النظام العربي بلا بوصله

تتشابه السياسة الأمريكية في كل من العراق وسوريا ولبنان واليمن وليبيا ومصر الى حد بعيد من حيث الحرص على إدامة الصراع الدموي والتدميري على اراضيها وتحطيم جيوشها وتراساناتها وتهزيئ انظمتها ، وإدامة نوع من التوازن العسكري بين تلك الأنظمه والمقاتلين على اراضي دولها لمد عمر الحالة حتى تأخذ مداها. والسماح المباشر وغير المباشر بوصول الأسلحة اللازمه للتنظيمات الارهابية ،وحظرها عن الانظمه رسميا أو فعليا أو تقييده اكتفاء بما هو موجود لديها وبما قد تحصل عليه بطرق أخرى أو من دول أخرى . وكذلك من حيث غياب الشفافية في التعامل الأمريكي مع االأنظمه العربية ، والسكوت عن خطورة الاستهداف الداعشي المذهبي والديني المتعمد لسكان تلك الدول وتعزيز وجود أخر منها في إشارة لشكل التقسيم القادم في المنطقه . هذه اللعبه التي تنتظر حسم أمريكا لها ، ربما فهمها الحكام العرب المعنيين جميعهم ويتعاملون معها بطرق مختلفه ويرضخون للواقع لتاريخه . كما يفهمون أنها سياسة سترتد بالمحصله على وجودهم كأنظمه وحكام بمعنى أنهم وصلوا أو سيصلون لنتيجة هي أنهم مستهدفون مع دولهم وشعوبهم ، في هذه الحاله وبالمنطق المفترض فإن حكام هذه الدول إذا لم يبلوروا عملا جماعيا وطنيا واعيا فإنهم سيتجهون لحماية أنفسهم كأولوية تفوق أولوية المغامرة بالاحتفاظ بصداقات من يتخلى أو تخلى عنهم ليلقوا مصيرهم بنفسهم.
إنهم أو بعضهم سيلجأون إلى جهة أخرى مستعدة لتزويدهم بالسلاح وحمايتهم مثل روسيا ، لمقاومة الارهاب المدعوم ومطلق اليد باتجاههم ، وما قد يستتبع ذلك من تحالفات جديده لهم على حساب تحالفاتهم مع الولايات المتحدة ، ومن تحالفات عربيه وربما اقليميه جديده تفرض نفسها في هذه الحالة من واقع تقاطع المصالح . وقد شاهدنا مثالا هو النظام السوري الذي يصمد سياسيا وعسكريا بالدعم الروسي لتاريخه رغم تكالب الجميع عليه بما فيه العرب بصرف النظر عن رغبة أمريكا في بقائه في الوقت الحاضر مرحليا . ونشاهد الأن ليبيا تترنح ونظامها الرسمي القائم يواجه داعش وتنظيمات الارهاب كلها وترفض الولايات المتحدة تزويده بالسلاح أو رفع الحظر عنه رغم تدفق السلاح على مناوئيه من التنظيمات الارهابية مقابل دعم بسيط له من مصر . وفي هذه الحاله سيكون توجه ليبيا في النهاية الى روسيا ، وسنجد مصر تشجعها على ذلك وتساعدها عليه . ودول عربية أخرى مثل الأردن يرى العقد العربي ينفرط أمامه يضطلع بزيارات مكوكية لا نجزم بهدفها المباشر ولا من يدعمه ولا بعبثيته ، ولا نجزم بأنه مجرد بحث عن دور أو مصلحه ولا أنه من باب اكتشاف أو بلورة الخطوه الثانيه وهو موقف إن كان بريئا فإنه أي الأردن ليس بصورة النوايا الغربية أو لا يصدق ما يراه
يبقى الموقفان الروسي والأمريكي مما قد يحصل على ساحة الانظمة العربية المعنية وما قد تلجأ اليه هذه الأنظمة كما بينا . فمن حيث روسيا فإن هذه الدوله التي وضعتها الازمة الاكرانية والحصار الأوروبي في حالة تحد اقتصادي صعبة جعلتها تتجه لبلدان العالم الثالث طالبة ومتقبلة استقبال إنتاجها ، هي ولا شك ستتجاوب سريعا مع طلبات الأنظمة العربية التي تلجأ اليها لتزويدها بالسلاح وما يتبعه من مواقف اقتصادية وسياسية جديده . أما الموقف الأمريكي فبالضرورة ليس غائبا عن مجمل المشهد وليس سعيدا به . لكنه سيوازن بين مخططه في الشرق الأوسط وتصميمه على تحقيقه وبين فعل شئ شئ مع تلك الأنظمة العربية يستوعبها من خلاله ، أو التفاهم الضمني مع روسيا بواسطة الاتجاه نحو تخفيف الضغوطات الاقتصادية عليها وعدم حشرها في الزاوية لتنأى بنفسها عن محيط الولايات المتحدة ومصالحها . وفي هذا أمامنا مؤشران اثنان الأول أن بعض الدول الأوروبية التي تدفع