نصرة الرسول – طريقها وساحتها

كثرت ردود الفعل العربية والاسلامية على الإساءات بحق رسولنا ومعتقدنا من بعض الصحف المأجورة أو المرتبطة بالصهيونية يثيرونها من وقت لأخر ربطا بالتوقيت الملائم لهم . ولم تخرج طبيعة ردود فعلنا هذه التي اتخذت عنوان \ نصرة الرسول\ عما أرادوها لنا من هم وراء هذا الجرم الذي يبدو لنا مجرد جرم أخلاقي ومعتقدي وهو في واقعه يتجاوز ذلك .
إن نصرة رسولنا والدعوة لها ومواجهة هذا المخطط الرامي لأكثر من هدف سياسي وغيره مما يطال الأمة وفلسفة رسالتها لا تكون إطلاقا بمجرد الشحن العاطفي لشعوبنا ومجتمعاتنا المشحونة أصلا ، ولا بالخطابات الدينية الخالصة منها والأخرى التي تحمل أهدافا ضيقة أو غير ضيقة لا ترقى لإصابة الهدف . ولا أن تكون على أرضنا فقط فليس منا من لا ينصر الرسول ومعتقدنا وليس ذلك منتجا لما نصبو إليه . بل يجب أن يكون هذا الرد عملا مدروسا وعلى مستوى عمق الحدث ، ويأخذ شكلا قانونيا وسياسيا واعلاميا واعيا ، وبلغة يفهمها حكام الغرب وشعوبهم ويحسب لها حسابا . فالرد يكون في أرض المعركة وفي الوسط الذي يساء فيه الى رسولنا ويشوه فيه معتقدنا ، رد يطال طبيعة البيئة التي توفر الغطاء القانوني لكل تلك الإساءات الهادفه . فنحن كمسلمين لا نستطيع أن نتماهى مع طبيعة تلك الاساءات لمعتقدنا ولرسولنا ولا أن نرد عليها بمثلها . ولكن لسنا أيضا من يقف عند حد النقد والانتقاد ، ولا ممن يستمرون في العزوف عن صنع الحدث ، ولا ممن يستمرون على تناول أحداثهم الملقاة علينا بسطحية قتلتنا على مر القرن .

ليتني كنت حاكما عربيا حتى لو كان عميلا . لتكون لي فرصة أتعامل فيها لمعالجة الموضوع مع الغرب المستعمل لي بتواضع ، وأقول للحاكم الغربي وأنا مطأطأ الرأس حتى لا أبان متمردا ، سيدي ها أنا أقدم لك عرضا بخدمة مشتركة لشعوبكم وشعوبنا ، تغنيكم عناء وتبعات ردود فعلكم التي تدعي شعوبنا نحن العرب بأنها مسرحيات لا حول لكم ولا طول الا بها وهي في محصلتها ليست أكثر من صب الزيت على النار . ودعنا بهذا العرض نفوت الفرصة على من يدعون كذبا وبهتانا بأن الصهيونية المبجله وكل مخربي العالم وراء تلك الرسوم التي يراها المسلمون أصحاب العلاقة المنتشرون في كل المعمورة وتعدادهم قارب المليارين بأنها تسيئ لهم ولمعتقدهم وكرامتهم بالصميم . وهذا عرضي بفتح الباء سيد ي ومولاي ولن يكون خارجا عن القانون الدولي وبالقدر الذي يفيدكم كثيرا ويفيدنا قليلا
هناك اربعة اطراف لللمشكله طرفان يقع عليهما الضرر المدعى به ، وطرفان واضحان متسببان بهذا الضرر .

