مسألتنا ليست مسألة تقاضي. إنها مسألة احتلال بقوة الأرهاب واختلال ميزان القوة وترك للمقاومة. وأي منطق تفاوضي سابق أو قادم هو عمل استسلامي واستجلاب وتشجيع لتمادي العدو. ولن يتوقف عند الأرض وسيلاحق العربي في لجوئه. القانون الدولي والشرعية الدولية وقراراتها لا تُطبق على العرب ولا على قضيتهم ولا قضاياهم. لو كان يمكن للإحتلال أن يزول بالتفاوض وبالقرارات لما أقر القانون الدولي وشرعة الأمم بمشروعية المقاومة. وليس هناك سابقة تاريخية بإزالة احتلال إلا بالمقاومه ، وليس هناك سابقة تفاوض لازالة احتلال إلا على أساس نجاح المقاومة ، وليس هناك دولة استقلت فعلياُ لا خداعاً بدون مقاومه. اللا تفاوض في حالتنا هو التفاوض.
أنهت السلطة الفلسطينية أجندتها المعزولة عن اتفاقية أوسلو الاستسلامية تماما. ولا يمكن بقاؤها واستخدامها لأجندة أخرى . نُقدر لعباس اعترافه بالدور الوظيفي ونقدر له التهديد بوقف هذا الدور. ولكنّا نعيب عليه الحديث بأي منطق تفاوضي جديد، ونعيب عليه ونرفض الحديث بأي منطق غير منطق المقاومه التي ما زال يُغَيبها. فالكلمة اليوم للشعب الفلسطيني المقاوم. والرد الفلسطيني الحقيقي لا يمكن أن يكون إلا برسم استراتيجية متكاملة للمقاومة المسلحة والمقاومة السياسية معا على مساحة فلسطين والعالم. العملاء يقبلون كل شيء إلا الإنتحار عندما يُطلب منهم وسيبقى طريقهم للإنتحار قائما دون خيار المقاومة. وعلى شعوب الحكام العرب المعنيين أن يواجهوا العدوان السافر لحكامهم على الشعب الفلسطيني وفلسطين، فهذه مهمتهم، فلا يثقلون الفلسطينيين بهذه المهمة.
غابت القضية الفلسطينية ببعديها السياسي والسكاني عن ما طُرح من الصفقة، والسبب أنها عندهم ليست من شأن السلطة بل من شأن الأردن. ولم يكن خافيا عنا بأن العرض الذي تَقدم به ترمب سيكون مرفوضا بل سَمع الرفض مقدما، لكن هذا الرفض عنده هو أفضل من القبول بل كان مطلوبا لأنه يُقصِّر الطريق للمطلوب الحقيقي، هذا ملف وضعت خواتيمه في صندوق وكل الخرائط الواهمة والمرائط كذبة واستجرار رفض وكسب وقت، ولن تقبل الصهيونية بسيادة فلسطينية أو عربية على شبر من فلسطين وهذا بحد ذاته هو ضم للضفة الغربية يستبق ضمها بقانون على الأرض.
وعد بلفور هو الملف الصهيوني الذي تقوده أمريكا، والأردن في قلبه ومن يدعي أن الأردن تم اخراجه من الوعد ليعطيني أي وثيقة أو ليريني أنه تم تعديل صك الإنتداب مثلا، الدولة الأردنية انشئت وظيفية وما زالت، وهي اليوم مكبلة بإحكام، وليس النظام بنهجه قادر على أدنى مواجهة، فالرفض غير القائم على أساسه لا يعني أكثر من التعمية على الواقع وعلى ما يجري والسير في سياقه. البعدين السياسي والسكاني للقضية الفلسطينية رُحِّلا رسميا الآن للأردن ليدخل شعبه في مرحلة استعمارية فاضحة، إنها مرحلة توحد القضية الفلسطينية الاردنية في وعد بلفور.
لا نريد للملك عبدالله الثاني أن ينتهي للنتيجة التي وصل اليها عباس ولا إلى موقفه المتأخر إن كان صحوة . ولا نريد له أن يطلب من الشعب الخروج للشارع كعباس في وقت متأخر وبعد سنين طويلة. نريد للملك أن يرفض الصفقة على الأرض رفضا قائما على أسسه في الوقت المناسب قبل دخولها الينا. فالمطلوب منه أبسط بكثير من المطلوب من الفلسطينيين. فنحن الان لا نتحدث عن كفاح مسلح في الأردن بل نتحدث عن استباق حدوثه… يا صاحب القرار إن اللجوء للحل الوطني وللشعب ينقذك وينقذ الأردن ويفشل المشروع الصهيوني في فلسطين والأردن.. واحتلال الأرض الاردنية أمامك يبتدئ بضم الأغوار وسيتبعه التمدد والترحيل.
وفي الختام، استخدام القوة لتحقيق المستحيل مستحيل. سبعون عاما واسرائيل لم تشعر لحظة بأنها دولة مستقرة. وشعبها رعاع ومغامرين من اصقاع أوروبا ومشروعها استعماري. بينما الشعب الفلسطيني متجذر بالتاريخ والحضارة ومن خلفه كل الشعب العربي وأحرار العالم. ولا يقرر مصيره الحكام العملاء ولا جبروت القوة الغاشمة. ولا فرصة بأي معيار أراها قادرة على فرض ارادتها واحتلالها على هذا الشعب. سيبدأ التنازل والتراجع الصهيوني مع بداية المقاومة الفلسطينية الأردنية العربية وانتفاضة شعوبنا على حكامها. وسيطلب الصهيوني لنفسه أقل مما يعرضه خداعا اليوم على شعبنا، ولن يقبض هذا العدو إلا الرحيل من ارضنا ومنطقتنا.