فرق كبير بين التسحيج، وبين التقييم الإيجابي الذي له معنى وهدف سامي، ينفع الناس، وهذا الأخير محله ومحكه لا يكون إلا الوطن وإنسانه وقضاياه، أما التسحيج فمأجورية محرمة أو تبرعا غير مشروع، لأن محله التغطية على الحقيقة أوتزويرها سواء كانت حلوة أومره . مشيئة الخالق قضت باستمرار وجود الخيروالحق، مقابل الشر والباطل، والصراع لا ينتهي بينهما .فالكتابة أمانة ثقيلة قوامها الصدق والضمير النقي الذي يكسر النفس وهواها، وينتهج الحيادية الإيجابية على مذبح التنوير والحقيقة . وسياسيو العالم يعلمون بأن عنوان الشر المعاصرهي الصهيونية ومن والاها، فالشيطان يتقمصها ويسكن فيها، ويتخذ من بلادنا مسكنا وهدفا منذ قرن.
بداية لدي إيمان بكل ما أكتب حتى لو لم يعجب أصحاب العلاقة أوتابعيهم أو سحيجتهم . ولا تخصيص في هذا . ويكفيني أني أعبر عن رأيي ورؤيتي بمهنية وبمؤازرة من الضمير ودون تجريح أو اساءة لأحد، وألتزم في هذا بالدستور ولا يهمني كيف يطبق . ف” الأنا ” على الأرض ملك للشعب، وبخدمة الوطن والإنتماء اليه تُمنح الدرجات والألقاب . ولا أنكر أن لدى الكتاب في الأردن هامشا من الحرية يعز وجوده في معظم الدول العربية، ولكن ليت هذا الهامش منتجا أومسموعا كهامش حرية الفاسدين من المسئولين والأفاكين والمسحجين بالحرام . ويا ليت للكتابة بما لها من صدى نقاشي بين الحين والاخر من قبل من يشعرون بالمسئولية أثر على الواقع الذي يسؤ، وعلى التغيير الذي يبدو عصيا.
تثير بعض مقالاتي حساسية لدى البعض في بلدي مبالغ فيها. ولعل أقل ردات الفعل كانت بشأن تلك المقالات هو ذاك المعنون بشئ من التصرف من قبل المحرر ب “عتاب على المخابرات “. وكل قارئ يقرأ في المقال ما قرأه المحرر، مع أن المعنى في بطن الشاعر، لكن مفهومي أن لا أحد ولا جهة فوق النقد، والعتاب ألطفه وأكثره براءة. اما العتاب في بطني فكان الى من هو فوق الجهاز الذي نحترم ونقدر . واكتفيت باشارة التساؤل هل تركت دائرة المخابرات دورها ؟ بالطبع لا.
لا فصل إطلاقا بين الوطن والمواطن، ولا بين الدولة والوطن . ولا بين المنصب العام ومفهوم الدولة، ولا بين الملك ومسئولياته . يا إلهي من يحاسب من ؟ لقد أصبح العزل الوطني سياسة لكبار المسئولين في الديوان الملكي والحكومة وأداة للفساد ونهب الدولة وتقاسم حضورها ومقدراتها ووظائفها، ومعظمهم والله رويبضات يتولون الشأن العام وهم جهلة أفاكون فاسدون لا يعرفون للوطن قدسية ولا للدولة معناها، ولا كلمة من عندهم صادقة للملك، ويكذبون بقسمهم بالله سبحانه بحكمته، فقد جعلنا مسلمين ولم يدخل الإيمان قلوبنا فنحن خراصون نعتكف المساجد ونعبد المال ولا نعمل . دعاؤنا وصلاتنا مردودة علينا،فكيف في هذا الظرف.
