الخلاف الامريكي الكردي ليس على اقامة الدولة بل على خلفية صادمه للاكراد والدولة الكرديه رهنا بدعم سياسي روسي لأمريكا

ان كل ما كتب في اطار قرار كرد العراق في الاستفتاء للانفصال كان نمطيا يقوم على المعطيات التي توضع وتطرح وتنشسر من تصريحات ومواقف واراء ، وجر الاخرين للتفكير النمطي كوسيلة معروفة لتضليل الناس واخفاء الحقائق الأهم التي يمكن استنتاجها والتركيز عليها فيما لوكانت المعطيات اوالمقدمات مختلفة . وقد شاركت في هذا التفكير النمطي بمقال حين ناقشت موضوع حق تقرير المصير على أنه حق يمارسه صاحب الحق بالسيادة على الارض ، وهو في المثال الكردي لكل الشعب العراقي بمحافظاته وليس لسكان الاقليم وحدهم ولكنهم يستمرون باجراء الاستفتاء . وتاليا محاولة لمعرفة السبب وراء ازمة القرار الكردي وما يحمله من حقائق خطيره.
أفترض هنا أن أهمية القرار والسلوك الكردي ومخاوفه في العراق وسوريا تكمن في السبب وراء الاصرار على توقيته رغم علم القيادة التركية بأنه توقيت يجافي المنطق من حيث سلبياته على الحرب الدائره ضد الارهاب في سوريا والعراق ، ومن حيث سلبياته على علاقة الكرد مع الدول المجاوره والعالم ، بل وبما ينظوي عليه التوقيت من مجازفة بفكرة الدولة الكردية في مهدها . فالتوقيت المبكر الذي يصر عليه الأكراد وهم يعرفون خطأه وأخطاره لا بد وأن يكون له اسبابه وموجباته عندهم حتى أصح موقفا . والفكرة هنا أن تلك الأسباب لا بد وأن تكون ضاغطه للتمسك بالتوقيت او سرعة الانفصال وأنها تكشف الكثير عن الملعوب السياسي في المنطقة.
علينا اولا أن نضع في حساباتنا أن الدولة الكرديه في العراق مشروع أمريكي قائم منذ عقود ولا تقايض عليه . ومشروع حيوي جدا لاسرائيل تسهم في بنائه لبنة وراء أخرى . وقد أسس بريمر لهذه الدولة في اقليم كردستان وانتقلت اليه امريكا واسرائيل كقاعده غير معلنه . والبرزاني يعلم بأن قيام دولته مسألة وقت يقرره الامريكان . فأمريكا عندما وقفت ضد قرار الاستفتاء لم يكن هاجسها وحدة اراضي العراق ، ولا مجرد توقيت القرار الكردي . بل في طبيعة وجغرافية الدولة الكردية التي تريدها . . وقد عبرت أمريكا بوضوح عن موقفها في مؤتمر السليمانيه الاخير . أما موقف اسرائيل من الاستفتاء فعلاوة على انه مرتبط بخلق مقاربة فاسده في ممارسة حق تقرير المصير فهو في سياق دور مزايد يضبطه الدور الأمريكي . وحصل ذلك بقرار مجلس الأمن الأخير.
القرار الكردي في الاستفتاء الأن والتحفظ الامريكي بالذات عليه يقوم على خلفية معلومة وصلت القيادة الكردية من تحت الطاوله وهي أن كركوك لن تكون ضمن الدولة الكردية القادمه ضمن اعادة هيكلة المنطقه جغرافيا وسكانيا ولا أدنى شك بأن هذه المعلومة قد وصلتها من اسرائيل . وهنا تصادمت المصلحه الكرديه العليا مع مصلحة امريكا في هدفها بجعل الدولة الكرديه دولة ربيبه اوعميله puppet state معتمدة على امريكا اقتصاديا وماليا وعسكريا وامنيا لتكون دولة دور ولاهثة دائما لتنفيذه . وكما مرر أكراد العراق الى كرد سوريا أن الخارطة المقبله لن يكون فيها دولة لهم في سوريا ، ولا في تركيا او ايران . وهذا يفسر أيضا انفراد اكراد سوريا عن باقي مكونات السوريين في المباشره بتفصيل وضع سياسي انفصالي لهم في سوريا مستغلين حاجة الامريكيين لهم في هذا الظرف الميداني العسكري.
فالموقف الامريكي الصريح من الاستفتاء كما وصل الاكراد صراحة هو ” أن امريكا لا تمانع في اجراء الاستفتاء في المحافظات الكرديه الثلاثه فقط وأن لا يمتد ليشمل كركوك وما حولها . وإن على الأكراد اخضاع المسأله للحوار وإن اصروا فلن يلقون الحمايه من النتائج ” انتهى . فالقرار الكردي يمثل رفضا لقرار امريكا باستثناء كركوك من الدولة الكردية المزمعه واستباقا لقرارات واجراءات ومواثيق دوليه لا حقه ، والأكراد يعلمون بأن دولتهم بلا نفط كركوك تجعلهم أسرى سيساسيا واقتصاديا لأمريكا وغيرها وتجعل من دولتهم دولة دور الى زوال . وما يحتاج الى تفسير هنا هو موقف الشعب الكردي من الأهداف الصهيو امريكية ، وموقف الحكومة العراقية الذي لم يرق لمواقف دول مجاوره ، ومواقف الدول العربية التي لم ترق لمواقف الدول الاوروبية .
الا أن هذه الدولة البرزانية لن تقام على قاعدة مستقرة الا بدعم سياسي روسي لأمريكا مسبقا او لا حقا . فتركيا وايران هما المستهدفان من هذه القاعدة الصهيونية المتقدمه بالدرجة الأولى في اطار الخارطة الجديده للمنطقه ، وهما القادرتان على خنق هذه الدوله وجعلها سرابا وهما اللتان لا تستطيعان الاستغناء عن كلا الدولتين الكبرتين معا في آن واحد . والشعب العربي وليست الأنظمة العربيه هو المتضرر العاجز عن فعل شيء ، وقضيته الفلسطينية هي التي سيزداد التكالب عليها . فنحن العرب في النهاية ننظر الى طبيعة الدولة الكردية ومرجعيتها وتحالفاتها . وليس لنا أي تحفظ على دولة كردية في اطار قضية كردية واحدة في أماكن تواجدهم التاريخي.
في المحصله على الدول العربية أن تفهم بأن الازمة الكردية الحالية محلها بين امريكا والكرد هي كركوك وليست فكرة الدولة . وعنوانها للعرب هو جدية مخطط تقسيم المنطقه، وأن قيام تلك الدولة مسأله تتجاوز خطر تقسيم العراق او سلخ جزء من اراضيه الى زرع قاعده اسرائيلية امريكية متقدمه باسم الكرد في المنطقه في مواجهة تركيا وايران وضابطه على الدول العربية.
كاتب اردني

Leave a Reply