أسئله كثيره حول ملابسات ما يجري في الاردن . دولة عند نقطة مفصلية غابت عنها الارادة السياسية وعادت للطاعة الامريكية على هدي عملية سلام لا تقوم على أسسها ومرجعياتها بل على فرض الحلول . دولة ضُخمت مؤسساتها وضخم سكانها وأتخمت بالفساد بلا اقتصاد ولا مورد أساسي ، فاتجهت للديون ثم لبيع مقدراتها الخدماتية والانتاجية التي تُدخل ريعا. وتعمقت ازمتها وغابت عنهامع ذلك الارادةالسياسية للدخول بعملية اصلاح جذري وحقيقي تنقذ به الدولة وشعبها وتعالج الاختلالات على انواعها وتعيد هيكلة مؤسساتها وتقلص بنود الموازنه حسب الأولويات الوطنية وتوقف هدر المال.
بل لجأت الى شن حرب نهب وإفقار وتجويع واذلال على الشعب بلا هدنة. وبلا خجل ولا رحمة ولا تفسير. من خلال سياسة ضريبية ظالمة ومدمرة تقضي على الطبقةالوسطى عماد الأمن المجتمعي، وتوسع الطبقة الفقيرة، ولا تسعف موازنة. شركات تُغلق، واستثمارات تهاجر. ومزارعون وصناع يلاحقون بضرائب ارتجالية متلاحقه، ولا نعرف ما بعدها، ورفع اسعار بلا سقوف. فبإرادة من يا ترى يجري تدمير الدوله وإنسانها ولماذا؟
إن التطورات السياسية على صعيد القضية الفلسطينية والمنطقه ووصول المشروع الصهيوني في فلسطين والمنطقة الى مرحلة متقدمة قد طور المتطلبات السياسية الامريكية \ الصهيونية من الأردن . فطوروا حصارهم الاقتصادي عليه منذ نشأته الى حرب افقار للدولة وتجويع لشعبها باتجاه تهديد الدولة بالافلاس والفوضى وتغيير الأولويات.
فالمشهد في الاردن سياسي بامتياز. وهدفه التركيع تحت وطأت التهديد والإبتزاز. وهناك صعوبة وحيرة في فهم تجاوب قرارات وسياسات الدولة مع هذا المشهد ،وصعوبة في فهم الأسباب التي تجعل صاحب القرار الوطني يقبل المغامرة أو التضحية بالدولة وأمنها ومستقبلها السياسي. فمآلات ونتائج ما نحن به سياسيا ليست في صالح القضية ولا الاردن ولا أحد، واقتصاديا ليست في صالح أية طبقة مهما اعتقدت أنها بمنأى. وليست في صالح التنميه واستقرار الدولة.
فهل نحن نُحكم ونقاد مباشرة من دولة عميقة أجنبية موجودة بين ظهرانينا كرهينة لديها قيد بيعنا حطاما للصهيونية، ولعل هذه الدولة العميقة أمريكية؟. هذا سؤال تفرضه ثقتنا بأن المسئولين في هذا البلد يسمعون ويتابعون ويشاهدون نتائج تنفيذ السياسات على الدولة وشعبها، ونتابع اصرارهم مع ذلك على العزل التام للرأي الأخر وللراي العام، بلا خيار أخر لديهم سوى خطابات تنطوي على العجز الكامل والهروب، وحركات تقليدية ليس هذا زمانها وتزيد الطين بلة.
إن الاصرار على النهج السياسي الذي ما عاد له تفسير مقبول بعد أن توضحت مآلاته الامريكية الاسرائيلية، والاصرار بنفس الوقت على السياسات الاقتصادية والضريبية والادارية مع نتائجها المدمره، وعلى الفساد وانعدام العدالة الاجتماعية وإدارة الظهر للشعب، هو سلوك لا يعبر عن جدية في معاجة التدهور، ولا جدية في طرح مشكلة واحتياجات الاردن دوليا ومحليا. بل يعبر عن مؤشر سياسي خارجي على مستقيل الاردن. ومؤشر على أن الاردن يواحه ضغوطات أمريكية أعنف مما يتصوره المواطن وأعمق، قد ترقى الى التهديد العسكري والسياسي والأمني.
ولقد كان الارهاب والحرب عليه والتحالف ضده ، حزمة أمريكية واحدة، دخلت بذريعتها جيوشها وقواعدها واستخباراتها الى بلداننا من أجل التغيير المطلوب بالقوه والتهديد بها. ومن الصعوبة والسذاجة أن نفصل بين ذلك وبين الرضوخ السياسي، ولحرب الافقار والتجويع. وإذا كان هذا قدر علينا فلا بد لهذا القدر أن يستجيب لارادتنا. وإذا استعصت هذه الارادة فليس بالضرورة أن تُمرر المؤامرات السياسية بكوارث اجتماعية وأمنية على أيدينا.
سيدي صاحب القرار، وسادتي طبقة البرجوازية الكبيرة والصغيره في هذا الوطن، نعم إن الغضب لا يبرر الفوضى والجريمه، والظلم لا يبررهما، لكن ما قول القانون والشرع والسياسيين وميثاق الأمم المتحده والطبيعه الانسانيه عندما تصبح الجريمه من أجل المال والحقوق الاساسية هي الوسيله الباقيه للدفاع عن النفس والحياه ،؟ ارجو الاجابة . لنكن واقعيين ونتحمل المسئوليه عندما لا يفهمها ولا يتحملها المسئولون .
إن المسئولية عندما تتخلى عنها المؤسسة ، تصبح قضية شخصية لكل متضرر بصورة مباشرة أو غير مباشرة من واقع استباق الضرر وحق الدفاع عن النفس . وإن كل ثري في هذا البلد سواء كان ثراؤه مشروعا او غير مشروع ، وكل ميسور الحال فيه وكل منتم للطبقة الوسطى معنيا بالنتائج ، وعليه أن يتذكر بأن أمنه وأمن اطفاله هو من أمن الفقراء وأطفالهم ، وبأنه لا هو ولا ماله ولا باب منزله في مأمن من تداعيات ظلم الفقراء وجوع اطفالهم وتهديد حياتهم . فالسياسة الضريبية وضغوطاتها ورفع الاسعار عندما لا تستهدف سوى الطبقة الوسطى عماد أمن الدولة ، وطبقة الفقراء ، تصبح حرب تدمير شامل للذات .
مما يفرض على كل منتم لمصالحه ولدولته واستقرارها ، أن يتحرك ويعبر عن نفسه بشتى الوسائل السياسية الأمنة والدستوريه للوقوف عمليا بوجه سياسات الدولة . فهذه السياسات لا تفهم بأن الشعرة التي ستقصم ظهر البعير ستُخرج كل الجياع والمتسولين عن صمتهم الى فعلهم الممكن ضبطه ، ولكن شرارة واحدة ستخرج كل المتربصين بأمننا من أوكارهم وتصبح الحالة صعبه وطارده، ونفقد دولتنا وأنفسنا على مذبح الارادة الصهيو – أمريكيه.
كاتب وباحث عربي