نترقب حربا على حدودنا الشمالية، وفي بلدي الأردن قواعد عسكرية لمن سيخوضونها، ومنها قد يعتدون على سوريا ولبنان، وقلبنا على التداعيات . جنودنا من أبناء الحراثين على الثغور في مواجهة الموت لحماية الوطن وشعبه وأمنه، ونحن من يصلي من أجلهم لا أنتم . إنهم يحمون حدودنا وقد لا يعلمون أن في خلفها يكمن الخطر الحقيقي على الدولة ومواطنيها وأمنها، ففي داخلها حرب يخوضها المسئولون الفاسدون بسهولة لتدمير الدولة وإنسانها من الداخل، وما يجري في العالم ومن حولنا لم يكن يوما على طاولاتهم.
جلساتهم واجتماعاتهم مضمونها مضمون العصابة تنهش الوطن ومقدراته نهش الوحوش، وبجشع . ومنطوقها هو،(هذا معنا وذاك ضدنا، هذا امتدح الملك وذاك قال كذا ) . على رسلكم يا بغاة، فهذا الوطن نحن محبوه وبناؤوه وحماته، ونحن من ينتمي اليه صدقا، وهو ما تبقى لنا لنعيش فيه بكرامة . وهذه الدولة هي هويتنا التي نتحرك بها . والملك نحن الصادقون معه وله في كل الظروف، ونحن من يتمسك به صدقا . وأنتم الكذابون والمتاجرون باسمه والمستغلون لمناصبكم والراحلون بما نهبتم، وأنتم من لا تنتمون الا لمصالحكم ويا ليت ذلك لم يكن على حساب ما اؤتمنتم عليه.
ليعلم العالم، حقيقة نادرة ليس لها سابقة في الدول القديمة والحديثه، وهي أن لا شعب في العالم يتمسك بقيادته بغير حساب كما يتمسك الاردنيون بأطيافهم بالملك او العائله الهاشمية . وبأن الأردنيين هم في الواقع من لا يُخَطئون الملك وليس الدستور، لا تسألوا عن الأسباب فكثيره وتحدثت بها، لقد ابرمت اتفاقية وادي عربه ولم يكن الاردنيون معها ولكنهم كانوا مع الملك.
وليسمع الملك، ولتعلم دائرة المخابرات العامة وكل مسئول قلبه على الوطن، حقيقة اذكرها لأول مرة، أن هذ المنحى الشعبي الأردني في التمسك بالقيادة الهاشمية تحت أي ظرف كانت فيه، وأي ظرف كان فيه الأردنيون، وحرصهم على الأمن والاستقرار الداخليين كأولوية تفوق أولوية معاشهم، هو بالذات ما تم ويتم استغلاله من قبل الحكومات ورؤسائها، والديوان وبعض رؤسائه . وهو ما شجعهم على الإمعان في الفساد بجرأة لا مثيل لها وأخذ االقانون بأيديهم . حتى أفقدوا الدولة هيبتها وجديتها، وأفقدوا الشعب ثقته بها وبجدوى الإنتماء إليها .فقراراتهم كلها تقول “طز” لمواجع الشعب والدولة، وكأن الوظيفة لهم فرصة نهب في دولة زائله لا قدر الله، وبالتأكيد فإن الملك لا يقبل لنا وللدولة ذلك . فنحن أصحاب قضية ضاغطة تحتم علينا أن نتميز عن غيرنا من الدول العربية.
ليس الشعب ولا دائرة المخابرات أصحاب قرار، ونحن دولة حكوماتها والله فاسده ولا منتمية للوطن والشعب وقضاياه، وأجهزتها المدنية فاسده ويلفها الخلل كلها ولا مبالغه، من رأسها حتى أخمص قدميها، والعزل الوطني قائم لا يتزحزح فهو سلاحهم الواطي، والعدالة الاجتماعية غائبة، ومعاناة الشعب والخزينة معا مرده الفساد الداخلي المتناغم مع سياسة وأهداف العدو . ليس من شأني ولا من المنطق لوم مسئولين أمرهم ليس بيد الشعب المسلوخين عنه، لكنهم يغرزون الخناجر في جبهتنا الداخلية وجسم الدولة دون توقف أو تأجيل إو إعادة جدولة، وما كان لهم ذلك لو وجد الملك لنفسه فسحة من الوقت يقود فيها ثورة بيضاء على النهج الفاسد من أساسه، وهذا ما ننتظره.
كاتب وباحث اردني