يبدو أن ملف اللاجئين الفلسطينيين على قائمة الإستهداف المبكر ، لكنه ملف مارد مرتبط بكل مكونات القضية ويختصرها. إنه يشكل العنوان السياسي النابض للقضية الفلسطينية وللإحتلال. ولكونه ينطوي على حق العودة، فإنه سيكون بالنسبة لإسرائيل مرتبطا بيهودية الدولة ، وبالتالي بتصورها لطبيعة الدولة الفلسطينية أو للمكان الذي ستصدر له مكونات القضية. وهذا ليس موضوعنا هنا، لكن يجدر القول بأنطرحأمكنة غير ممكنه ولا عمليه مثل سيناء في سياق ما يرشح عن الصفقة ،ما هو إلا طرح مضلل وخادع وكاذب جاء لتكريس ثقافة دولية وعربية تتجاوز فكرة قيام الدولة الفلسطينية على التراب الوطني الفلسطيني.
من هنا سنكون بعد القدس أمام طرح أمريكي لحزمة واحده مترابطة بمسميات الدوله اليهوديه والدولة الفلسطينيه وصولا لملف اللاجئين حكما. ومن تجربتنا بما جرى مع القدس فسترفض السلطة الفلسطينية العرض المطروح ومعها العرب أو بعضهم بصرف النظر عن مصداقية الرفض، وتكون النتيجة إعلان يهودية الدوله بتأييد أمريكي، والبناء عليه، وأول لبنة هي اصدار تشريع بيهودية الدولة وربما يكون ذلك استنادا الى قرار التقسيم الذي يقسم فلسطين بين العرب واليهود، واعتبار اسرائيل وصك الإنتداب لحدود فلسطين منالبحر الى الصحراء العراقية.
وهنا ينتهي تعامل امريكا والكيان الصهيوني مع ملف حق العودة ومع البعد البعد السياسي لمسألة اللاجئين وتصبح بالنسبة لهم مجرد مسألة انسانيه تحتاج الى توطين وتأهيل وتعويض ونفقات تُلقى مسوليتها على عاتق الدول العربية. والتوطين لن يستثني دولة عربية حتى لبنان. فلن يكون من المستحسن اسرائيليا تجميع اللاجئين في دولة واحده.
ثم تبدأ معالجة وتفكيك القنبلة السكانية العربية داخل الخط الأخضر بأساليب مقننة وغير مقننه، وتبدأ عملية نزع مشروعية الوجود الفلسطيني هناك والتهجير المبرمج للاستعمار إلإحلالي الصهيوني القائم في فلسطين
لقد كان إنشاء الأنروا كوكاله من وكالات الأمم المتحدة لها خصوصيتها بموجب قرار الجمعية العامة رقم 302 \ 49 قد مثل البعد السياسي لمسألة اللاجئين الفلسطينيين الملازم للقضية الفلسطينية ، والذي يُعبر عنه بُبعدها الانساني المتحرك. ومن هنا كانت هذه الوكالة الدولية مستهدفة منذ عقود لبعدها السياسي في الأساس. وهذا أمر ليس بالسهل، فهي UN.BODY. وتجددولايتها الى أن تسوى القضية الفلسطينية تسوية عادله تسفر عن عودة اللاجئين. ومع أن الضغوطات المالية على الأنروا لم تتوقف يوما، إلا أن إغلاقها يحتاج الى قرار سياسي دولي في الأمم المتحدة وهذا من شبه المستحيل في الجمعية العامة.
ومن هنا كانت محاربة تمويل الأنروا سياسة تهدف الى وقف عملها واغلاقها بالحصار المالي والإفلاس. ورغم عزم الولايات المتحدة أو تهديدها بقطع اسهاماتها المالية للأنروا مؤخرا يأتي في سياق ابتزاز سياسي ،ولعل الكثيرون يتابعون محاولات اسرائيل لنقل مسولية اللاجئين الفلسطينيين من (الانروا) الى المفوضية العليا للاجئين لاغلاق الوكاله ، وليصبح اللاجئون الفلسطينيون عندها لاجئين عاديين بلا خصوصية ولا قضية ولا حقوق سياسية أووطنية مرتبطة باحتلال أسهم به المجتمع الدولي ممثلا بالأمم المتحدة . ولا أستبعد استخدام الصهيونية الاسرائيلية لملف النازحين الذين يقدر عددهم بربع المليون في الاردن ، ليحلوا بحكم مرحلة فرض الحلول محل اللاجين الحقيقيين . بعد أن اغلق ملفهم إثر فشل مسار لجنة النازحين دون متابعته ودون السماح لهم بالعودة ،
إن بقاء هذه الوكاله ( الأنروا ) قائمة بمشروعيتها الأممية ما دامت القضية الفلسطينية قائمه امر بالغ الاهمية والحيوية. وحيث أن الوسيلة المتاحة والممكنه لانهاء عمل هذه الوكاله هوحجب التمويل عنها ، فإن المسئولية تصبح عربية قومية بالأساس. وعلى الدول العربية ذات المال أن لا تجعل من مساهمة امريكا وغيرها عامل تهديد للوكاله، فتهديدعملها وتصفيتها هو تهديد للقضية الفلسطينية نفسها وتهديد بالدرجة الأولى الى حق العودة.
ومنناحية أخرىبالغة الأهمية أن غياب الانروا أو العجز المالي الكبير في موازنتها سيؤثر بالدرجة الاؤلى تأثيرا مباشرا على القطاع التعليمي والتأهيلي والغذائي لحولي خمسة ملايين ونصف المليون لا جئ فلسطينيمسجل في مناطق العمليات الخمس. وبحسبة سياسية نستطيع القول أن المستهدف الرئيسي بقرار ترمب بوقف او تخفيض المساهمة الامريكية بالوكاله هو غزه المحاصره التي يعيش فيها مليون لاجئ يعتمدون بمعيشتهم على معونات الأنروا وبرامج طوارئ دائمه. ومن التواطؤ والعار على الدول العربية التي تملك أن لا تستطيع بمجموعها سد عجز الوكاله الذي لا يصل لماية مليون دولار ،حفاظا على انسانية ومعيشة وتنمية اللاجئين الفلسطينين وحقوقهم السياسية.
إن استهداف امريكا التمويلي المباشر للأنروا التي تدعم وتحافظ بوجودها على البعدين السياسي والانساني لملايين اللاجئين الفلسطينين يضع اول ما يضع منظمة الأمم المتحدة أمام مسئولياتها بصفتها التي تسببت واقامت دولة الاحتلال بقرار منها وتهجير الشعب الفلسطيني، وبصفتها قد أنشأت الأنروا على خلفية القضية الفلسطينية لحين تسويتها واعادة اللاجئن لوطنهم.
ومن هنا فإن السلطة الفلسطينية بمساعدة المجموعة العربية في الأمم المتحدة مطالبة بالتوجه الى الجمعية العامة للأمم المتحدة لاستصدار قرار تُدرِج من خلاله الأمانة العامة للمنظمة في موازنتها السنوية اسهاما محددا لموازنة الانروا يساوي عجزها، انقاذا وتجنيبا وحماية لها من الابتزاز المالي والسياسي الهادف لتصفيتها وتصفية القضية.
كاتب وباحث عربي