الدوله اليهوديه بين حق العودة والتطهير العرقي

لكي لا ننجر الى المسار الخاطئ الذي تبغيه اسرائيل في نقاشنا و في مفهومنا للمقصود من قانون الدولة اليهودية . أقول ، إن القضاء على فكرة العودة وحق العودة للاجئين الفلسطينيين ، ليس هو المقصود من ذاك القانون . فهذه مسألة قد أصبحت خلف اسرائيل من سنين خلت . بعدما حققته من دعم غربي دولي مستجد كموقف ، وتفهم عربي على الصعيد الرسمي لا لبس فيه من مسألة العودة (سأتي اليه وللموقف الاردني ) ، وكذلك بعد فرضها سيادتها على الأرض من البحر إلى النهر واشتراطها ذلك أمام أية تسوية دولية . وإذا كان للقانون اليهودي الجديد أي انعكاس جديد على حق العودة فهو لا يتعدى أثرا جانبيا غير مقصود وهو إخراج شهادة وفاة العودة ودفن الشيخ استعدادا للخطوة الثانية التي جاء من أجلها القانون

نعم إن المقصود من القانون اليهودي هو أعظم وأدهى . إنه قانون يحمل معه حربا هجومية معاكسة تستبدل فيها إسرائيل عودة اللاجئين التي تجاوزتها بحرب أخذت شكلا دفاعيا ، بخلق مشكلة لاجئين جدديدة مقننة هذه المره ومنظمة تأخذ شكل التطهير العرقي المقنن أيضا . ليصبح القانون الجديد وسيلة ومطلبا لشرعنة الدولة اليهودية القومية . فالقرار اليهودي هو توطئة للتخلص من عرب ال 48 الذين يشكلون أكثر من 20 % من سكان فلسطين داخل الخط الأخضر والمؤهلين لحكم ذاتي أو لإفشال أي تفكير بيهودية الدولة ، وإلحاقهم بفلسطيني الضفة وغزة والشتات ليصبح الجميع خاضعين لسياسة إبعاد مشرعنة يليها أو يسبقها شرعنة قوانين مصادرة الأراضي . . . وبالتالي حصول الصهيونية على مشروعية تاريخية بأرض فلسطين وهو الهدف الذي رفضه الغرب حين أنشأ دولتهم ولليوم . بمعنى أن القانون الجديد الذي يجعل اسرائيل دولة قومية لليهود وليس دولة ديمقراطية لهم ، يسمح آليا بتحقيق الهدف منه وهو تقنين سياسة التطهير العرقي وشرعنتها تمهيدا لشرعنة وعد بلفور .

وأتساءل هنا أمام حكومة بلادي الأردن . هل تضمنت اتفاقية وادي عربه اعترافا بيهودية الدوله ؟ صحيح بأن المعاهده الموجودة بين أيدينا تخلو من هذا . لكني أعرف أن هناك في كل معهاهدة ثنائية بنودا سرية . فهل هناك من ضمنها اعترافا بيهودية الدولة ؟ والتي ستؤدي حكما لتهجير من تبقى من إخواننا الفلسطينيين الى الاردن ، بلد لاجئي العرب والفارين من بلدانهم . لا أجزم بذلك . فليس الجواب عندي بل عند أصحاب القرار . لكن الجواب المقتع يكون بالتأكيد من نوع ردة الفعل الرسمية وجديتها على قانون الدولة القومية اليهودية وتوابعه ومستحقاته الكارثية .

…. إن التعامل الرسمي الأردني الموثق مع مسألة اللاجئين الفلسطينيين وحق العودة، والذي أتمنى على الحكومات الاردنية المتقاعدة منها والفاعله الاطلاع عليه بحضرة القارئ ، كما أتكلم عنها تاليا ،: إنه يعطي المؤشر على مصداقية ومآل السلوك الأردني اتجاه قرار يهودية الدولة . لا تدفنوا رؤوسكم . إن تجاهلكم أو جهلكم بسلوككم اتجاه العودة وحقها لا يعفيكم من المسئولية التاريخية ، إن كنتم لا تخشون الله .

