على هامش الافراج عن احمد الدقامسة: جدلية قاتل الاسرائيليات.. والنشمية الأردنيه

امرأة عربية اردنية بالصوت والصوره تقف في مواجهة ابنها وهو في قفص المحاكمة يواجه حكم الاعدام او المؤبد ، وتخاطبه برباطة جأش وروية أمام حضور المحكمة وهيبتها بكلمات واثقة تقول ” لا تخاف ولا تخجل يمه ، ارفع راسك لفوق ” وتجلس ثم تنهض و تعيدعليه ، “ارفع راسك لفوك ” إلهي كم هذا المشهد يحمل من الايمان والرجولة عندما يكون حقيقيا ، وكم هو مؤثر. انها ام الجندي احمد الدقامسه الذي قتل اسرائيليات لأسبابه.
بمعزل كامل عن حيثيات فعلة الجندي التي سأناقشها. فإني ابتداء أعترف بأني كنت قبل رؤيتي وسمعي لهذه الأم أشك بأقوال المؤرخين عن مواقف بعض الأمهات العربيات في التاريخ العربي والاسلامي. واليوم لم يبق أمامي مجالا للشك بأن هذه الأمة تمتلك تاريخا يدل عليه أبناؤها بدافع الإيمان الحقيقي.
وأعترف بأني كنت أتندر عندما أسمع كلمة “النشمية أو النشمي. وأعود للقواميس لأبحث لها عن معنى فلا أجد واحدا مقنعا أو يتطابق مع الأخر ، ولم أقتنع بأن هذه الكلمه لها معنى محدد. وقلت لنفسي إنها كلمه كبيرة المعنى لحد عدم الاتفاق على وصف يفيها حقها أو يحيط بمعناها ويحدده. فبقيت عندي مجرد كلمة تطاول الحالمين بالمثالية. إلى أن شاهدت السيدة أم الدقامسه وسمعت كلماتها أمس فقط. وبقيت أعيد سماعها كي اصدق ما أراها وأسمعه ، حتى قلت وجدتها ، إن لكلمة النشمية معنى حقيقيا له صاحب وأصحاب ، معنى بيستحق التغني به والتنافس عليه ليكبر ويكبر.
أعود لفعلة الجندي. ولنتفق بأن ليس من انسان يدعي بأن قتل البرئ جائز بصرف النظر عن مواصفاة الضحيه. وأعتقد أن الجندي الدقامسه يعترف بذلك ولكن له قول ولي قول فيما فعل. أناقش قولي ولا اناقش قوله حتى لا أضعه في قفص اتهام وكأن الفعلة ملتصقة به لا بغيره. أناقشها كفعله دون اعتبارات اخرى كان يجب وضعها بالحسبان ليكون حكمنا على الجندي منصفا يخفف من جلده بسياط بني جلدته. وأتحدث هنا عن إنصافه شعبيا لا رسميا ولا قضائيا فهذا ليس شأني وأنا أفهم حجمنا السياسي. وبهذا أقول ثلاث حقائق إن اقتنع القارئ بأحدها فقد يتوقف عن جلد الذات أو يجد فعلة الجندي مسببة وربما يعتبره فدائيا.
الأولى. أن افراد لمجتمع الاسرائيلي كلهم غزاة او مستوطنون وليس فيهم من فتى او فتاة رجلا او امرأة الا عسكريا او عسكرية. فسكان دولة الاحتلال كلهم مجندون عاملون أواحتياط ، ولا يوجد مدنيين اطلاقا. لا تتسرع اخي القارئ ، أعرف أنك تقول بأن المجني عليهم أطفالا وستاتي الاجابه.
الثانيه. أن جيش الاحنتلال يستهدف المدنيين الفلسطينيين وخاصة الأطفال بالقتل بأبشع الصور وبدون تمييز بالمساكن والمدارس والمستشفيات والمساجد والشوارع ولا يسجن قاتل ، فقتلهم لأطفالنا لا يتوقف إما لمجرد القتل لغير اليهود عبادة كما جاء بتوراتهم ، أو للإرهاب بقصد الضغط لتحقيق أهداف سياسية لا أقلها التركيع وتفريغ الأرض. لا تتسرع أخي القارئ ، قد تقول أن ليس لنا ان نعاملهم بالمثل وديننا يمنعنا ، وهذا قول جدلي سنأتي عليه ، ودعنا نرى الحقيقه الثالثه
الثالثه. تنص توراتهم في سفر الخروج بالتالي ” وإن حصل أذى فالنفس بالنفس والعين بالعين والسن بالسن واليد باليد والرجل بالرجل والكي بالكي والجرح بالجرح والرض بالرض ” هذا شرعهم وقانونهم العسكري والقضائي. حتى لو كان منقولا عن شريعة حمورابي إلا انهم اعتمدوه كشريعة لهم. وقبل أن أسأل سؤالي، أذكر أن اسرائيل عندما تهاجمنا وتقتل مدنيينا بلا تمييز وتقصف مواقعنا المدنية فإننا نواجهها ان استطعنا بكل ما يوجعها ولا نعود نحسب حسابا من اجل ردعها وقد فعلت دولتنا ذلك يوما.
لقد قامت اسرائيل بعد حرب حزيران بقصف اربد المدينة عشوائيا بالصواريخ من الجولان لأكثر من شهر وذهب ضحايا مدنيين كثر، ولم تتوقف صواريخهم الا عندما قصفت مدفعيتنا وصواريخنا طبريه من أم قيس.حيث توقفت تماما. فعندما تنتهك قواعد الاشتباك من طرف فإن الطرف الثاني لن يكون أمامه لردعه سوى التخلي عنها لشبيهها دفاعا عن النفس وحماية لها
السؤال هو، هل نستحي منهم عندما نطبيق شريعتهم عليهم حماية لأنفسنا، هل شريعتنا لا تحمينا من شريعتهم ولو من باب الضرورات أمام محظور قتل أطفالنا الذي لا يوقفه سوى المعاملة بالمثل. هل من الحكمة العسكرية أن نلتزم بقواعد اشتباك لا يلتزمون بها.
وأخيرا لوافترضنا أن ما قام به الجندي الدقامسه خطأ ، أليس هذا الخطأ الذي تحمل وحده نتيجته بقسوه بمثابة رسالة لقتلة الأطفال وأخرى للمتسامحين بدماء أطفالنا تشفع له، ألم يكن اولى بالبعض أن يجلدوا الجلادين الذين لا يتوقف قتلهم لأطفالنا، البطل هو من ينفع الناس ويفتديهم بنفسه، وهكذا فعل الدقامسه، وإهنئه بالسلامه،
لكني سأضع صورة والدته لجانب صورة والدتي وأكتب عليها “النشمية الأردنيه” ثم أذهب الى ابدر وأكحل عيني بها.
كاتب من الاردن

Leave a Reply