لا نريد لايران أن تبتلع الطعم الأمريكي

نشهد في سوريا والعراق واليمن حربا طائفيه مفتوحة ليس الدين باعثها الحقيقي ، بل هو وسيلتها التي تحرك العواطف القاهرة للعقول . ونشهدها بنفس الوقت حربا باردة في بقية اجزاء المنطقه وخارجها . إنها حرب مبرمجة نستدل على مراحلها من استهداف أطرافها المتقاتلة حاليا للعرب السنة فقط وتدمير دولهم ومقدراتها وتفتيتها عرقيا وطائفيا لمصلحة المشروع الصهيوني وليس لمصلحة طرف أخر ،وهذا لتاريخه . الصهيو- امريكي هو صاحب فكرة هذه الحرب وما زال قادرا على تسخير ابطال لها ومراحل .
ولد الطرف السني الإرهابي وعبئ في بداياته برعاية امريكا ثم انقلب بارهابه عليها وعلى رعاته من العرب ولم يكن حينها طائفيا . ولم يكن حينها طرف شيعي في الصورة ، فلم تكن الطائفية في مخيلة السني او الشيعي ،ولا تصور لمواجهة طائفية بين المسلمين . فحرب العراق وايران لم تكن طائفية ، ولا كانت خلافات ايران الشاه مع الدول العربية مبنية على الطائفيه .والعراق حكمه السني كما حكم سوريا العلوي ولم تكن هناك أي فكرة للطائفية . ولم نشتم رائحة اصطفاف طائفي في بدايات حزب الله، فالمسلمون كان يشدهم الاسلام وليست طوائفه او مذاهبه .
ايران اليوم دوله مستقله وصاحبة قرار ، وتمتلك كل المؤهلات المادية لدولة عظيمه ، لكنها صاحبة مشروع خارج حدودها لا داخلها ، ولا تحكمها الديمقراطية العلمانية ولا أدوات ومبادئ السياسية الدولية القائمه بل عقيدة دينية لطائفة اسلامية كريمة تمثل عشرة بالماية من المسلمين ، كبيرة الانتشار وتريد استخدامها في مشروع لا مقومات مادية له ولا مسوغات سياسية او قانونية أو أدبية . انه بالضرورة مشروع صدامي يفتح جبهة على مساحة العالم ضدها ويسوغ استهدافها ويسيل لعاب المتربصين بها وبالعرب وأرضهم ،
بعد انقلاب الارهاب السني على امريكا والدول العربية كان مشروع الشرق الاوسط الجديد قد اختمر والفوضى الخلاقة له تتبلور ، وأخرج الصهيو – امريكي من أدراجه فكرة الفتنة الطائفية والعرقية التي تكلم بها اباؤهم .فكانت ايران المرفوضة والمستهدفة امريكيا واسرائيليا جاهزة في حسابات أمريكا لاعتلاء المطب والتورط في دخول واشعال هذه الحرب ولتكون الوسيلة والهدف . وكما التقط صدام رسالة خاطئة من امريكا وانتهى الامر لما انتهى عليه ، التقطت ايران رسالة خاطئة من امريكا وظهر الطرف الارهابي الشيعي المرعي بصورة وبعناوين أكثر جلاء .
من يصدق ان تقوم امريكا باحتلال العراق ببذل مئات المليارات ومئات الضحايا ثم تقوم بتسليمه لايران بالمجان ،ومن يصدق طريقة احتلال داعش لشمال العراق وتركها حتى تستقر في العراق وسوريا .ومن يصدق ان امريكا واسرائيل عندما سمحتا بالمد الايراني العسكري في سوريا واليمن ، والمد الروسي في سوريا كان كرما او غباء من امريكا .ومن لا يصدق بأن المخطط الامريكي الصهيوني لا يشمل المنطقة كلها وعلى رأسها ايران
لقد أخطأت ايران حين اعتقدت بأن الكرم الامريكي الاسرائيلي هو من قبيل تلاقي المصالح دون أن تعتبر ذلك استخداما مرحليا ومطبا تاريخا بمعنى historic وhistorical معا . ان امريكا صاحبة اليد الطولى في العالم ، واسرائيل ولاية امريكية ودولة عميقة فيها موجودة في الشرق الأوسط ، ومواجهتها واقصد أمريكا تحتاج لحكمة سياسية ، فتعامل امريكا في مواجهة الثور والذئب والخروف يكون مختلف الأسلوب لكن المحصله واحده . وايران والعرب أحوج لادراك هذه السياسة وأحوج لها .
أمريكا واسرائيل دولتان شاذتان عن الطبيعة التي تتكون فيها الدول وطارئتان على التاريخ . قامتا على انقاض شعبين باستخدام اختلال ميزان القوة من قبل مهاجرين أغراب تركوا اوطانهم في اوروبا ليبنوا تاريخا جديدا ومجدا ومالا . وتطمحان لاخضاع القرار العالمي في المحصله ، العدل والعهد والحق والمنطق والرحمة لا مكان لها بسياستيهما ، دولتان ماديتان بلا روح ، تؤمنان بميزان الربح والخساره . فكان وجودهما قائما على التفوق العسكري والمؤامره . الثقة او التعويل على كلامهما وصمتهما ، دعمهما او تحالفهما سواء كان تصريحا او تلميحا هو ضرب من ضروب الجهل بطبيعة وسياسة هاتين الدولتين اللقيطتين فعلا ، وبالتالي مطب يقع فيه البسطاء أو الغرقى او الجشعون يجرون أنفسهم للتهلكة .
لعل سياسة ايران في تطويع التاريخ البشري والسياسة العالمية لخدمة المعتقدات الدينية سواء كانت خالصة الهدف او للاستخدام السياسي ، هي مغامرة معزولة ليس لها مكان في عالم اليوم ، والدين نفسه اول ضحاياها ثم االدوله . وإن ثنائية استخدام الدين في بلاد العرب من أسوأ الثنائيات وأخطرها ، لقد طورت صراعا مجتمعيا في داخلها وأنتجت تخلفا و قادة دينيين متطرفين يتبعهم الكثيرون ولا مكان لهم في بلدانهم فيقعون فريسة برسم البيع وفخ الممولين لتلتقطهم امريكا واسرائيل مادة لصنع منظمات ارهابية ترتد على الأنظمه العربية ودولها شعوبها ،وعلى صورة الدين . وهذا ما حدث ويحدث عندنا .
سلوكنا اليوم سنة وشيعة في خدمة امريكا والمشروع الصهيوني على حساب مصالحنا ، علمنا أم لم نعلم ،اعترفنا أم لم نعترف . الوقت متأخر والمهمة صعبة للتغيير في البلدان العربية ، لكن الظرف المهين والخطير لمن يملك المال منها مشجع على رفع الرأس وتحريك اللسان بالاتجاه المعاكس . ولهذه الدول عبرة في سياسة كوريا الجنوبية بل في سياسات كل الدول التي تدور في الفلك الأمريكي .. أما الوقت لايران فليس متأخرا وبإمكانها أن تصنع فرقا لنفسها وللعرب والمسلمين وليس العكس . فالظرف العالمي وأدواته وسياساته يسمح لها بذلك ، وغيره يجرها لما لا ترضاه ولا نرضاه ..
كاتب اردني

Leave a Reply