ما المطلوب من الأردن …. وما المطلوب له

نشهد حربا تدور رحاها فوق اجزاء من الوطن العربي ، وتتمدد لبقية أجزائه على سبيل الحصر ببرودة أعصاب دولية . حرب في مواجهة تنظيم عدو باسم داعش . مجهولة هويته ، وأحجية في المجالس حلفاؤه . يسير في قفزات واثقه ودوره ملموس وأهداف صناعه محسوسة . وإن وصفه بالارهابي غير كاف ولا واف . ولا كاف أو دقيق عنوان الحرب كمجرد حرب على الارهاب أو على قسم من الدول العربية ، أو على قسم من الشعب العربي ، أو حتى على قسم من الأنظمة العربية . ولا أنها مجرد حرب على العقيدة الاسلامية فحسب . حرب كوارثها ومساحتها الوطن العربي وسكانه ، ووجهت بحرب من تحالف واسع جله من الأجانب ، تقودها الولايات المتحدة وتخطط لها ولا يقودها العرب ولا المسلمين ولا يخططون لها كطرف تحت النار مستهدف .
تقول الدول العربية المشاركة في هذا التحالف ، إن الحرب حربنا ، ولا ندري مفهومهما لكلمة ( حربنا ) إن كان يعني نفسها الدول المشاركه كالأردن ودول الخليج مثلا ، أو يعني حرب العرب جميعهم ، أم حرب المسلمين . فإن هي كانت حرب الدول العربية المشاركه مباشرة ، أو حرب العرب جميعا ، فأين التنسيق العربي منها وأين الجامعة العربية ودراساتها وقراراتها ؟ ، وأين معاهدة الدفاع العربي المشترك وأين المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة . و ألسنا نحن العرب في هذه الحالة من كان عليهم مبادرة الحرب ومن يقودها ويخطط لها وليس غيرنا ؟ ، و أ لسنا نحن إن احتجنا لحلفاء من عليه تحديدهم وتوزيع أدوارهم ومن يعطيهم الممكن من أسرارها ، وليس العكس . إن الجميع يعلم أن التنظيم إن كان بلا سند دولي أو كاف فهو ليس بحجمنا كما ونوعا وإمكانيات وحرية حركة ، وأننا نملك الأرض وشروط المناورة والعقيدة والغيرة الوطنية والقوميه . ونحن أصحاب المصلحه الاساسيين …. .ونحن ندري بأن قرارات الحرب سيادية ، لكن هذه الحرب لا تخص دولة عربية بعينها بعد أن تساقطت الأقنعه ونعقت الغربان دما في أكثر الدول العربية …… . أما إن كانت الحرب هي على الاسلام والمسلمين ومعتقدهم ، فأينكم من دول منظمة المؤتمر الاسلامي التي تصل لطرف الستين دولة والتي نشأت إثر اعتداء واحد على المسجد الأصى ؟ وأينها هي من قيادة معركة الاسلام وهي الدول التي تمتلك المال والسلاح والرجال والعقول. وتملك مباركة الدول الكبرى أو عدم اعتراضها على أقل تقدير إن صحت النوايا.
إن قطرنا الأردني هو الوحيد الذي بقي وما زال متماسكا وأمنا في بؤرة الصراع والخراب والضياع من حوله ، فما المطلوب منه ، وما المطلوب لعه . لقد واجه الأردن إشارة خصصه بها التنظيم ومن يقف خلفه ، وعلينا التقاط هذه الاشارة التي ابتدأت في غموض طريقة أسر الطيار ، شهيد العقيدة والواجب ، ثم رفضهم التفاوض معنا على سبيل الحصر من بين كل الحالات السابقة رغم ما كان مفترضا من حصولهم على مكاسب صفقة فريدة يفترض أن تشمل السجون الأمريكية والغربية وكل دول التحالف ، لكنهم استبدولوا تلك المكاسب بالتصفية السريعة جدا للطيار بكل علامات الاستفهام ، كيف ومن ومتى ولماذا . ، ومن ثم الانتظار عن الإعلان لحين إخراج فيلم بطريقة تصفيته كما يريدون عرضها ….لتهز …وقد هزت فعلا واستفزت كيان كل أردني ، ومشاعر كل من في جسده قلب ينبض . وكأنه المكسب الذي اختاره التنظيم أو شركاء له . الا يستحق الأمر وقفة أردنية برؤية أوسع نرى من خلالها سلسة المؤامرة وحلقاتها وهي تتجه نحونا بوضوح ؟ ألا يستحق الأمر مكاشفة عربية أو مؤتمر قمة دون استباقه باجتماعات وزراء الخارجية الذي يتخاطب من خلاله حكامنا بصورة غير مباشرة بواسطة وكلاء يمررون فيها أرائهم ومواقفهم التي يخجلون من بحثها وجها لوجه أو يخافون .
