الدول تتصارع على مصالحها في وطننا العربي النائخ على أربعة. وإيُّ مصالح هذه…إنه افتراس. أمريكا اللاعب الرئيسي ليس خوفأ على مصالحها فهي ليست في خطر وحضورها العسكري والسياسي راسخ في دوائر الحكم بمختلف العواصم العربية التي تهمها. ومع أن سياسة ادارة ترامب ضد التورط خارج امريكا، إلا أنها أصبحت من أكثر الادارات تورطاً فاضحاً بحكم صفقة القرن. اتفقنا أو اختلفنا إن إيران لإسرائيل عقبة أمام هذا المسعى. فمنطقتنا لا تتحمل بالنسبة لاسرائيل مشروعين كما لا تتقبل بمحصلته دولة فلسطينية أو فلسطينية أردنية، لا بجانبها ولا في المنطقة.
إن تم استيعاب إيران والتفاهم معها فسنقتربُ كثيرا من سلاسة تنفيذ الصفقة، وإن أصرت على التصعيد والمواجهة فإنها إذا وصلت لطريق مسدود قد تتراجع وتَخرج بخسارة وكرامة وطنية، أو تفعلُها وتضرب اسرائيل بواسطة حزب الله من باب (عليَّ وعلى أعدائي). وعندها لن تكون إسرائيل بخير ولا مستقرة داخلياً ويكون ذلك مدعاة لانتعاش المقاومة الفلسطينية والرفض الشعبي العربي ويتعطل أو يتجمد المشروع الصهيوني وصفقته، وهذا حُلم تَحكُم تحقيقه الصدف النادرة. لكنّا كشعب عربي في الأردن وفلسطين لسنا معنيين بانتظار زلزال يقع على اسرائيل، بل معنيين بالعمل والإعتماد على النفس، ونحن قادرون كشعب وبتصرفنا كشعب على إفشال أي مخطط صهيو أمريكي ونحطمه على أرضنا.
فعلى بلاطة أقول، إن إسرائيل ومعها امريكا تفهم ما معنى وحدة الشعب في الأردن وخطورته على مشروعها، وما معنى تمزيق الشعب لنفسه لإنجاح مشروعها. العمل جار ويتصاعد في الأردن لصنع مقدمة توصل للنتيجة المطلوبة للعدو. وهناك بوادر ومبادرات لرش زفت الطلاء الأسود للعبور عليه، وبِبَذر بذور الفتنة بين المكونين الأخوين، والنظام عرَّاب. اللعبة هذه المرة هي مع المكون الفلسطيني، فأطباق العسل المسوم بدأت تُقَدَّمُ إليه في الوقت المتساوق ولكن في الظرف الخطأ. أطباق حقيرة تَذوَّقَها َ الشرق أردنيين من قَبل في ظروف العماء فنالت من الأردن ومن فلسطين ثم أرتدت عليهم ووصلنا اليوم لما نحن عليه. لعلِّي كفلسطيني أقول، هذه ” نطة وفاتتكم ” وكأردني أقول” الصِّاجية” المغشوشة قد أطعمتمونا إيِّاها في الظلام والظلام موعدها. لكنها ضَرْبَة لدينا مناعتها والحكمة في استيعاب الدرس وفي العبرة لمن اعتبر ونحن لها. وكشعب واحد أقول، لن نلبس إلّا ما نفصله بأيدينا لأنفسنا ولا نأكل إلا من أطباق نحن نطبخها ولا نَنُطُّ إلا على أحبال تنسجها أيدينا.
من ذات المستعْمِر وذات النظام تَخرج ذات اللعبة علينا ثانية من الغرف السوداء. تَتَبَعَّرُ كلامنا وتخترق فعلنا نحن مكوني الشعب الواحد. أخرُجُوا منها نحن ماضون، فالشعب الفلسطيني لم يخدع بقضيته من العدو بل خُدع مِن لابسي ثياب الشقيق والصديق. اللعبة اليوم ليست في ظرفها الزمني ولا الذاكرة تخون شعب (العيال كبرت ) وما كان العسل يوما لفلسطيني سوى فلسطين وقضيتها وما كان هذا الفلسطيني إلا أردنيا، وما كان الأردني يوما إلا فلسطيني، خذوا الأسماء معكم ولكم واتركونا نحن عائلة واحدة من شعب ممتد في وطن كبير واحد.
