هل أصبح الدين والتدين وسيلة لا تقهر للنفاق السياسي والاجتماعي والاخلاقي على مذبح مصالحنا الخاصة ؟. لقد استولدنا منه موروثا اجتماعيا قاتلا فيه رائحة الجاهلية .وأصبح معبودنا وقضيتنا ووسيلتنا للوصول . ونحن نعرف زيف هذا الموروث واقترانه عندنا بكل الموبقات . لقد جعلنا الاسلام ركوبة لتمرير كل انواع الكذب والخداع والمعاصي عشقا للذات ، وأصبحنا حربا عليه ، وهو خير رسالة انزلت على الانسان رحمة وصلاحا وتطهيرا للنفوس. مقدساتنا محتلة ومستباحة، وكذا أوطاننا وحقوقنا ، لكن هذه ليست قضية لنا ولا اسلامية ، بل كأس الجعة وتغطية شعر رأس المرأة وتطويل شعور لحانا وشكل زينا ونفخ بطوننا هي قضيتنا ، التي نخدع بها انفسنا والاخرين. وهذا كله ليس من رسالة الاسلام بشيء ، ولا العقل السوي يتقبله ، ولا المسلم يقبل بتقمص موروثات اليهود وعاداتهم . إن الله ينظر الى اعمالنا وقلوبنا ولا ينظر الى ذكوريتنا وانوثتنا . . لنترك كل هذا كرامة للدين وللوطن والرسالة . وإن اصريتم فلكم ما تختارون ولكن لا تقولوا بأنه الدين وتجعلوه قضية المجتمع ، ولا تفرضونه على غيركم . إن الكبائر تعرفونها فليست فيما نأكل ونشرب ونلبس بل بما نفعل ولا نفعل وبما نؤمن ولا نؤمن .
. ندعي البحث عن الخير والحق والرضا والجنة وكرامة الاسلام وتحرير الأوطان في المساجد ، وفي الصلوات والأدعية وقراءة ما لا نعقل ولا نسترشد ، ونحن نعلم أن ما نبحث عنه موجود في النفوس وفي السلوك وفي بطون جوعى غزة وفي حماية أرواح تزهق كل يوم في فلسطين، وفي نجدة أقصى يئن فلا يجد رجالا. فكم منا يعرف أن أية ” من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ” نزلت بحق امرأة سليمة القلب والسريرة وقفت برجولة لجانب رسول الله في غزوة أحد وهي خولة بنت ثعلبه . إننا نصلي ونصوم ونوحد ونعتمر ونحج، ونزكي القليل حتى لوكان من بركة أيدينا . وما طلب هذا منا إلا شكرا للرب ونصرة للدين وحافزا للحفاظ على كرامتنا وكرامة المستضعفين ونصرتهم وإشاعة العدل والحق والرأفة في الأرض ونحن عن كل هذا بعيدين . إننا في المساجد نسترزق ونختبئ ونرائي ونحصل على جواز سفر للهزيمة والعجز والخداع ، والخالق لم ينزل رسالة الاسلام لنشوهها ونسوقها بغير طبيعتها ولا لنتقول على جلاله .
