في الرابع من هذا الشهر، أوباما يتحدث باسم النظام الأمريكي لمدة تزيد عن 45 دقيقة مع توماس فريدمان، يستطيع السامع أن يستخلص منها أن النية معقودة على خلق عدو للعرب يفوق اسرائيل بعدوانيته عمقا وانتشارا ليدخلوا في مواجهة معه تاركين اسرائيل وشأنها خلفهم بل ليستعينوا بإسرائيل على هذا العدو الجديد وهو ايران .
ومما قاله أن ايران دولة اقليمية قوية وخطيرة وفي النهاية ليس بمقدور أحد من منعها من صنع القنبله ، ويستذكر ظلم بلاده التاريخي لها على لسان الحكام الايرانيين وكيف عملت الولايات المتحدة على إيذاء الشعب الايراني زمن الشاه وفي حرب صدام .. ويؤكد اوباما بأن الاستراتيجيه الصحيحه في تعامل بلاده مع ايران وحماية اصدقائها في المنطقه هي في فتح عهد جديد في العلاقات معها وفي صداقتها . ويميز في المقابله بين حمايته لاسرائيل وحمايته لأصدقائه العرب ، والمضحك المبكي أنه أي اوباما يؤكد أن الخطر على الدول العربية هو من سياساتها الداخلية وحمايتها يجب أن تنطلق أولا من تغيير هذه السياسات ومنها امتهانات حقوق الانسان . (لا تعليق ) سوى أن أمريكا تسمح للأخرين بأخذ اسبالب القوة لحماية أنفسهم وتتعهد بحمايتنا بشروط ,
عقدت القمة الأخيرة في الشرم ليس كقمة طارئة ولا غير عادية وفي انفصام تام عن الواقع وما يجري ، وكأن الظرف المتكرر عبر السنوات ما زال نفسه ،وأهداف التحالفات ما انحرفت ، وكأن المستهدف أيضا نفسه ولا يتعدى الشعوب ومصالحها ، . والمنطق الطبيعي في هذه الحالة يقول أن جزيئات القمة بعشرينيتها قد أصبحت بعد انفضاضها على لا شيء في مواجهة عدوين اثنين متحالفين ضمنا ، بل وصراحة إن أمكن ذلك، ولكنه تحالف على هدفين مختلفين بوسيلة واحدة هي تطويع الأنظمة وتوجيهها للهدف الخاص لكل من العدوين . والعدوين هما القوى الخارجية نفسها والشعوب العربية نفسها ، وإن عجز كليهما عن التطويع غير وارد .
إن الناظر للقمة الأخيرة يرى فشلها في روتينيتها ونتائجها إزاء ما تواجهه الأمة والأوطان والأنظمة نفسها من مخاطر الزوال أو الهوان بمستجدات ترسم هذه المرة نهايات ، ولا تواجه من الجادين بغير مستجدات في النهج وفي طبيعة التحالفات وهيكلة جدية في عمل القمة وهو ما لم نره . فالنهج نفسه ساد القمة وما بعدها ، وطبيعة التحالفات وشكلها ما زالت رغم عبثيتها التي أثبتتها أحداث السنين ورغم تغيير قواعدها اليوم من طرف واحد ولحسابه دون الطرف الاخر ، وعمل القمة هو ذاته ، وزراء خارجية يصيغون قرارات مقزمة تخلو من الاستراتيجية تستحيل الى قرارات اعلامية ، تقوم على قاعدة أن الكلمة تساوي الفعل ، يبحثونها على التلفونات مع مرجعياتهم التي تمتهن الحضور البروتوكولي ومباركتها بعيدا عن المواجهة والحوار والمكاشفة . ليصبح المشهد في القمة الأخيرة محيرا بكل المقاييس . قمة عادية في ظرف استثنائي لا تتعامل مع الواقع العربي والدولي بمعادلاته الجديدة ولا مع خطورته الداهمة وأحداثه ، وخذلان لهموم وطموحات الشعوب