أثمانا لذلك الحصار هي وشعبها ( المانيا وفرنسا ) قد بدأت في تفاهمات مع روسيا وبدأت تغير من حدة موقفها من الأزمة الاكرانية في إشارة لا ختلاف وقع أثار الحصار على روسيا على تلك الدول وغيرها وتصميمها على الضغط على أمريكا ، في حين نجد الولايات المتحدة وبريطانيا يصران على موقفهما ويعززان هذه المره دعمها لأكرانيا الرسميه بالسلاح . أما المشهد الثاني الذي نلاحظه فهو أن أسعار النفط بدأت ترتفع في إشارة ربما لتخفيف الضغط على روسيا بطريقة مستورة . وعليه فلعل الأسابيع القادمه تجلي الصورة أكثر أو تبلورها
. عودة للوضع العربي والأردني . فعلى صعيد الدول العربية عامة فهي بالتأكيد محل استهداف أجنبي استعماري بوسيلة حرب داعش وهناك بضعة دول ترى نفسها بعيدة وأخرى في منأى ، وهذا وهم يمارسونه على الأرض من خلال عدم التنسيق العربي الشامل وأخذ زمام المبادرة في هذه الحرب من أمريكا والغرب بل وعزلهم عنها باعتبار ان الوطن العربي هو مسرح الجريمه . وعلامات الاستفهام ما زالت قائمة ، فالدول الخليجية كانت أزمتها مع قطر في البداية حادة وصلت حد القطيعة ومحاصرتها وقطع العلاقات الدبلوماسية معها . لكننا شاهدنا بعد ذلك إنتهاء حدة الأزمة ولم تعد طافية على السطح رغم أن معطيات وأسباب هذه الأزمة ما زالت موجوده وتعمقت قليلا ، ونحن هنا نؤشر على الموقف والفعل الأمريكي وحالة فقدان الاستراتيجية المشتركة لدول الخليج . ثم رأينا بعد ذلك خمول التحرك السياسي السعودي وعدم إبداء فعل أو موقف واضح مما يجري على الساحة العربية وساحة جيرانها للأن ، وموقفا متجاهلا أو يبدو حذرا لا أباليا مع بعض جيرانها على غير العاده وهي حاله لها أكثر من تفسير في إطار علاقات خليجية غير متصارحة وغير متطابقة كما عهدناها وغياب تساؤلها لماذا لم تدخل داعش الى اليمن . ولماذا التغاضي عن السياسة الأمريكية التي تميز في سياستها بين المتقاتلين على أسس تبدو مذهبية ومحابية لايران . ولماذا اسرائيل وحدها مع امتداداتها تصبح منطقة حرام لكل التنظيمات والأحزاب والأنظمه المتقاتله وهي الأساس في كل ما جرى ويجري .. ثم نشهد تتابع نقل السفارات إلى عدن في خطوة متسرعة إن تم حسابها فهي لصالح تكريس تقسيم اليمن ، ونشاهد موقفا مصريا إعلاميا عنيفا مع بعض دول الخليج وقولا رسميا بأن استقرار مصر ودول الخليج مترابطا . ونشاهد وتقاربا مصريا ليبيا وأردنيا على غير أسس معروفة . لكن كل ذلك يشير إالى علاقة أمريكية عربية من طرف واحد وفقدان دولنا للبوصله ،.
أما الأردن فلا يرى البعض لسياسته الحالية لونا ثابتا بل إن التشتت وعدم التركيز والهلامية علامات طاغية عليها وكأنه حياديا وخارج نطاق امتداد النار ، أو غائبا عما يجري أو يتبلور من أهداف لدى الدول العربية وغير العربية . أو أنه بدأ يقرأ نتائج الأحداث الجاريه وبدأ يتلمس طريقه في صحاري العرب ومحيطات العالم جيئة وذهابا . وسفارة الولايات المتحدة الصديقه تحذر رعايها من أعمال ارهابية في الاردن ، تتبعها بريطانيا وتحذر رعايها من السفر الى الأردن وهو عمل إن كان مبنيا على حقائق فذلك بداية لمصيبة ، وإن كان لا يقوم على حقائق فتلك مصيبتين لأنه في هذه الحاله يكون لتلك الدول نوايا سيئه وشيكه أو حتمية على الأردن وفي كلا الحالتين يدل على أن التنسيق مع الاردن انتقائيا . أما حكومتنا التي لا شأن لها ولا لسابقاتها في السياسة الخارجية ، تحجمت مهمتها في جمع المال المحرم من المواطنين المسحوقين لخزينة وموازنة دولة لا يسعفها شعب فقير . وشعبنا الأردني أختصره على لسان أحد المواطنين سمعته أثناء ثلجة جنى يتكلم مع محطة فضائية أردنية وهو يقول أغنامي ضاعت ولا أستطيع البحث عنها ،( بدي سيدنا يودي لي طياره يدورو لي عليها )