ان جميع العلماء والباحثين والأثاريين والتاريخيين وعلماء اللغات في العالم متفقون على أنه لا يوجد أي دليل علمي أو آثاري أو تاريخي أو منطقي لوجود أشخاص بأسماء سام وحام ويافث انحدرت من صلبهم البشرية التي عرفت بالساميين والحاميين واليافثيين . والأسماء الثلاثة هذه جاءت في التوراة ابتداءا في اطار تحريف كتبتها لقصة الطوفان . وأن اللغات في الحضارات القديمة وكل الملاحم والثقافات لا تذكر كلمة سام أو سامي في جميع فروع آدابها وعلومها أيضا ولغاية القرن الثامن عشر ميلادي .
بمعنى أن تقسيم البشر الذي نشهده على أساس عرقي وانحدار جماعة أو جماعات من صلب رجل اسمه سام وأخرى من حام أو من يافث حسب التوراة هو بالنسبة للواقع التاريخي العلمي مجرد خرافة بعيدة عن الحقيقة واختلقت لغايه معينه . وإن كتبة التوراة عندما نقلوا قصة الطوفان من البابليين والسومريين أسمو للرجل الصالح أولادا ليجدوا لأنفسهم نسبا مشتركا . إذ نسبوا أنفسهم لما أسموه (أبناء سام ) لخدمة مصالحهم ووضعوا قواعد ونظريات ادعوا بأنها سماوية وهم بهذا قد نجحوا في اختراق مبكر للفكر الإنساني وتوجيهه وجهة غير علمية خدمة لمصالحهم . اذ أن هناك اليوم قبولا واسع الإنتشار بهذه النظرية على أسس دينية وأدبية عامة.
أما الجماعات البشرية التي اتفق عليها الباحثون والتاريخيون على أنها المقصودة بالسامية هي العموريين (الأموريون) والكنعانيون والفنيقيون والآراميون والآكديون من اشوريين وكلدانيين ، والعمونيون والموآبيون والأدوميون والعرب والعبريون والأحباش. وكذلك هناك من يضع المصريين من ضمن الساميين باعتبار أن أصلهم كان في الجزيرة العربية . أما التوراة فيلاحظ العلماء والباحثون ان كتبتها اعتمدوا في التقسيم والتصنيف لمن هم ساميون وغير ساميون على الروابط السياسية والتحالفية في حينه أكثر من اعتمادهم على صلات القربى والروابط المشتركة الأخرى وعلى سبيل المثال فقد أقصوا اعتباطا وربما لهدف معين الفنيقيين والكنعانيين والعموريين من تلك الجماعات السامية مع أنهم يقعون في صلب صلات القربى والخصائص الإجتماعية والجغرافية واللغوية والمعتقدية والثقافية لتلك الجماعات المقصودة بالساميين . كما أدخل كاتبو التوراة اعتباطا أيضا أقواما تشذ عن الخصاص المشتركة لما يدعى بالساميين بكل ما ذكر مثل العيلاميين واللودين مع أنهم من الناحية السلالية أجانب عن الشعوب المفترض أن تكون سامية كما أنهم أجانب عن بعضهم .
أما كيفية ظهور مصطلح السامية وفلسفة تكريس اليهود له… فإن السامية كمصطلح (semitic) قد ظهر وأطلق لأول مرة في شهر آب من عام 1781 حيث كان ذلك من خلال مقالة كتبها رجل الدين الألماني شلوزر(..schlozer ludwing) كمساهمة منه في بحث الماني مشترك بعنوان التوراة والأدب الشرقي . حيث وردت فيه الكلمة في سياق تسميته الى لغات فهمت خطأ على انها نسبة لعرق بشري والنص هو
From the mediterranian sea to the Euphrate and from Mesopotamia down to Arabiaas is known only one language reigned.the Syrians ,Babylonians,Hebrew,and Arabs were one people. Even the Phoenicians who were hamaites spoke this language which I might call the Semitic
ومن هنا فان هذا المصطلح قد ولد كصياغة معينة من شلوزر في سياق تسميته للغات معينة فهمت على أنها نسبة الى عرق بشري , وأن هذا الاسم يتصل بالشعوب التي تزعم التوراة لوحدها أنها انحدرت من صلب سام وعلى رأسها اليهود المفترضين . ثم شاع المصطلح وانتشر بسرعة في الغرب بين العلماء والباحثين والكتاب كاسم لعرق بشري وأخذ به المؤرخون والباحثون العرب على سبيل التقليد ودون تمحيص وربما أن علماء التاريخ في العصر الحديث المدفوعين منهم بحسن النية قد أبقوا عليه كمصطلح يدل على مجموعة من الشعوب تربطها روابط مميزة عن غيرها وهي هنا وحدة الموطن واللغة والثقافة والذهنية .
أن بروز اصطلاح السامية هذا على يد رجل الدين شلوزر في القرن الثامن عشر الميلادي ان لم يكن وراءه اليهود والصهاينة فانه كان نعمة لهم تمسكوا به وخدمهم في نواحي أساسية كثيرة ولعل أولها تكريس فكرة السامية كعرق وانتماء اليهود لهذا العرق بعد أن كان ذكره مقتصر على التوراة ولا سند علمي أو تاريخي له . حيث انبعث مصطلح السامية بقالب جديد من مصادر غير توراتية لتأخذ طور التوثيق من قبل علماء وتاريخيين (وتوثيق الكذب هي عادة يهودية معروفة ). في وقت حساس للغاية بالنسبة لليهود حيث تزامن ظهورهذا المصطلح مع بداية عهد الثورة الاستكشافية الآثارية وانكشاف التاريخ بما يثبت زيف وعدم صحة سرديات التوراة . والأهم من هذا أن هذه المصطلح جاء في مرحلة انبعاث الحاجة لأفكار الصهيونية والحاجة للتسويق لها والتي لم تكن قد تبلورت بعد في غمرة النظرة الدونية لليهود في أوروبا والعالم وانكشاف أمر عدم انتساب أغلبيتهم الساحقة والتي تشكل 95% من يهود العالم الى المجموعات اليهودية القديمة المرتبطة سيرتها بفلسطين والشرق .. الأمر الذي جعل من بروز مصطلح السامية وسيلة لربطهم برباط وقصة جديدتين حيث أن اختراع ذلك المصطلح / السامية/ وتثبيته من قبل مصادر غير توراتية قد عمل على تثبيت خرافة انتماء تلك الجماعات التي اصطلح على تسميتها باليهود لعرق واحد والإنتساب لجد واحد . ومن ناحية أخرى فان تكريس مصطلح السامية ووضع اليهود في صلبه جاء ليخدم غرضا آخر وهو أن عبارة اليهود كمصطلح كان معيبا عرفا بالغرب ويدل على جماعة موصوفة بالدونية والعنصرية والجشع ومعاداة الآخر وأن استبداله بمصطلح آخر جديد هو الساميين كان حلا , وقد حاول اليهود المغالاة والتطرف باستخدام مصطلح السامية الى حد احتكارة عليهم أنفسهم في محاولة لتأكيد انتمائهم للشعوب التي يطلق عليها السامية وترويض الغير لاستبدال لفظ اليهود حين الإشارة اليهم وإشغال العالم بموضوع يغطي على أصولهم الخزرية . بينما طوروا وكرسوا لفظة اللاسمية لتكون بمعنى الكاره لليهود أو المنتقد لسياستهم أو لأي من متعلقاتهم .
.