الخيانة المطروحة اليوم في السوق خيانة وطن ودين ومقدسات عنوانها القضية الفلسطينية ولا أعظم. وليكن واضحا لكل فرد في هذا الوطن وأخص المعتاد على الخيانة أو الطامح لركوب صهوتها أو مَن في نفسه مرض يَجْنَح لشفائه بتطويع عروض العسل المسموم لهدف استمراء الخيانة، بأن الحدث جلل ولا مجال للإستعباط، وعيوننا على كل متعاون بمرتبة مساعد عرَّاب. فالمسألة ليس فيها نظر ولا وجهة نظر، إنها إلغاء فلسطين والأردن من الخارطه السياسية وطناً وشعباً لحساب الصهيوني.
المعادلة فيما يستجد من طرح جديد في الساحة الاردنية واضحة. شقها الأول أننا أمام خواتيم تصفية القضية الفلسطينية بصفقة القرن، بتصالح واعتراف عربي بالاحتلال وبتفهم دولي.، وهذا يعني أننا أمام مُتَطلَّب أساسي بالصفقة هوالغاء حق العودة الوجه السياسي الدولي للقضية غير الممكن إلغاؤه كقرار دولي من صُلب القانون الدولي وحقوق الشعوب والممارسات التاريخية، عُزِزَ بانشاء وكالة الغوث غير الممكن لأمريكا إلغاؤها. ولذلك سيصار للعمل على الإلتفاف على حق العودة والوكالة بتوطين اللاجئين سياسياً، وعلى استثمار حالة التفرقة الوطنية والخلل في مواطنية المكون الفلسطيني والظهور بمظهر المُنقِذ لهم ولحقوقهم في الأردن ظانِّين جهلنا بأنها لعبة قذرة عمرها عقود طويلة عشناها جميعا، وظانِّين أن ذلك سيُنسي المكون الفلسطيني فلسطين. والأكثر استخفافا بعقولنا وتأمراً مكشوفا أنهم يقرنون استخدامهم الجديد مع جر من هم تحت الضغوطات في فلسطين إلى خارجها وإلى الأردن بمختلف المخططات والمغريات.
،وبهذا أقول للعدو ولكل من يسير بمخططه أن كل فلسطيني في الأردن هو بعرفنا كالنازح من مكان لأخر داخل وطنه بفعل الاحتلال العسكري لفلسطين الوطن أيضاً. فهو مواطنٌ في الأردن بالأصالة كما الأردني مواطن فلسطيني في فلسطين بالأصالة، بوجود دولة وحكومات أو بدونها فليست هي ولا غيرها من يقرر ذلك بل الواقع المستقر عبر الأزمان. وهذا لا يُنسي الفلسطيني أينما كان وكيف ما كان فلسطين ومرابعها مربى أجداده بل يزيده إصراراً على تحريرها. وإن معاناة المكون الفلسطيني بمواطنيته التي يعاني مثلها سواد الشرق أردنيين أنتم صنعتوها لأهدافكم الاستخدامية وتقومون اليوم بحاولة استخدامها ثانية لجرم أكبر بحق فلسطين والأردن. وهذا ينقلنا للشق الثاني من المعادلة.
الشق الثاني منها، أن الغيرة الخادعة على مواطنية المكون الفلسطيني ومبادرتها الخبيثة، تأتي من نهج سياسي اردني مرتبط بنهجِ الحليف العدو الذي مهمته افتراس فلسطين وشعبها. والحليف هذا لا يعرف للأردن وجوداً ولا لشعبه قيمة انسانية، ولا لنظامه يداً يصافحها ولا آذانا يخاطبها لولا هدفه بابتلاح فلسطين وعلك الأردن وهضمه، فكيف لعاقل شريف أن بُصدق مخرجات متوخاة من هذه المبادرة غير سلاسة العبور لابتلاع فلسطين وعلك الأردن وهضمه وابتلاعه، أو لفتنة دامية قاتلة لنا جميعأ توصلهم لمطلوبهم بمبررات مُسَوِّغة دولياً ؟.
وفي الختام، هم يفهمون ونحن نفهم أننا شعب واحد بكل ما للكلمة من استحقاقات ومستحقات في دولة لا نوّاب لنا فيها ولا حكومة منَّا ولا نظام يسمعنا، والكل علينا. جعلونا مكونين وهذا شأنهم. وهم يعلمون ونحن نعلم بأن لا مكان للحيادية لمكون منا إزاء ما يجري في الأردن او فلسطين أو مع أي منا. فإما نكون معا ونصنع فشلهم بأيدينا وإما أن نكون مختلفين ويصنعون فشلنا بأيدينا. والفرق بين فشلهم وفشلنا في في هذا هو الفرق بين أن نكون أو لا نكون.