نشطت الدوائر الاستخبارية والمخابراتية الأجنبية والصهيونية في العقدين الأخيرين في مواجهة أو استغلال المواطنين العرب الذين انتقلو للعيش في بلاد الغرب من مختلف الدول العربية لاسيما الناشطين السلبيين . فنحن في الواقع أمام فئتين من ناشطي العرب في المهجر بطبيعتين وسلوكين ومنتوجين مختلفين . أحداهما بناءة ، سواء اعتبرت نفسها معارضة لسياسات دولها وللوضع العربي الرسمي أو اعتبرت نفسها شخصيات وطنية مستقلة . والفئة الثانية هدامة بلا ضمير ولا انتماء وطني او عربي او انساني ، باعت نفسها على حساب مصالح اوطانها وشعوبها وأصبحت جزءا مطلوبا من المؤامرة على دولها وقضاياها .*
ما حفزني لكتابة ها المقال في هذا الوقت أن ذات الجهات الاستخبارية الاجنبية والصهيونية قدد نشطت هذه الأيام في الحديث عن عملاء لها تصفهم بالمعارضة الاردنيه . وتحاول الايهام بأن هناك معارضة اردنيه في الخارج . هذا السلوك الصهيوني هو لتوسيع قاعدة عملائهم وتلبيسهم صفة سياسية لتلويث الاعلام في الغرب وخلق بلبلة في مفرداته وصولا لتمرير رسائل على السنة عملائهم تخدم الأطماع والسياسات الصهيونية مع اقتراب النوايا بترجمتها على الارض . وهذا الاستخدام الصهيوني للناشطين في العمالة لا يقتصر على الاردن ، بل على كل بلد عربي اقتضى الظرف والزمن استهدافه .*
إن ما تقوم به الفئة الأولى هو عمل صحي ووطني ، والعرب في أمس الحاجة اليه، فنحن لسنا بحاجة لتسويق قضايانا على بعضنا ، بل المطلوب تسويقها والدفاع عنها على الساحة الدولية الشعبية والرسمية . ومن هنا فإن توجه الناشطين العرب والكتاب والمفكرين والمناضلين الغيورين على مصالح الأمة وقضاياها الى دول الغرب هو عمل وطني نحن بحاجة اليه . سيما وأن نظم تلك الدول الديمقراطية توفر لهم هامشا من حرية التعبير والحماية القانونية لا يجدونه في بلدانهم ، حيث يُمَكنهم هذا الهامش من الدفاع عن قضايا الأمة كسفراء للضمير العربي أمام شعوب تلك الدول واحرارها وناشطيها ونخبها للتأثير على الرأي العام وعلى مواقف حكوماتها . *
وهناك الكثيرون من هذه النخب العربية والتجمعات والأشخاص في المهجر لا تستطيع الدوائر الاستخبارية والصهيونية اختراقها استطاعت أن تنجح في دورها التنويري وسطة ألات اعلامية صهيونية مسيطرة ، وتمكنت من أن تشكل ضابطا سياسيا وإعلاميا وأدبيا على حكومات الغرب . وهذه الفئة تقيم علاقات نظيفة وندية وجريئة مع حكومات ومسئولي تلك الدول وتشكل اختراقا لمعتقداتها ومواقفها السياسية الخاطئه . ويتذكر الكثيرون هنا كيف أن اللوبي العربي في امريكا والذي أخذ زخما كبيرا من الاعراق المسلمه قد اخذ في نهاية التسعينيات يتشكل بقوة ويحاول فرض نفسه منافسا للوبي اليهودي ـ حتى فاجأتنا الصهيونية باختراقها للوجود العربي هناك من خلال احداث سبتمبر . *
