استغلت الأنظمة العربية الفلسطينيين وقضيتهم سياسيا وماليا ولم تنصرهم . والشعوب العربية لم تنصرهم . ثم تقطرنت الدول العربية وتعاطفت شعوبها مع القطرنه وبقي الشعب الفلسطيني وحده قوميا كونه لم يعش تجربة سايكس بيكو في دوله خاصة به ولم يدجن ، فغاب شعور القطرنة عنه . وتطور السلوك العربي الانهزامي ، فعزلت اسرائيل الدول العربية عن الفلسطينيين وقضيتهم رسميا بالمعاهدات ، وتكرست القطرنه غير الراشده في شعار “البلد اولا ” فلا الأول أولا ، ولا فلسطين عادت مرقمه ولا حاضرة في أي ترتيب . فترجمت ننتائج القطرنة ضعفا وتفككا وهزائما ، فقرا وفسادا وتخلفا وتشريدا . وتراجع ترتيب البلد عمليا الى الآخر والآخره
من يبيع أخيه سيسهل شراؤه وبيعه ، سبعون عاما ونحن نتكلم عن دير ياسين وأخواتها من صبرا الى شاتيلا وغزه . لتصبح كل واحدة منها مجرد مزحة أمام المذابح االجماعية التي تتعرض لها الشعوب العربية اليوم دون توقف ولا نصير . سبعون عاما ونحن نتحدث عن اللاجئين الفلسطينيين بازدراء اجتماعي وهم يهيمون على وجوههم في الشتات ولم ننظر لهم يوما كلاجئي شرف وسياسه ، ولا أصحاب حقوق . ليصبح اليوم اللجوء الفلسطيني ومعاناة الفلسطينيين مزحة أمام اللجوء والتشرد العربي الذي لا يبقي ولا يذر ولا يتوقف . وبتنا نتكلم عن لجوء مدن ودول ، وبات اللجوء مطلبا وأمنية لشعوب عربية بعد ما كانوا يدينون الهجرة الفلسطينية وينظرون . حاربنا هويتهم وعاقبنا من يدعي بها ، لتسحق هويتنا.
لا ننتظر اليوم كلاما من الفلسطينيين ، فلغة الكلام تعطلت لديهم . جرس إنذار حزين كانوا ، فرقصنا عليه ، فماذا نقول لهم اليوم نحن الشعب العربي ؟ فقد كنا نتفرج عليهم وأصبحنا اليوم فرجة للعالم ، وكانوا يتمكنون من دفن موتاهم بجلال ويبكونهم ، واليوم سعيد الحظ من العرب في بعض الدول العربية من يلقى بحفرة جماعية ولا بكاء على مجهول الهوية ، والدور جار . نقول للفلسطينيين كنتم مخلصين وناصحين للعرب عندما طرحتم قضيتكم كقضية عربية ،وحين قلتم بأن استهداف عرب فلسطين وفلسطين هو استهداف لكل العرب وارضهم ، نقول لهم لو نصرناكم لكنا قد نصرنا أنفسنا ومستقبلنا . ثم نقول لهم كنتم مصيبين عندما عدتم واعتمدتم على أنفسكم ونفضتم أيديكم منا .
لقد قطعت لعبة الإرهاب مرحلة بات معها محرما على الإرهابيين أفرادا ومنظمات أن يذكروا كلمة “ فلسطين ” أو يعزوا إرهابهم لإرهاب الاحتلال ومعاناة الفلسطينيين . ومحرما عليهم أن يستهدفوا إسرائيل او امتداداتها ، بعد أن كان ذلك يحدث لغايات ابتزاز امريكا . فأسياد الارهابيين يدركون أن مجرد المزايدة بذكر كلمة الاحتلال او اسرائيل مع اي عمل إرهابي لهم قد يقحم هذا الكيان في معادلة اسباب الإرهاب العالمي ويسلط الضوء على الاحتلال الاسرائيلي ، وعلى موقف امريكا والغرب منه . محرم عليهم استهداف الاستكبار الايراني وأذرعه الهادفة للتطهير الطائفي وتدمير واخضاع الدول العربية ، بل يقوم الارهابيون بالمساعدة فيما يستهدفون . مكشوف هذا ومكشوف استهدافهم للدول المتعاطفة مع قضية الشعب الفلسطيني . انها حرب توجهها اسرائيل والصهيونيه لتكون “جولة الضربة القاضيه “.
الشعب الفلسطيني ، يدرك اليوم خلط الاوراق في المنطقه ، وبأنه وحده من يواجه جذر الارهاب المدعوم علنا والمسكوت عنه ، ويرفض أن تكون قضيته الهدف الرئيس للإرهاب الدائرفي المنطقه والعالم . فهو لذلك ماض في مواجه الاحتلال ، ليثبت لاسرائيل والعالم بأنه شعب لا يستسلم للعبة ومخططيها ،
على دولنا وشعوبنا أن تعيد النظر بوحدة المصير ، وعلى أنظمتنا أن تعيد النظر في سياساتها وتحالفاتها في ضوء تحالفات تناقضها وتناقضنا الأساسي اسرائيل والصهيونيه . الصهيونية اليوم تخوض حربا عالمية بالوكالة ضد العرب دولا وأنظمة وشعوبا ومعتقدا وثقافة بهدف اخضاعها وهي مدمرة مفككة . وأمريكا لن تكون حليفا استراتيجيا لعدويين ولن تتخلى عن دعم مطامع اسرائيل ورغباتها ،وتحالفنا معها هو من جانب واحد ويوشك على إنهائنا .
تركيا دولة أطلسية ولم يشفع لها هذا مجرد عتب أو تخوف اسرائيل على خلفية تعاطف كلامي مع الفلسطينيين ، فلاحقتها امريكا بمصالحها العليا ، وصمدت تركيا ، فلاحقت أردوغان لدفع الفاتورة شخصيا ، فافتداه الشعب التركي في الميدان وخذل اسرائيل وامريكا في استهدافهم التجربة الديمقراطية التركيه . ستنجو أي دولة ديمقراطية بشعبها المتحد مع قيادته ..فالشعب إن حضر في أي ساحة سيكون سيد الموقف عليها .أنظمتنا العربية ما زالت بنهجها السياسي معزولة عن شعوبها , وما زالت لذلك دولنا هشة تنتظر دورها ، أو تنتظر خضة لتركع ، إن الكل مطالب بتغيير النهج .