أزمة ازمة المنطقه من المنظور الأمريكي.
كاتب عربي

Leave a Reply