أما الطرفان الواقع عليهما الضرر فالأول والمرئي هم العرب والمسلمون . والثاني الذي نحسه ويهمكم ويهمنا معكم سيدي هو السلم والأمن الدوليين والتعايش السلمي بين الشعوب
أما الطرفان المتسببان في هذا الضرر، هما الأول بضعة من الكتاب والصحفيين ، وهم بما يفعلونه غير خارجين عن قوانينكم بالتأكيد ، ودعنا أيضا في هذا من قول أنهم مدفوعين بمصالح خاصة وبارتباطات لهم مع الصهيونية كما تدعي الشعوب الاسلامية والعربية . ولكن لنتفق بأن بأن فعلتهم ااستفزت الأخرين وتسببت بالمشكلة على ساحاتكم وساحاتنا … …..أما الطرف الثاني المتسبب بالضرر وبالمشكله معا فهو القصور في القوانين الناظمه والضابطه لحرية التعبير من تلك التي تتفق مع القانون الدولي وليس من خارجه .
أما ونحن الأن بصدد إيجاد حل للمشكلة ، فدعنا نستثني التعاطي والربط بين الطرف المتضرر مباشرة وهم العرب والمسلمين وبين المتسبب المباشر وهم بضعة من الصحفيين والكتاب ، وذلك لتناقض الأهداف بينهم ولعدم الجدوى ، ولو على سبيل الإفتراض . ولنستثني أيضا إشغال نخبتنا ومؤسساتهم المتواجدة على أراضيكم بمهمة توعية الكثير من أبناء شعوبكم على حقيقة المعتقد الاسلامي من واقع النص القرأني المعتمد كحقيقه ، وعلى ما يعتقده جموع شعبنا من أن هؤلاء البعض من الصحفيين مدفوعين بمصالح ومكتسبات شخصية تدفع ثمنها شعوبكم وشعوبنا ، فهذا قد يكون مجديا في التقريب بينهم وفي التفهم للواقع والتخفيف من الاحتقان لكنه لن يكون حلا حاسما للمشكلة بهدوء .
ولنذهب سيدي إلى اختصار الطريق إلى ما هو حاسم للمشكلة بطريقة رسمية وقانونية تحفظ السلم والأمن الدوليين ، كما تحفظ الاستقرار والأمن القومي لبلادكم وبلادنا إن شئتم . ونعزز ديمومة التعايش السلمي بين شعوبها . ويكون ذلك وبكل بساطة ،.بواسطة تفعيل القانون الدولي القائم فيما يخص حرية التعبير . وليس مطلوبا منكم سن قوانين جديدة من أجلنا أو من خارج إطار القانون الدولي . وأمامنا على سبيل المثال في هذا\ العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية \ الذي يمثل ركيزة اساسية في القانون الدولي . حيث تنص مادته التاسعة عشره في فقرتها الثانيه على حرية التعبير بكل الوسائل . لكن نفس هذه الماده تنص في فقرتها الثالثه على ان هذا الحق في حرية التعبير في الفقره الثانيه يستتبعه واجبات على الدول بإخضاع تلك الحرية لبعض القيود بموجب نص قانوني و يكون ذلك ضروريا في الحالتين التاليتين نصا وهما
أ- لحماية حقوق الاخرين أو سمعتهم
ب- لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الأداب العامة
نعم إن بعض دولكم قد فعلت الفقرة الثالثه تلك بقوانين في حالات محدودة ومسماة بعينها واستفادت منها اسرائيل مع أنها ليست بأهمية وبحجم المشكله التي نواجهها جميعنا . ونحن اليوم نطلب منكم وأنتم الحريصون على الأمن و الاستقرار الدوليين والأمن القومي وعلى تعايش الشعوب السلمي وعلى القانون الدولي نفسه ، نطلب تفعيل نفس الفقرة من نفس المادة بقوانين تسنوها لحماية كل ذلك . ومع أن هذا هو استحقاق قانوني لصالحنا جميعا وفيه ردعا وتخلصا لأية أثار سلبية عليكم ، فإنه أيضا حق استوجب تفعيله على الأرض لنا جميعا .
وبعد، أقول للقارئ الكريم بأني أطمح من هذا المقال توجيه رسالة الى حكامنا العرب والمسلمين وليس فقط لمسئولينا الأردنيين ليبادروا بأخذ المبادرة بالطرق الدبلوماسية لحساسية الموضوع . فمعالجة الأمر هو من شأنهم هم وليس من اختصاص شعوبهم . رسالة أتوجه بها عطفا على اللقاء الذي عقد في عمان أمس وشاركت فيه تحت عنوان \ نصرة الرسول\ ، وضم حشدا من شخصياتنا الأردنية المشهود لها بالوطنية والغيرة على ديننا ورسالتنا التي يراد تشويهها . حيث كان التوجه في ذلك اللقاء لعقد مهرجان شعبي . ومع أن المهرجان عمل فيه فائدة ،إلا أننا نطمح الى ما يتعدى شحذ الهمم وابراز عواطفنا والتعبير عن سخطنا ، الى ما يخرج عن هذا المهرجان إن حصل ، عمل منتج نخاطب من خلاله أصحاب القرار لدينا بالتحرك للقيام بمسئولياتهم ، وأنا على يقين بأن القائمين على اللقاء مفتوحين على كل الاقتراحات .