خيار المفاوضات مع تركيا وايران اختراقا لتحالفهما.. لا عطاء مقبولا ولا ضمانات ووجود الحرب على الطاولة باتجاه اسرائيل سيكون رادعا لمشروعها بأرضنا والمنطقه

وصلت نار محرقة العرب الى تركيا وايران، وأصبحت أولويات الدولتين وطنية وقومية تتقدم على أولويات سياسية أخرى . فمشروع اسرائيل الكبرى في الوطن العربي يخرج من رحمه اليوم مشروع كردستان الكبرى . وهذا لا يعني بالضرورة أن الصهيونية لها تناقض أساسي حاليا مع دولة اخرى في المنطقه من غير العرب . بل أنها تسعى لاشغال وإضعاف هاتين الدولتين المسلمتين وزعزعة استقرارهما لازالة خطرهما على مشروع هيمنتها الاقليمية وانطلاقه نحو العالمية . وهو بنفس الوقت مشروع يشكل خاتمة العقبات امام المشروع الصهيوني في الوطن العربي.
تركيا وايران ليستا أمام مجرد قيام دولة كردية في العراق ، ولا أن الحقوق والطموحات الكردية وراء انشائها ، وبالذات عندما يتعلق الأمر بكرد العراق وعندما تكون الفكرة اسرائيليه والحليف اسرائيلي . إنهما أمام كيان متمدد في سياق مشروع الدولة الشاهنشاهية الكردية والربيبة ، الذي سينال منهما كمتطلب صهيوني أساسي واستحقاقا من استحقاقات تفتيت الدول العربية . فالدولتان معنيتان بمواجهة مشروع صهيوني على اراضيهما مشابها ومكملا للمشروع الصهيوني المبتدئ في فلسطين على خلفية مشروع اسرائيل الكبرى بالوطن العربي . مع فارق أن أمريكا هي من ترعى المشروع هذه المرة وليست بريطانيا . والموقف الدولي سيكون نفسه من قيام اسرائيل . والمنطق الروسي لا يقف بوجه الدولة الدولة الكردية وسيتعامل مع المشروع الممتد بالمتاجرة به مع امريكا بالقطعة.
لكن الجديد والفارق بين المشروعين الصهيونيين المنطلقين من فلسطين والعراق كبير جدا في وجه ومواجهة رعاته، فوعي ووضع العرب السياسي والعسكري آنذاك يختلف جذريا عن وعي ووضع تركيا وايران اليوم ، ومن هذا قد تخرج الحكمة الأمريكية أو المحرقه، فايران وتركيا دولتان تتسم قيادتيهما بالوطنية والقومية والشعبية والايمان والكرامة الوطنية والخلو من الفساد، و قطعت هاتان الدولتان شوطا هائلا في بناء قوة سياسية واقتصادية وعسكرية وعلميه، بل ويشكلان اليوم مع بعضهما وحدة المسلمين في العالم.
سلوك خيار المفاوضات مع تركيا وايران لن يكون حلا منتجا ، بل اختراقا لتحالفهما، وإن في امتداد أمدها ترسيخ لفرض الأمر الواقع ، فالمفاوضات فيها أخذ وعطاء وحلول توفيقية الا أن المطروح على الطاولة لا يحتمل العطاء ولا مغامرة الضمانات، وإن أسلوب الحصار والمقاطعة وحده لا يسقط دولة مدعومة من الخارج ولا يهزم مشروعا بهذه الحجم والدعم المتوقع . وهذا علاوة على محذور فشل سلوك المفاوضات والضمانات مع كل الدول الأضداد الرافضه للدولة الكردية، ومحذور ضغوطات الموقف الدولي والدولتين الكبرتين معا وتاثيرها في حسم الموضوع لصالح الدولة الكرديه، وما من شك أن تأخير اعلان الدولة الكردية وعروض البرزاني بالتحاور مع بغداد هو في سياق سوق الدولتين لخيار مسلسل التفاوض.
لا اقول بأن الحرب هي الحل بل أن وجودها على الطاولة بشكل جاد باتجاه اسرائيل سيكون هو الرادع الاساسي الى جانب الجزاءات الجغرافية والاقتصاديه، ورسالة واحدة طارت من نصر الله كانت كفيلة لكبح التسارع الصهيوني، فالخيار العسكري فيه جر وانجرار الى حرب استنزاف بتداعياتها على الدولتين وعلى باقي الدول العربية في المنطقه ما لم يكن مفهوما لامريكا واسرائيل بأن الحرب التي يخططون لها لتكون بمثابة فخ على فخ لتركيا وايران إن حدثت فلن تكون الدولتان مسرحها ولا اسرائيل بمنأى عن نارها، وأن الفخ سيرتدعليها.
إن الأمر بمحصلته يعتمد على درجة التنسيق وثبات التحالف التركي الايراني وعدم اختراقه، وإن تراجع إحدى الدولتين سيكون له تأثير سلبي جدا ويشجع المحور الصهيوني على التدخل، وإن حصل هذا التراجع فيندرح في خانة الوقوع في الخديعة او الخيانه، ومع أن تراجع تركيا أقل تأثيرا من تراجع ايران لارتباط الموقف العراقي بها، إلا انه سيجعل خيار الحرب الداخلية حتمية ويفتح الطرق أمام خيانات دول المنطقه، أما تراجع الدولتين معا فيكفي لانجاح المشروع الصهيو – امريكي الممتد للدولتين. ومع أن افشال هذا المشروع في مهده بكردستان العراق مطلب عربي جماهيري حيوي، إلا ان الأنظمة العربية لا تملك حياله فعل شيء لاسناد تركيا وايران ، واقصى المطلوب منها شعبيا هو الوقوف على الحياد بعيدا عن استخدامها لخدمة المشروع.
العراق أو سوريا في موقع لا يمتلكان به حرية كافية لاتخاذ القرار . وعلينا ان نضع في الحساب أن القانون الدولي والأمم المتحده والمعسكر الغربي الصهيوني لن ينظروا للأزمة او لانفصال الكرد العراقيين على أنه شأن تركي او ايراني من قبيل الدفاع عن النفس ، بل سيعتبرونها شأنا عراقيا . وإن أي تدخل للدولتين الجارتين سيكون على أقل الأحوال جدليا وله مناهضون . إلا أن العراق يملك شرعية دولية فوق التشكيك لمواجهة المشروع . ولديه فرصة كبيرة إذا ما تم دعمه سياسيا وعسكريا من ايران وتركيا بناء على طلب عراقي . وإن قيام العراق بمثل هذه الخطوة بدعم اقليمي له نتائج أفضل وأضمن وضمانة بتحجيم التدخل الصهيوني . وسيتعامل العالم مع الحالة كشأن داخلي بعكس الحالة السورية التي كان دخول اوادخال الارهاب اليها مبررا للتدخلات الخارجية.
كاتب من الاردن

Leave a Reply