أما الفئة الثانية من أبناء عروبتنا في المهجر فهي التي تتعاون مع اجهزة البلدان التي أسهمت مباشرة وما زالت تسهم بتحطيم الدول العربية . انها فئة تتشكل من المغامرين الباحثين عن اقتناص فرص شخصية لهم سرعان ما تتلقفهم اجهزة الاستخبارات الصهيونية . إنهم يطرجون أنفسهم كمعارضه واصلاحيين . وتكون نشاطاتهم كلها موجهة في مضمونها وزمنها . فهم رصيد صهيوني غب الحاجة والطلب . وتتركز مهمتهم في الهجوم على أنظمة بلدانهم ومختلف مكوناتها بالقدرالذي تتيحه لها الدوائر الاستخبارية عندما يكون هذا النظام أو ذك البلد مستهدفا ، أو تمهيدا لابتزازه واستهدافه . وحيث أن الصهيونية تركزفي هذه الفترة على الاردن ، فاني اتكلم عن سلوك هؤلاءالعملاء الذين يُعزُون أنفسهم للأردن كمثال .*
المتابع لنشاطات ما يسمونهم المعارضه الاردنية في الخارج يجدها تقوم على ركنين . الأول هو ركوب موجة الحوارات والحراكات القائمة داخل الوطن كتابة وخطابة وفي الندوات والاعلام والذي يضطلع به الاردنيون من سياسيين وكتاب ونشطاء بل وعامة الناس في المطالبة بالاصلاح ووقف الفساد . وإذا افترضنا على سبيل الخطأ أن الساحة الاردنية لا تتسع لهذه الحفنة في الخارج ، فما هو الهدف من مناقشتها وطرحها هذه المسائل الداخلية واثارتها مع اجهزة أجنبية عدوة لنا في الأساس . فهل هم يستجيرون بتلك الأجهزة الاجنبيه والمعاديه من واقع حرص تلك الأجهزة على سلامة وضعنا ؟ ، وهي نفسها الأجهزة التي أوصلتنا الى ما نحن فيه وتصر على هدم دولنا وقضايانا وطموحاتنا . إن هذا االسلوك ما هو إلا لشرعنتهم أجنبيا كمعارضة وطنيه كي يتسنى للأجهزه الصهيونية استخدامهم لما هو أعمق بدءا بالركن الثاني لنشاطهم الموجه .*
أما هذا الركن الثاني فهو التمادي بتهيئة الأرضية السياسية للعدو للعبث بمستقبل الاردن السياسي وبالقضية الفلسطينية لتنفيذ الرؤية الصهيونية في طوي ملف القضية الفلسطينية طبقا للمنظور الصهيوني والمصالح الأجنبية . وبهذا فإن الدوائر الصهيونية قد وسعت الدائره وسخرت أيضا عملائها من الكتاب العرب لا سيما في دول الخليج . وهؤلا سواء كانوا اردنيين أو عرب فإنهم يتخذون اليوم ممسارين مرسومين لهم.*
الأول ، هو اإثارة بعض المسائل الداخلية والاجتماعية والبنية الديمغرافيه الحساسة وتشويهها بشكل مفضوح استجابة وانسجاما مع المشروع الصهيوني في المنطقه بما يثير الفتنة الداخلية من ناحيه ويسوق لفكرة الوطن البديل من ناحية أخرى . أما المسار الثاني فهو التشكيك بشرعية النظام الهاشمي في الارد ن بانسجام واضح مع الظرف السياسي التخريبي ومخططاته في المنطقه والهجمة الصهييونية في اسرائيل على الكيان السياسي الاردني وتكاثرالأصوات فيها التي تطالب باستخدام الاردن وطنا بديلا .*
لا شك بأنه شرف لكل أردني ان يكون الاردن وطنا للفلسطينيين وكل العرب ، وبأن تكون فلسطين وكل بلاد العرب وطنا للاردنين ولكن أن لا تكون أوطاننا بديلة لحساب الصهيونية .*
إن الهجمة الصهيونية الإعلامية على الأردن بمساريها ومُسَسيريها على أيد اردنية وعربية عميله تستلزم من سفاراتنا أن تقوم بواجباتها في متابعة كل ما يكتب ويحاك بحق الاردن والقضيه الفلسطينيه . ومواجهتة وتعريتة لوقف هذا الاستخدام وهذه الحمله بالطرق السياسية والدبلوماسية والإعلامية دون ضجيج يعطي مفعولا عكسيا . فهذا من صميم عملها وواجباتها ،وعليها أن لا تنتظر تعليمات في معلوم .