زامنت القمة المد الايراني لباب المندب وموانئنا ومرافقنا الحيوية تجاريا وعسكريا وسبقتها فزعة عربية قبلية وصوت مجلجل وتوعد مزلزل وأهداف معلنه ، وهجوم جوي يبدأ بغطاء إعلامي قوامه الإعلان عن جاهزية مئات الألوف من العسكر ومئات الطائرات المقاتله وعشرات السفن الحربية. ودعم لوجستي أمريكي ودولي وتصريحات لدول اقليمية ، أن امضوا فنحن ملتزمون بحماية ظهوركم . ولزمت ايران حدودها وبقي المستهدف بلا جيش ولا مدد . وتعقد القمة وتأخذ قرارا بتأطير العمل العسكري العربي من فراغ ، معزولا عن نظرة سياسية شمولية استراتيجية . ثم تمر الأيام على منتوج حمله كاذب وولادته فاشله واسمه طي النسيان . ليصرح بفشل القمة ورخاوة أرضيتها بسطحية الخلافات بين القادة واختلاف الأهداف وزيف المسعى الذي يكرس اليأس ويعزز مسيرة الأمر الواقع المر . ويستغله لاعب دولي هي روسيا لتركب موجة الخيبة وتصنع منها ورقة لنفسها ولها في ذلك مسوغ . فالحرب أصبحت وبالا على اليمنيين ودخل الحوثيون عدن ووصلوا للمندب ولم يدخل العرب المعركه . وعجزنا عن إيجاد أرضية قومية تحالفية مشتركه من دولتين أو ثلاث . بل عجزنا عن توحيد تصويتنا في الأمم المتحد نصنع به قوة سياسية وحلفاء بالمجان .
درجنا نشهد للشعوب العربية هما واهتمامات مشتركة ، وطموحات واحدة ، تحررا وتحريرا ورخاء وموقعا بين الأمم ، لكن هذه الطموحات التقليدية أصبحت اليوم كمالية وترفية ، لتستبدلها الشعوب بطموحات أخرى أصبحت هما بحد ذاتها يطال أمن وحياة المواطن العربي في حاضره قبل مستقبل وطنه وهو يراه قيد التدمير والاستباحة رؤية العاجز المتطلع للوهم لينقذه ، فللأوطان رب يحميها . إن الشعوب توحدها الأزمات وفقا لنوعها ، وشعوبنا في أزمة مستمرة لكن أزمتها الحالية أزمة نوعية . ونشهد بالمقابل حكومات عربية بقادتها لا تلتقي همومها وطموحاتها مع مثيلتها لدى شعوبها ، تجمع الأزمات قياداتها في قاعة ولا توحدها على هم مشترك ولا طموح واحد ، فاسدا كان أو فالحا ، يخص أحدهم كان أو شعوبهم .
دول بحكومات عايشناها بلا لون سياسي نسميه ، ولا اقتصادي يسعفنا ، ليس منها واحدة تستطيع حماية نفسها ومصالحها ، ونشهد بذات الوقت دولا تمكنت من بناء قوة اقتصادية بلا ذهب أسود أو أصفر ولا مورد مالي أساسي ، وأخريات منها حققت قوة رادعه تحترم بها نفسها وتحميها . ومما يعنيه ذلك أن ليس من دولة عربية واحدة متصالحة مع نفسها فكيف مع شقيقاتها ، أما شعوبنا فنحت لتقليد قادتها في سلوكها أو التماهي معها ومع ما تقول ، همومها باتت في قرار مكين وطموحاتها باتت أحلام . وعلم المنطق يقول إن النتائج مرتبطة بالمقدمات وتخرج منها . فالحكومات العربية تشكل مقدمات تساوي عددها ، ونتائج على عددها . لكن الأزمة التي تواجهنا اليوم ليست كسابقاتها شكلا وموضوعا ومساحة . وإذا تركنا الشكل والموضوع لكثرة العلك بهما ، لوجدنا المساحة تطال هذه المرة القادة لتصبح الأزمة افتراضا منطقيا كافية لتشكل لديهم هما مشتركا وطموحا في الدفاع عن النفس ولا أقصد بالنفس هنا الشعوب، وهذا لم يحدث فأين السر فينا وفيهم ؟ ومن تسأله يقول السر في الشعوب . هناك حقيقة في مجتمعاتنا القبلية وهي أنه لا منزلة ولا قرار ولا قوة للرعيان إلا على أغنام تسوسها ، فهل نستحضر هذه الحقيقه ، أم ستتحول الأغنام الى عبيد ؟ ، فالعبيد يثورون