وأقول ؛إن ذكر كلمة العودة أو عبارة حق العودة معدوم تماما في المادة الثامنة الخاصة باللاجئين في معاهدة وادي عربه ، ومعدوم ذكرها تماما في مجمل نصوص المعاهدة . ومعدوم ذكر ها في محضر أي محفل نقاش رسمي دولي لمسألة اللاجئين الفلسطينيين تكون فيه اسرائيل طرفا . كما ينعدم ذكر الفقرة 11 من القرار 194 وذكر قرارات الشرعية الدولية الخاصة بالمسألة ، في تلك المادة وفي المعاهدة على السواء . ويقتصر الحديث فيها عن البعد الإنساني بدلا من البعد السياسي ، وعن التوطين والتأهيل والمعالجة الانسانية مع صرف أو إطلاق عبارة القانون الدولي بصورة معزولة عن حق العودة
إن المادة الثامنة الخاصة باللاجئين في معاهدة وادي عربة بفقرتيها ( 1، 2 ) لا تتحدث سوى عن وجود مشاكل انسانية وبشرية، وبأن على الطرفين أن يسعيا لتسويتها في المحافل المناسبة بمقتضى أحكام القانون الدولي ، أي (تسوية المشاكل الانسانية التي سببها النزاع في الشرق الأوسط ) وهو ما جاء حرفيا بالمعاهده . وأذكر هنا بأننا في الأمم المتحدة نحن الأردنيين والعرب قد كلت ألسنتنا وجف حبرنا ونحن نؤكد على البعد السياسي لمسألة اللاجئين الفلسطينيين أمام الاصرار الاسرائيلي على بعدها الانساني فقط . أيعقل أن كلامنا كان يمثل شخوصنا فقط دون حكوماتنا ؟ وهنا أيضا أنوه بعدم ذكر كلمة ( الفلسطينيين ) الى جانب كلمة اللاجئين لا في العنوان ولا بكل فروع المادة ،وهو مطب سياسي وقانوني ، لأن إسقاط كلمة الفلسطينيين يعني ويفسر يأن كلمة اللاجئين تنسحب على ما تدعيه اسرائيل (باللاجئين اليهود ) من الدول العربية.

الأن لنرى الألية اللعينه لمضمون أشد لعنة ؛ ينص الفرع ب من الفقرة 2 من المادة الثامنه نفسها أن تكون تسوية المشاكل الانسانية والبشرية تلك والخاصة باللاجئين التي أشرت اليها ، ضمن اطار ((المجموعة متعددة الاطراف حول اللاجئين)) وكذلك من خلال محادثات ثنائيه مقترنه ومتزامنه مع المفاوضات الخاصة بالوضع الدائم للمناطق المشار اليها في المادة 3 من المعاهده .. وكذلك ينص الفرع ج من نفس الفقرة الثانية بأن تكون التسوية من خلال برامج الأمم المتحدة الاقتصادية الخاصة باللاجئين بما في ذلك المساعدة في توطينهم .

و قبل الحديث عما جرى وأنجز في مجموعة اللاجئين متعددة الأطراف هذه والموقف الأردني ، فإني أشير إلى أن المناطق المذكورة في المادة 3 والتي ستتزامن المفاوضات الثنائية مع بحث وضعها الدائم استنادا للنص المشار اليه ،هي الباقورة نهاريم والغمر تسوفار ، في حين لا يوجد في المعاهده التي بين ايدينا أو ملاحقها ما يشير الى أن الوضع النهائي لتلك المناطق غير محلول ولا وجود لتاريخ معين لبحثه . وأن كل ما هو موجود أمامنا في الملحق ب من الاتفاقية الخاص بالباقوره أن مدة سريان بنود ه تمتد الى 25 عاما ويجدد تلقائيا دون أن يشمل الحقوق اليهودية الخاصه بالتصرف في الأرض بالباقوره . فهل فعلا أن وضعها النهائي لم يحسم ، وهل هذا موجود في بنود سريه ؟ .

الأن ، يا من تدعون العروبة والاخلاص لشعوبكم ، نذكركم بموقفكم في مجموعة عمل اللاجئين تلك . والملاحظة الهامة والمؤسفه هنا ، أن هذه اللجنة والتي توقف عملها ، حددت جدول أعمالها التي شارك الأردن فيها، بأربع نقاط ليس منها يا سادة ما يتعلق بالعودة أو حقها . وهذه النقاط هي القاعدة البيانية ومساعدة اللاجئين ولم شمل العائلات وايجاد فرص عمل ورعاية الطفولة . انتهى . فالأردن صاحب المصلحة الأولى بمسألة اللاجئين لم يكن موقفه داخل مجموعة عمل اللاجئين متفقا مع الثوابت والمصلحة العليا التي نتحدث عنها ولا حذرا، ولم يقم بما كان متوقع منه أن يقوم به

وبعد أكثر …. فإن أصحاب القرار في أردننا ممثلين بوفدهم ، قد وافقوا باسم الأردن في الاجتماع التأسيسي لمجموعة عمل اللاجئين ، على هدف المجموعة المعلن وهو نصا ابقاء التواصل مستمرا بين اسرائيل والجانب العربي أي مجرد التطبيع . حيث استطاعت اسرائيل بالتعاون مع الدول الغربية في اللجنة ان تنجح في بلورة كيفية معينة بديلة عن حق العودة للتعامل مع ملف اللاجئين وهي نصا البحث عن حل قابل للتطبيق لمشكلة اللاجئين . ورغم ما في ذلك من تخل عن العودة وحقها وعن أسس التسوية في إطار الشرعية الدولية الممثله بقرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي . فقد تسامح الأعراب ونحن على رأسهم حتى في تعديل النص رأفة بالذبيح عندما لم يطلبوا إضافة كلمة (عادلا ) على الأقل الى جانب كلمة ( حل ) في العبارة . فكيف يكون لنا موقف من قانون الدولة اليهوديه ؟.