لقد ضاقت أو طاننا بنا وبثقافتنا وبموروثنا الاجتماعي ، وضقنا ذرعا بتنافسنا على مصالحنا وأهوائنا حتى تآكلت الكعكة. فتدافعنا وأفرزنا حثالة هاجرت تصدر بضاعة موروثها حربا على الاسلام وباسم الله قتلا وتدميرا وظلما مقابل مال الحرام ومتع الحرام . . لقد وضعنا الاسلام في قفص الاتهام ونحن الجناة ، فعصابات القتل والفوضى والخراب ومفتو الشيطان وأئمة الجهل كلهم ولدوا من رحم هذا الموروث الاجتماعي الذي اصبح منهجنا ، فرأفة بالاسلام فلا تدعونه لأنفسكم ولا تتسابقوا على طقوسه نفاقا قبل أن تؤمنوا برسالة الاسلام وأدبه وبغاية المساجد ومن يعمرها . فالشي يدل عليه ممارسة أصحابه ، فدعو العالم يعرف بأنكم لستم اصحاب الاسلام رأفة بالحقيقة الالهية . ولنصلي في بيوتنا احتراما للمساجد وللأقصى وخجلا من الله حتى نصبح امة تصدق مع ربها وتؤمن بأن لا حق يبنى على باطل ولا حقوق بدون واجبات ولا الاسلام مهنة ولا يلزمه بونيفورم .ولا المساجد لتعزيز روح الفردية باطلا بل لتعزيز روح الجماعة بالحق
صالونات الحلاقة والسوبر ماركت والمقهى والتاكسي يستخدمون اسطوانات القرآن الكريم ليسوقوا ورعهم وأمانتهم زيفا ، وزبائنهم مثلهم لا ينصتون لآياته المحكمة ولا يتدبرون . بل يلتزمون بورع اللعبه وهم يقضون حاجاتهم . إننا بفهمنا وسلوكنا نمثل وجها أخر لداعش والنصرة والقاعدة ولكل من يقتل باسم الاسلام في اوروبا وبلاد العرب ويستثني الصهيونية ، فنحن لا نختلف عنهم إلا بالوسيله المتاحه لأننا نسخر الدين لمصالحنا الخاصة وليس العامة، ، ولأننا نصبح متطرفين حين نثأر لأنفسنا أو يتعلق الأمر بمصالحنا الخاصة فنرفع في سبيلها السلاح ونموت دونها ، ونصبح معتدلين عند مصالح الناس والاوطان ورفعة الدين ، فيخفت صوتنا وينعدم فعلنا وتنهدم عزيمتنا ونكتفي بقول” حسبي الله ونعم الوكيل “. مارسها عبد المطلب في الجاهلية بين صنم يعبده وناقة يسترزق منها ، ونمارسها نحن اليوم في النور . لكن طيور الأبابيل ماعادت في سمائنا ولا جنود ملائكة بدر عادت تقاتل . فحق علينا الأخذ بالأسباب
جاء في كتاب الصف السادس ابتدائي في ولاية نيوجرسي الامريكية عبارة واحدة تحت عنوان الاسلام ،هي ” الاسلام يعني الخضوع لله وحده ، وهي ديانة توحيدية جاءت من رحم اليهودية والمسيحية. وقد حرر الاسلام المرأة ورفع من شأنها ” انتهى . ولكن الواقع اليوم هو ،أننا نخضع لغير الله ونشرك به عبادة المال ، ولا نحترم دين الأخر ، واستعبدنا المرأة حتى مسخناها الى sex object وباتت تنظر لنفسها هكذا ، مع أنها منا ونحن منها . ولا شك بأن البعض منا شاهد مقابلة على محطة فضائية مع مسلم أسيوي ،حيث حين سئل عن مفهومه للاسلام أجاب بأن الاسلام هو أن تغطي المرأة رأسها ويمتنع الرجل عن شرب الخمر .
ان كان إيماننا اليوم بديننا وبرسالته ضعيفا أو مرتبكا في نفوسنا ، فليكن وفاؤنا له حق ودين علينا بما حققه لنا من حضور ورفعة بين الأمم وفتوحات وحضارة . ولنرحم حاضرنا ونبرئ ديانتنا ونرفض القوامة والقيمين على الدين ونحارب الاستاذية في الفتاوي والتفسير ونرفض من ينصبون انفسهم قضاة في أحكامه أو شرطة في تنفيذها ، ونحارب كل ما يخل بوسطية الدين ويجعل منه جدليا وخاضعا للأهواء وللإستخدام المزدوج بأبشع الصور . ولنحارب مفهوم طبقة المشايخ في الدين ، فلا طبقية فيه ولا رهبانية ، وليس الدين رهينة لمفهوم شيخ مات قبل مئات السنين عن أمة تعد المليارات أو مئات الملايين
أتذكر قبل عقود ونحن نحي المولد النبوي والاسراء والمعراج بقراءة السيرة وتوزيع الحلوى واقامة الدبكات في الاحياء وموسيقى الجيش تطوف المدن بألحانها . لا نعرف عبارة فلان يصلي وعلان لا يصلي ولا تلك تغطي شعرها واخرى تنثره . ومن ابتلي منا بمعصية يبقى معتزا بدينه وبمواطنيته لأنه لم يواجه تهمة التكفير ولا الاساءة . والاعياد كان عنوانها صلة الارحام وتفقد الفقراء وفرحة الأطفال وترجمة لحب الجار لجاره وليس الهروب في السفر . وجداريات بيوتنا ومدارسنا هي “لا تنس فلسطين” . إنها غفوتنا وصحوة الصهيونية .