كان الله في عون أصحاب الحقوق الضائعه التي ما كان لها ان تضيع وكان الله في عون النظام القضائي في الوطن العربي وما كان له أن يكون . يقولون بأن العدل أساس الملك ، لكن العدل عليل والملك حاضر . ما لقيصر فهو له وما لله والناس فهو لهم ، حكمة واجه بها المسيح اليهود الظالمين . ما أجمل عدالة السماء على الأرض ، ، وما أبشع وأقسى أن تكون العداله انتقائيه أو يكون القضاء في لحظة ما أداة لسلب الحقوق الخاصه او لمنع استردادها .
لا بأس ان نرى القضاء أداه سياسيه في دولة هشة أو شمولية ، فهذا للقياصره حق ، وللكعبة رب يجميها . فالإنسان العربي يفهم أن الظروف السياسية التي تعيشها بلداننا وحكامنا تتطلب التدخل بالقضاء أحيانا كثيرة لأسباب سياسية وأمنية الى حد كبير . وهذا يبرر ويستدعي وجود قضاء غير مستقل ماليا واداريا ليصبح القضاة موظفين ، وبالتالي خاضعين طوعا لمعادلة بطرفين أقساها الحرص على درء المفاسد حين مقايضتها بالنزاهة ، والناس يتعايشون مع هذا القضاء إذا بقي في حدوده التي تخص سياسة وامن الدول ، فهذا لا يشكل خطرا شخصيا مباشرا عليهم ، بل إنه مستحب عند الكثيرين .
يدرك الحكام العرب بأن حماية حقوقهم أو أوضاعهم االسياسية والأمنية لا يتعارض مع حماية حقوق الناس الخاصة ولا مع تحقيق العدالة في مختلف القضايا التي لا تمس السياسة والأمن ، لكن هذا النوع من القضاء إذا كان جاهزا لهذا الغرض فيجب أن لا يكون جاهزا للمزاجية ولا للتأثير عليه من أي متنفذ في الدولة ،لأن الضحية هنا تصبح حقوق الناس الخاصه ليصبحوا غير امنين على اموالهم وأمنهم الاجتماعي . إن انصاف القضاء للناس في حقوقهم الخاصة البعيدة عن السياسة وعدم المساس بها أو التلاعب ، هو أمر كبير للناس وسهل على الحكام ، وفي ضبطه يتعزز ملكهم وليس العكس .
إن السلاح الذي يستخدم لتطويع القضاء في القضايا السياسية والامنيه ، يمكن استخدامه نفسه لحماية حقوق الناس وتحقيق العدالة لهم . فالأوطان يتعايش سكانها مع الفقر والفساد والاستعمار ومع الجهل والمرض والبطاله ولكنهم لا يتعايشون مع حالة الشعور بعدم الأمن على أنفسهم وأموالهم وحقوقهم الخاصه . والقضاء المفعلة عدالته هو ما يقيم الدول ويحقق الأمن الاجتماعي . ولو رجعنا للدول قبل التاريخ الميلادي بالاف السنين نجد أنها قامت على القائد بيمينه السيف يردفه القانون الذي يحمي االمواطن وحقوقه ويطبق بصرامة في كل الظروف .
من هنا يكون منطقيا العمل في هذه الدول بازداواجية الاستخدام للقضاء للحفاظ على المصالح والحقوق الخاصة للناس إلى جانب الحفاظ على ما يراه الحكام من مصالح عامة يتعارض تحقيقها مع حرية التعبير. فلا ينفع ولا يستقيم قضاء بين الناس ميزانه كأس نصفه مملوء يختار القاضي النصف الذي يريد متى شاء ، فتصدر عنه قرارات تثلج الصدور وأخرى تدمي القلوب .والمواطن الذي يرى صرامة القضاء وقدرته وسرعته في حسم قضايا سياسية وأمنية ، ويرى بنفس الوقت تلكؤه وعجزه عن تحقيق أو حمايه حقوق الناس الخاصه ، فإنه يصبح نقيضا للدولة على خلفية غير سياسية .
مفارقة أن تكون التعليمات وضوابط المحاكمات وقوانين ضبط المماطلة والتسريع في الفصل في القضايا هي نفسها التي تستخدم لإعاقة العدالة ، أو تخضع للتجاهل أو الانتقائية . وليس من عاقل يعتقد بأن حاكم عربي او غير عربي يقبل بتحيز القضاء في قضية تخص حقوق الناس أو التفريق في هذا بين مواطن وأخر . فهذا ليس لصالحه ولا يخلق الرضا ولا يخدم الاستقرار المجتمعي . لكن علينا أن نتذكر بأن القضاء المسيس في بلداننا هو لغايات تخص سياسة الدولة وأمنها فحسب ،وإذا لم يفهم الأخرون بأن الخروج عن هذا الحد يعود بآثار معاكسه وسلبية على سياسية وأمن الدوله والمجتمع ، فعلى الحاكم حينها أن يفهمهم ويفهم كل متنفذ بحكم وظيفته في الدولة بأن التدخل بقضاء حقوق الناس جريمة بحق الإنسان والدوله .
إن جدوى أية مراجعة للقوانين والأنظمة والتعليمات للارتقاء بالقضاء مرهونة بعقد النية على تحريم وتجريم التدخل لإعاقة العدالة او حرفها أو الكيل بمكيالين في قضايا الناس العاديه من جزائية وحقوقيه . وحسن النية في تفعيل العدالة .يتطلب إنهاء أسباب الاعاقة في مختلف القضايا ، فهناك آلية الشهود وحضورهم واستغلالهم للماطله وقد تمر أشهر وسنين للانتهاء منهم . وهناك عدم توحيد للاجتهادات وما يستقر عليه القضاء من سند للقرارات حيث يؤخذ بها حين الرغبه ويؤخذ بغيرها جين الرعبة أيضا رغم انها لحالات متطابقة وهناك ، وهناك العطله القضائيه الطويلة مع أن المحامبن ينوبون عن بعضهم ، وهناك تكديس للقضايا في اقلام المحاكم وبطء في ارسالها للقضاة وهناك تنقلات القضاة السنوية ، وبعضهم ينقل بعد بحثه سنتين في قضيه فتسلم لقاض جديد نقل مكانه ليعود من الصفر… .