انتهى مخاض إعلان تفاصيل مؤامرة القرن. فاسرائيل تريد الأرض كلها والسيادة كلها بلا عرب فيها. ما يهمنا بالدرجة الأولى ويهم العالم هو الموقف الفلسطيني والرد الفلسطيني. فهو هاديهم لمواقفهم وسلوكهم من الخطة التصفوية. بمعنى أن القيادة الفلسطينية الشعبية (ولا اقصد السلطة هنا ) عليها تقع مسئولية كبيرة وخطيرة في إنقاذ فلسطين وقضيتها وشعبها. فليس هناك دولة في العالم تريد أو تستطيع أن تكون فلسطينية ً أكثر من الفلسطينيين.
على أن يكون معلوما للشعب الفلسطيني أن لأنظمة الشعوب الحرة فضل علينا في حصولنا علىى قرارات دولية لصالح قضيتنا ومن أهمها حق العودة وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره على ترابه الوطني في اطار عدالة قضيتنا والقانون الدولي. وبأن تراجعنا عن أي معنى لأي قرار، فيه خذلان لهم وتضحية بجهودهم، وفيه جرماً أخلاقيا بحقهم قبل الحق القانوني.
وليكن واضحاً لكل أحرار فلسطين أن نهج أوسلو أفقدنا أصدقاء كثر وقلل من مصداقيتنا وغير من سياستهم اتجاه اسرائيل. ونهج أوسلو أسهم في ظهور خونة العرب وانتعاشهم وفي تسيدهم لساحة الأنظمة العربية والجامعة العربية وسهل حركتهم باتجاه دعم اسرائيل والتحالف معها. وأسهم هذا النهج بتطوير توافق دولي بشيطنة المقاومة الفلسطينية بما يخالف القانون الدولي وشرعة الأمم. وكرس من وسيلة المفاوضات حاضنة عربية ودولية لتعميق تهويد فلسطين، وجعل من شعبنا رديفا لجند الاحتلال وحمايته. وباختصار فإن سلطة اوسلو بنهجها مسئولة عن المرحلة التي وصل اليها الشعب الفلسطيني وقضيته، وعن المرحله المتقدمه من الخيانة العربية وعن معاناة الشعب الفلسطيني.
وسواء كان مرد سياسة السلطة ونتائجها القصور في قدراتها وفهمها لطبيعة الصراع وطبيعة العدو، أو كانت الخيانة الواعية مردها. ففي كلا الحالتين وبكل المعايير عليها أن تتنحى وتعتذر للشعب الفلسطيني وله أن يقبل اعتذارها أو يرفضه.. وفي كلا الحالتين على فصائل الشعب الفلسطيني السياسية والعسكرية أن تتداعى للاجتماع وتضع رؤية الشعب الفلسطيني للمرحلة القادمة بعيد عن سلطة أوسلو والتزاماتها، وأن لا تقبل أية مشاركة لرجال هذه السلطة المعدودين.
عباس ما زال يتصرف كزعيم ورئيس باق للفلسطينيين. ويضع تصوره للمرحلة القادمة لنفسه ولوحده. ويبدو للمواطن العادي أن ليس في تصوره هذا أي جديد أو تغيير في سياسته ونهجه سوى كلام لا يخرج عن امتصاص للصدمة الشعبية الفلسطينية. وهذا صحيح لكن الواقع أكثر من ذلك بكثير. فتصوره وطبيعة رده على صفقة المؤامرة لا ينطلق من حقيقة دفن اسرائيل لأوسلو وانخراطها بتنفيذ وعد بلفور في كل فلسطين وامتداده الى الاردن. بل إن طبيعة رده وتصورها ينطوي على تسويق من شأنه الاسهام في تمرير المؤامرة ومخطَّطِها.
فالسلطة بزعامته تصر على تتجاهل التراجع والتحول الصهيوني وخطورة صفقة المؤامرة. فهي حين يتركز او يقتصر طرحها على المستويين العربي والدولي على مناقشة ظلم خطة الصفقة وقصورها ولا يتعداه كما نراه، فإنما توحي بأن الإعتراض الفلسطيني عليها ليس اعتراضا من حيث المبدأ ولا عميقاً وينطوي على المطالبة بتعديلها وتحسين شروطها. وأنه بمجرد تجاوب امريكا بتعديل ما لها أو بوعد في ذلك يمكن التفاوض عليها.
السلطة تعلم كغيرها بأن اسرائيل ارتدت عن اتفاقياتها معها تماماً، ومع اتفاقياتها مع الاردن ومصر التي ابرمت على خلفية ما جاء بديباجاتها من تحقيق الحقوق الفلسطينية وازالة الاحتلال، وارتدت عن قرار التقسيم وعن وجود شريك فلسطيني، وتعلن بصراحة بسيادتها على ارض فلسطين كلها وعدم الاعتراف لاي حقوق للشعب الفلسطيني في فلسطين. وهذا لا يمكن الرد عليه ولا بمواجهته إلا بمثله وأكثر وإلا فعباس يكون متمسكاً بسلطته وعازما على تطوير وظيفتها. وأن اسرائيل عندها ستستمر مع امريكا ومعه بتنفيذ مخططها وسيتفهم الغرب والعالم الأمر.
إن الرد الفلسطيني المنتِج والمنطقي والذي يتفهمه العربي ومعه العالم هو هو في عبارة ( إن عدتم عدنا ) والعودة في هذا بالصهيونية للمربع الأول بالإعلان باسم منظمة التحرير بحق السشعب الفلسطيني بفلسطين كلها وبتحريرها كلها، والإعلان بانكار ورفض أي حق للصهيونية المحتلة بها أمام العالم وأمام مستوطني فلسطين. فتح وفصائل المقاومه والشعب الفلسطيني مطالبون بتفهم ذلك، وبأن نهج عباس وسلطته وسياسته تخدم تمرير المؤامرة، وبأن عليهم أن يستثمروا الظرف لاستلام زمام المبادرة استلاماً آمناً.