لماذا نقبل التحييد عن جوهر ما يجري ، وحرفنا عن حقيقة اللعبة ؟ ، وننجر الى تحجيم أسباب هذه الحرب ، وحرفنا عن أهدافها ، وتغييب سبل مواجهتها مواجهة تتماهى وتنسجم مع حرص الدول على وجودها ؟ . لماذا ننجر لتحويلها الى فعل وردة فعل . لماذا ننجر إلى تفكير غير التفكير السياسي الاستراتيجي العميق بما يجري على الأرض لنبني عليه عملا استراتيجيا عميقا وموقفا جادا على مستوى الحدث ؟ أولم يرى حكامنا أنفسهم تحت الفلقة ومستقبلهم عاد أقسى من مستقبل شعوبهم . لماذا يشخصون الحالة كتشخيص المشعوذين وأهدافهم ويعالجون المرض بغير علاجه ؟. هل استحال تفكيرنا واستحالت استراتيجيتنا في مواجهة الحرب المستهدفة للأوطان والشعوب إلى مؤتمرات ومناظرات دينية بعيدة عن المؤتمرات والمناظرات العلمية والسياسية والفكرية والعسكريه ؟ وهل أصبح دور الحكام العرب في هذه الحرب وهم يشهدون وهمية مجابهتها عسكريا وسياسيا ، هو دور المرشد الديني وعقد الندوات الأزهرية والدينية لإقناعنا بأن داعش وفكرها ليست على صواب أو في صواب من الدين ؟ . وكأن القلة من دراويشنا و فقرائنا وجهلتنا وبسطائنا هم صناع تنظيم داعش و محركوه ومن وراء ووراء تحويله لبعبع العصر ؟ أو هم من يشكل قوته وعقوله ومخططيه ومموليه ومقاتليه . .
إن كل شعرة في أجساد حكامنا قبل شعوبنا تعلم بأن خروج الحلفاء الأجانب وعملائهم في أوطاننا من اللعبة كفيل بإنهاء داعش وأخواتها ، وبنزع ثوب البعبع الذي لا يقهر عنها . وكفيل بأن يجعل جيشا عربيا حرا واحدا كالجيش الأردني مثلا إن أعطي الإذن والطريق والدعم اللوجستي الناقص ، قادرا على دحر داعش من مركزيها في العراق وسوريا في أسابيع لا أشهر . بل إن كل شعرة في أجسادنا إن بقي عليها شعر تعلم بأن الولايات المتحدة تستطيع لو كان الأمر يهمها أو ليس في مصلحتها أن تسقط مملكة التنظيم بإنذار واحد أو بيوم أحد .
انها مسؤولية عربية جماعية شعبية ورسمية أن ننظر للأمر من خلال منظار ليس فيه ذرة مجاملة أو مكابرة أو مغامرة على حساب الوطن ومصير الأمة . وأتمنى على حكامنا أن يقرأوا بصوت عال أمام بعضهم ما يقوله كتاب ومفكري أوروبا الأحرار والمحايدين عن هذه الحرب وأن يتابعوا ما يقوله بعض كبار عسكريي أمريكا عن طبيعة تعامل ادارتهم العسكري مع هذه الحرب .