تشيع سياسي وهبة عرب من تحت الرماد

يشكل الشيعة كأصحاب مذهب اسلامي نحترمه ما يقارب العشرة بالماية من أصحاب المذاهب الاسلامية التي يشكل المكون السني جلها . وتاريخ المذاهب الاسلامية يشير الى تفريخ بعضها لمذاهب وطرق تنحو نحو الاعتدال أو نحو التطرف ولكنها تبقى غالبا في إطار المذهب الأساسي لها إلا ما جنح منها أو تطور لسلوك سياسي وربما يعتبر البعض وأنا منهم القرامطة والحشاشين كمثال في هذا . ولا يشير تاريخنا الى تحول جماعي من مذهب إلى أخر . فالدعوة في الاسلام هي للإسلام نفسه وهكذا كانت وهكذا عرفت وشرعت ، ووجهتها كانت الى غير المسلمين بشكل عام ، بالحكمة والموعظه الحسنة وإن كانت الفتوحات عاملا أساسيا فيها . أما اليوم وبعد نضوج العقل الإنساني واتساع وعيه وثقافته وترسخ المفاهيم واستقرار الديانات واتجاه الفكر الانساني والدول وقياداتها نحو فصل الدين عن السياسة ، فإن الدعوة لم تعد موجودة في قاموس أي دولة ، وأخذت تقوم بها على نطاق ضيق ومغلف منظات غير حكومية أو كنائس أو مجموعات وينحسر مجالها في الغالب بين المجموعات أو المجتمعات المسحوقة أو غير المنتمية لدين سماوي .

إن ايران تعرف أن منشورات ومخطوطات التاريخ الديني ومذاهبه متاحا بسهولة أمام المسلم وغير المسلم ، وتعرف أن اختراق دولة عربية ببضعة أفراد تشيعوا أو غرر بهم بالمال والاغراءات أو ببضع حسينيات تقام لا يقلب المجتمعات ولا يغير توازنها المذهبي . . وتعرف إن اختراق أقلية مذهبية في دولة ما بالمال والسلاح لا يجعل منها قادرة على فرض نفسها على الأخرين ولا على تكبير حجمها وأنها ستبقى أقلية . بمعنى أن اسلوك ايران التي نفترضها واعية ونفترض افعالها المكلفة محسوبة لا يمكن أن يكون هدفه دينيا ولا مذهبيا بل استغلالا للدين والمذهب لأهداف سياسية غير مشروعة ،

ومن هنا أقول يأن ادعاء القيادة الايرانية الذي تسوقه على شعبها بنشر المذهب الشيعي هو ادعاء كاذب ، وإن ادعائها بأن اسرائيل والولايات المتحدة هدفها وتسويقه على العالم الاسلامي وأعوانها بين بين ظهرانينا في داخل المجتمعات العربية هو فخ في معزوفة مزيفة وساقطه ، وإن اختراقها للأقليات الشيعية العربية في بلادنا بحجج نشر المذهب أو حمايتهم أو تعزيز وجودهم المذهبي هو ادعاء كاذب واختراق سياسي وعسكري ، و إن افتراس السيادة عليهم بإغراءت المال والسلاح والسلطة هو تدخل هدام وعمل عدائي سافر على تلك الدول ولا هدف له إلا إشاعة الفوضى وعدم الاستقرار ، ويسيء بالمحصلة إلى اصحاب المذهب الشيعي في بلداننا ولعلاقتهم مع بني قومهم ، و فتح معارك مكلفة لدولنا اقتصاديا . والتأثير على منعتها وإلهائها عن أولوياتها السياسية والتنموية وعن عدوها الأساسي وبالتالي إضعافها وصولا لبسط الهيمنة عليها وتحقيق مشروعها الفارسي القديم في الوطن العربي .إن لكل ذلك عنوان واحد هو إعلان الحرب على الوطن العربي في ظرف سيء تعيشه الأمة ، وايران في كل ذلك تستغل مفاوضات ملفها النووي لشراء سكوت أمريكا والغرب لتجعل من بلداننا وبسط نفوذها عليها أوراقا سياسية ضاغطة تستخدمها لأطماعها ولحل مشاكلها مع الغرب ضاربة بذلك عصفورين بحجر واحد .

إن أمريكا والغرب مع تركيا وباكستان كانت تعلم بالتوسع الايراني على حساب العرب ومصالحهم ، وشاهدت وصول ايران الى باب المندب ولم نسمع من أي منهم تصريحا ولم نرى عملا ، بل سمعناهم يصرحون بحيوية باب المندب لهم بعد أن تجرأت السعودية وبعض البلدان العربية على الوقوف بوجه ايران وإبقاء باب المندب عربيا وتحت حماية العرب

إن الهبة العربية من تحت الرماد نحو اليمن تحي الأمل لدينا بأن حكامنا قادرون على قول كلمة لا الى الولايات المتحدة وغيرها عندما يتعلق الأمر بخطر يمس أوطانهم وشعوبهم بصمت دولي . وتحي أملا لنا نحن اشعوب العربية اليائسة بأن تستمر دولنا بالاعتماد على نفسها في تحديد مواقفها وخيارتها ، وبأن تدخلها المشروع في نصرة دولة عربية شقيقة ليس تدخلا أجنبيا بل واجب وطني وقومي ، وتعطي رسالة دلالية لإيران وأعوانها بين ظهرانينا بأن الطريق لاستباحة الوطن العربي ليست مفتوحة لها لأن مفتاحها معنا لا مع اسرائيل ولا الولايات المتحدة ، ولعلها هبة تعطي إشارة ( قف وتراجع ) لاسرائيل ، وأملا لنا بوقوف الدول العربية عمليا بوجهها وإنهاء حتلالها لفلسطين وأطماعها في الأردن .