نعلم أن الحاله القائمة بين إدارة أوباما واسرائيل لا تسمح باستئناف عملية السلام . والحديث معها وهي ( تضبضب ) أوراقها للرحيل هو مجرد كلام لقتل الوقت بانتظار الادارة الجديده . ويبدو ان حديثنا سيستمر معها ومع غيرها محصورا بحل الدولتين ، وهو حل أزيلت مقوماته المادية والسياسية وتم قتله والتمثيل به على مدى عشرين عاما بفعل التعامل السياسي والدبلوماسي الدولي والعربي الخاطئ مع اسرائيل . ولم يتبرع طرف للأن من إخراج شهادة وفاته . ولو كانت الظروف القائمة اليوم بالضفة هي ذاتها قبل عشرين عاما ، لما اتخذ حينها قرار بحل الدولتين . فالتعلق بهذا الحل هي حالة انكار للواقع من قبلنا وملهاة تعطي اسرائيل الوقت لتصدير الملف الفلسطيني للأردن بحكم الأمر الواقع . وللتذكير فإن سياسة قبول الأمر الواقع والعمل على أساسه هي سياسة أمريكيه راسخه، والأمثله في هذا كثيره.
أما عن علامات وفاة حل الدولتين ، فنحن نشهد الأن في الضفة مدنا مطوقه بالمستوطنات وأراضي منهوبه ونحو ستماية ألف مستوطن ، وسيطره كامله على المنطقتين ب ،ج ، واستباحة عسكرية وأمنية للمنطقه أ . ونشهد جدارا عازلا فكك اوصال الضفة وقسمها الى ثلاثة محابس معزولة وبلع المزيد من اراضي الضفة وجعلها منطقة طارده . ونشهد حكومات اسرائيليه تتشكل من أحزاب مناهضة للوجود الفلسطيني في فلسطين ، وتعلن شروط يهودية الدولة وسيطرتها على غور الاردن مع اي تسويه ، وبالقدس عاصمة لها ، ……. وعلى الجانب الفلسطيني قضمت المؤسسات الفلسطينية وتفكك ما بقي منها وترسخ شرخ فلسطيني فلسطيني ، وفقدت ثقة الفلسطينيين بعملية السلام . فنحن الأن أمام واقع سياسي وجغرافي وسكاني جديد على الارض قضى على مقومات حل الدولتين.
نسأل ما هي الخيارات أمام الاداره الامريكية الجديده عندما نتكلم معها ، وبهذا نتصور ثلاثة خيارات على سبيل الافتراض المنطقي ، وبدون استثناء لحل الدولتين افتراضا خاطئا .
الخيار لأول هو التمسك بحل الدولتين .إن جدية هذا الخيار تتطلب رغبة وقدرة أمريكا واسرائيل على العودة للمربع الصفر جغرافيا وديمغرافيا وسياسيا ، وبالذات الى ما كان عليه الوضع في الضفة قبل 22 عاما وكان يؤهل لأن تبتدئ منه ومعه عملية حل الدولتين . بمعنى إقناع اسرائيل او اجبارها على عكس توجهها السياسي أولا ، ووقف المعيقات التي رسختها على ارض الضفة وعكسها حتى ازالتها ، وأن تنظر للضفة كنظرتها لغزة حين انسحبت منها بقرار استراتيجي ، وتسلم بأن القدس مدينة محتلة كغيرها من مدن الضفة … . ويتطلب هذا الخيار وبنفس الوقت على الجانب الأخر ، إعادة بناء الثقه في نفوس الشعب الفلسطيني والسلطه بجدية حل الدولتين ، وإعادة بناء وترسيخ المؤسسات الفلسطينية وإدماج حماس كشريك تحت دستور ديمقراطي ، ومنع أي تدخل إداري أو أمني او عسكري اسرائيلي في المنطقه (أ )ابتداء .
إن تحقيق متطلبات هذا الخيار يتطلب إحداث معجزات على الصعيد الاسرائيلي ، وإحداث تغيير في السياسة الأمريكية إزاء اسرائيل والعرب لتأخذ موقع صاحب المسئولية ، ولا تكتفي بالقول بأنها لا تفرض حلا على أحد، وتسكت بنفس الوقت عن أفعال اسرائيل المدمرة للحلول مثلا ، بمعنى أنه خيار مستبعد .
أما الخياران الأخران ، فينطلقان من افتراضنا لرضوخ أمريكا للواقع الجديد على الارض الفلسطينية واعترافها بزوال مقومات حل الدولتين . فيكون عندها الخيار الثاني هو ، أن تبقى ضمن سياسة اسرائيل في كسب الوقت لاستكمال شروط ترحيل الملف الفلسطيني الى الاردن . ويكون خيارها الثالث هو البحث بحسن نية عن حل جديد تكون مقوماته المادية والسياسية متوفره ، لنصبح نحن الأردنيين بالذات معنيين مباشرين به وبصنعه بالدرجة الأولى ،
والأن ، إذا اعترفنا أو افترضنا فشل حل الدولتين ، واستبعدنا (افتراضا) الخيار الثاني القائم على تصدير ملف القضية بواحد من سيناريوهات الخيار الأردني ، واستثنينا قبول اسرائيل لفكرة الدولة الواحدة ، واستبعدنا لجوء اسرائيل للحسم العسكري لكونه سيخلو من استراتيجية سياسية منتجه لها ، يبقى أمامنا إما حل الفدرالية الاسرائيلية الفلسطينية كمعجزه سياسيه رغم توفر شروطها المادية ، وإما الدخول بحالة جمود ، ينخرط فيها الفلسطينيون والعرب في حرب باردة مع اسرائيل أشبه ما تكون بهدنة طويلة . فماذا نحن فاعلون ؟ .
وبهذا أقول ليس هناك من قضية سياسية لا حل تفاوضي لها ، شرط أن يكون طرفا النزاع كلاهما لا أحدهما ، مخلصا لقضيته ومالكا لأوراق تحريكها وملوحا بها على خلفية المفاوضات . وهذا هو ما يحدد طبيعة الحل التوافقي وينتجه .
مسئولونا شركاء في ما حصل وفي ما سيحصل من خير أو شر، فلا رحمة بالسياسه ولا كرم ولا تبرع . ولا ثقة بوعودها عندما تتعلق بوطن وشعب ، والتفاوض المحترم يقوم على أسسه فقط . أسقطنا ورقة المقاومه المسلحه المشروعه وهو خطأ تاريخي ، وأسقطنا استخدام اتفاقية وادي عربه والضغط السياسي ، وقدمنا مقدراتنا المادية والسياسية عربون صداقه مجانيه أو مقابل وعود ، وحاربنا من أسموهم بمتطرفينا وعزلناهم وذهبنا نتفاوض مع متطرفيهم ، فتحولنا لمتسولي حقوق ومفاوضات نسخن بها وجوهنا فحسب … فهل نحسبها من جديد ثم نأخذ قراراتنا ؟ .