القياده الأردنية أمام خيارين ومسؤوليه تاريخيه

تعيش دولنا العربية مرحلة تهديد وابتزاز واقعيين بإعادة هيكلتها كلها على اصعده السلطة والجغرافيا والأمن. حكامها وحدهم يتعاملون مع الأحداث من موقع الاستسلام والرضوخ حماية لمواقعهم. كحبات قمح في مقلى ساخن تنتظر مصيرها بلا حول لها ولا قوة. وفلسطين الأرض والقضية والاحتلال ليست في حسابات دولة عربية على الأطلاق، وليست في عقل وسياسات النظام الرسمي العربي، ولم تعد نظريا مسئولية عربية أو إسلاميه. وأمرها يبدو محسوما بأن ليس لها اليوم أو عليها وكيلا سوى اسرائيل. *
تحجمت فلسطين إلى غزه. وتعاظمت غزه إلى الدولة التي ستحمل اسم فلسطين. هكذا تقول وتفعل اسرائيل، وهذا ما تطبخه مع شركاء عرب وفلسطينيين. ولا حديث عن حل الدولتين أو عن الضفة الغربية. والتقارير السياسية تتلاحق عن طبخة دحلان والأمارات العربية ومصر مع حماس بدفع أمريكي إسرائيلي ولم نسمع نفيا أو تفسيرا من حماس، مما يؤكد أن انسحاب اسرائيل من غزة جاء في الأساس لفصلها عن الضفة، لتكون الدولة الفلسطينية، وأن الحرب على غزة كانت محاولة لإيجاد بديل فلسطيني غير مقاوم فيها، كسلطة عباس، ولترسيخ الاحتلال. وهذا لم ينجح رغم حجم المذابح والتدمير. *
أستبعد أن تكون هناك مفاوضات إسرائيلية مع الأردن أو مع سلطة عباس، بل إملاءات. فكليهما في ورطه افتراضا. لأن بضاعتهما التي هي حل الدولتين هي بضاعة مرفوضة إسرائيليا وكسدت مع مرور الزمن، وأصحابها باتوا بلا أوراق ضاغطه، والمفاوضات إن جرت ستكون مع أطراف عربيه وفلسطينية أخرى على أمر أخر. وكل مسئول عربي يعتقد بوجود لحل الدولتين على أجندة اسرائيل أو أمريكا هو إما جاهل أو مخدوع، وإما أنه يريد الاختباء من شعبه وراء الكلام.. فماذا يمكن للأردن أن يتصرف الأن وماذا يمكن للسلطة الفلسطينية أن تتصرف؟ *
بالنسبة للسلطة الفلسطينية، فلو كنت أخاطب عرفات اليوم لقلت له ليس أمامك ما تقدمه لفلسطين الأن أفضل من أن تنهي السلطة وتعود بالقضية لمربع ما قبل أوسلو، فهل يفعلها عباس؟ وفي كلتا الحالتين فإن الشعب الفلسطيني ووطنه أمانة ومسئولية سيسأل عنها كل حاكم عربي. *
أما القيادة الأردنية التي تعلم أن الأردن يواجه الوطن البديل بتفريغ اسرائيل لمكوني القضية (السياسي والسكاني) فيها بصورة ما، بما فيه توطين اللاجئين الفلسطينيين في دولة كتب لها ان تستوعب اللاجئين من كل مكان بما يقضي على الهوية، والتي تعلم أيضا بغموض مستقبل النظام وبتهديد الكيان السياسي الأردني المرتبط بالأرض الأردنية، وتغفل عن أن الإرهاب الأكبر والحقيقي الذي يواجه الأردن هو المخطط الصهيوني، فإنها، أي القيادة الأردنية، ستكون أمام خيارين. *
الخيار الأول، أن تضع غماية الحصان على وجهها وتستمر بسلوك حالة الانكار وبنسق التعامل التقليدي مع امريكا واسرائيل والتركيز على مسرحية الحرب على الإرهاب بانتظار فرض وتنفيذ مخططهم بحكم الأمر الواقع. وهنا فإن الشعب الأردني وكيانه السياسي العريق أمانة بيد قيادتنا الهاشمية. فهذا الشعب على قناعة بديكورية طاقم المسئولين والمؤسسات الأردنية. *
الخيار الثاني، هو مواجهة الواقع، وبهذا على القيادة الأردنية الاقتناع أولا بأن الخطر الحقيقي على الأردن هي اسرائيل والصهيونية الأمريكية، ثم الانطلاق من كون أن أوروبا ودول العالم كلها ليس لها مصلحة بعدم تنفيذ حل الدولتين واقامة الدولة الفلسطينية على الأرض الفلسطينية. ولكن هذه الدول لا تستطيع أن تتبرع بمواجهة اسرائيل وأمريكا. وليس أمام الأردن إلا أن يفتح أمامها منفذا للوقوف على الحقيقة من ناحية ومواجهة المخطط الأمريكي الإسرائيلي من ناحية ثانيه. *
ويكون ذلك بالتوجه إلى مجلس الأمن بمشروع قرار تُظهر مناقشته ونتائج طرحه الحقيقة أمام القيادة والشعب، وتُظهر الطريق الصحيح في مواجهتها، وتعطي للمدافعين عن الأردن مجالا، وتسمح للمتمرين إمكانية التراجع. أما طبيعة القرار، فإذا تركنا فقراته التمهيدية. فإن فقراته العاملة يجب أن تتضمن النقاط التأليه:
1 – يأخذ المجلس علما بمخاوف الأردن المحسوبة، من أن عدم قيام الدولة الفلسطينية في الضفة والقطاع بموجب حل الدولتين يمثل تهديدا مباشرا له نظاما، وكيانا سياسيا، وشعبا راسخا بهويته. وأن حل الدولتين وقرارات الشرعية الدولية هو الخيار الدولي لتسوية النزاع الفلسطيني الإسرائيلي والعربي الإسرائيلي، وعلى اسرائيل الالتزام به.
2 – يسترعي مجلس الأمن انتباه اسرائيل إلى أن اتفاقية وادي عربه وباقي الاتفاقيات العربية الإسرائيلية قد تضمنت نصا في ديباجاتها، بأنها لم تأت بمعزل عن لب الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وأنها تعقد كجزء جزء من عملية سلام شامله طبقا للقرار 242 وقرارات الشرعية الدولية، وعلى اسرائيل الالتزام بذلك.
3- يطلب مجلس الأمن من اسرائيل احترام استقلالية الأردن عن فلسطين كدوله، كيانا وأرضا وشعبا، وبعدم العمل على تسوية مكونات القضية الفلسطينية السياسية والسكانية خارج الأراضي الفلسطينية التي احتلتها عام 67، أو على حساب الأردن.
4 – يؤكد مجلس الأمن دعمه السياسي للأردن واحترام قراره السياسي كدولة مستقلة بشعبها المرتبط بأرضه الأردنية، ورفض أية تداعيات تفرض عليه سياسيا من طرف واحد أو بحكم الأمر الواقع على خلفية ما ستؤول اليه احداث المنطقة أو الملف الفلسطيني، ويؤكد المجلس رفضه لكل الدعوات الصريحة والمبطنة التي تنطوي على جعل الأردن وطنا بديلا للشعب الفلسطيني عن وطنه.