من الآخر، وضعنا والحل

أوضاعنا الداخلية تحكمها مسرحية هادفة كتبت لشعب كريم يعاني فيها الاستهداف في كرامته ومعيشته وكينونته التقليدية لوجه الشيطان . المعالجات فيها مناورات ومساعي الاصلاح مسلسلات والوعود تستمر بلا مقومات ، وفكرة المنقذ البشرية سقطت في الاردن. فالمعاناه في المعيشة تتعمق والتراجع يتسارع ، والفشل هو العنوان. كفر الشعب بجدية المساعي، والقول بغير هذا مكابرة أو نكرانا او تسحيجا. فالمشاهد ميدانيه ، تتحول فيها مدن التاريخ والارياف والبوادي لمخيمات الإحسان والصدقه ، واستحال الشعب بأعلبيته الى فئات ما بين متسولين ومتلقين للزكاة وفقراء متعففين ولصوصا ومحتجين ..
الاوضاع السياسيه التي تحكمها السياسه الخارجبه المحتكرة تاريخيا بعيدا عن الشعب والحكومات، تنذر اليوم بالخطر. إننا في خضم أحداث اقليمية ودولية تقود لادماج اسرائيل في المنطقة وطوي ملف القضية الفلسطينية، وتنقلنا إلى مرحلة استواء الطبخة ، بعد أن كنا ننكر وجودها او نأمل بقدرة سياستنا على افشالها .
وبهذا ، فإن الاردن إذا كان هو البلد الوحيد الذي ينعم بالأمن في المنطقه ، فإنه البلد الوحيد في العالم المستهدف كيانه السياسي صهيونيا امريكيا لصالح تفريغ المكونين السياسي والسكاني للقضية الفلسطينيه فيه ، . فالأمن الذي نعيشه يصبح في هذه الحالة مصطنعا وملغما ، والقول بغير ذلك إما جهلا أو انكارا أو تسحيجا . وإن ما او صلنا الى هذه المرحله هو النهج القائم .
النهج القائم عقيم ، يقوم على إلغاء الشعب وتهزيء الدستور والقانون ، أدواته التسلط والإقصاء والرشا وتبادل المصالح مع أطقم اللعبة على حساب الوطن وناسه ، وأسلوبه الخداع والحقن المخدره والانتفال من مسمى وهمي لآخر، إنه هو المسئول عن الفشل وتعريض المواطن لخطر الفاقه والمذلة والضياع ، وتعريض الدوله والكيان السياسي لخطر الزوال . إنه نهج لا يرتبط تغييره بالحكومات ولا البطانات أو الفاسدين ، بل هم نتاجه ومستثمروه . فلا حل مع وجوده .
. الشعب والحكومات في خانة العجز الكلي . الملك وحده يمتلك القرار ، وإذا كانت هناك جدية بمواجهة التحديات الاقتصادية والسياسية ، ورغبة بنجاة الجميع والعمل من اجل الاردن وشعبه ، فستكون هناك ارادة سياسية بنبذ النهج القائم . وأية إجراءات رسمية للإصلاح ، أو عمل سياسي شعبي للاصلاح ضمن هذا النهج هوعمل عبثي وضحك على الشعب.
يعلم الملك بتمسك وإصرار الاردنيين على وجوده مع سلطاته تحت أي ظرف يخصهم او يخصه ، ولا أدري إن كان يعتقد أو يعرف بأن هذا الاصرار على التمسك به يجيء من واقع أنه بشخصه وموقعه يمثل هويتهم السياسية والوطنيه التي يفتقدونها ويفتقدون لأي معلم شكلي او موضوعي لها ، وأن غيابه عن سدة الحكم يعني بالنسبة لهم فقدان تلك الهوية ودخولهم بالمجهول ، وفقدانهم الأمن والمكتسبات مهما كانت . إنهم يعرفون بأنه قادر على نصرتهم والأمر بمنع كل قرارات الجور المعيشي والجبايه ، وقادر على الأمر بالبحث عن مصادر اخرى ووقف نزيف المال العام على حسابهم ..
يحس الملك مثلنا أو يعلم بالتوجهات العظمى والفاعله لطوي ملف القضية الفلسطينية من خلال الخيار الأردني كسيرورة تتدرج لمستقر لها بائس .وأن شكل وسيناريو هذا الخيار محل بحث . وأن مواد الدستور ستفعل في المرحلة القادمه بالطريقة التي ارادها المشرع والتي لا تعطي الملك صلاحيات الولاية العامة ولا السلطة المطلقة التي يمارسها اليوم . فجاءت التعديلات الدستورية الأخيرة بامتلاكه وسائل القوة والفتوى مؤشرا على مرحلة قلقه ، وخطوة وقائية تخص الملك وسلامة وضعه استباقا لما قد يواجه فيها من ضغوط للتخلي عن سلطاته او بعضها. إلا أن نهاية المشهد تفترض بأن الاردنيين والفلسطينيين والملك هم من حيث المصير في مركب واحد وليس من السلامة أن يثقبه طرف . .
الحل هو في عمل سياسي وتحالفي ضاغط بحجمه ونوعه، يلتئم على قناعات مشتركه تخلو تماما من الايدولولجيات ، هدفه المباشر اقناع الملك بمبدأ تغيير النهج على المستويين المحلي والخارجي للدخول في سيرورة وطنية ، منتهاها الدستور الحالي بعد تنقيتة من كل التناقضات واضافات السنوات الأخيرة ، وتفعيله بتطبيقه كما أراده المشرع . الملك فيه يملك ، والشعب يحكم .
وعندما تنجح المساعي وتتوفر القناعة لدى الملك ندخل في المرحلة الثانية ، وهي انتقالية تأهيلية بكل ما يلزمها من قوانين ، يصار فيها برعاية وثقل الملك الى خلق حياة حزبية حقيقية ، تفرز حزبين برامجيين رئيسيين قادرين على الحكم والتناوب فيه . أما إذا جاءت قناعة الملك في اوقات اقليمية ودولية عصيبة فإن خيار اعلان دستوري وخارطة طريق تمهد لمرحلة الانقاذ ستكون محل نظر ،