من يلغي نفسه فهو ملغي . ومن يطأطئ رأسه يصبح مجهول الهوية . ومن يتجاهل الواقع يجعل منه حقيقه . ومن ينام على ضيم يصبح عليه . أنا أرى بأن الشعب الأردني فاقد لاعتباراته الشخصية والنفسية والقانونية والسياسية .وأنه هو من افقد نفسه لاعتباراته هذه وليس أحد أخر . وعلينا أن نعترف بالمنطق ونقول بأن من يصبح منا وزيرا او رئيسا لحكومة قد وصل وجلس على الكرسي بنفس مواصفاته المزريه وهو مواطن، ولم يصل لمركزه شعبيا، ولا كمواطن حر وكامل الأهلية أو قادر على ابداء رأي أو قول كلمة أو فعل فعل من رأس نظيف وحر . عبدا طليقا كان وعبدا مستخدما أصبح .
الشيخ لا يصنع بقرار أو بمرسوم ، بل يكون من بيت أهله وتاريخه شيخا . ومواصفات الشيخة يعرفها الناس على رأسها عدم المساومة على تراب الوطن وكرامة الانسان وحقوقه . وقد كان لدينا شيوخ . وكل مسئول عامل أو متقاعد يدعي اليوم أنه شيخ وكبير انما هو مأجور كبير وعبد صغير .
على ماذا التسابق على الأوهام ، و نحن كشعب وكدولة نواجه تحديات لوجودنا ومعاشنا ومستقبلنا . المنطقه تغلي في مخاض لا حكامنا ولا نحن كشعب في موقع يؤهلنا أن نؤثر فيه ولا أن نواجه نتائجه ولا أن نختار ما نريده او نرغب في تقريره . على ماذا التسابق وعلى أية غنائم ونحن نعيش يومنا مترقبين غدا مجهولا يفتي به سوى منجم كاذب ، ولا من تغيير سوى للأسوأ. وينطبق علينا المثل الذي يقول ( بجهنم وبتبا….) حقا إنه يدمي القلب ما نسمعه من اهتمامات ناسنا على مراكز التوحش التي لا تعني سوى منصة انطلاق لصاحبها على جيوب الناس والخزينة ، وعباءة جاه مزيفه يبصم متلبسها باسم الاردنيين على بيعهم ووطنهم ،. هل الأباء انجبوا جيلا لا يكبر ؟ ولا نكبر الا عندما نصحوا على حاضرنا وماضينا .
كان منصب رئيس الوزراء في مرحلة ماضي الامارة والمملكه مصمما على قياس محددات السياسة الخارجية وعلى رأسها المشروع الصهيوني والوطن البديل . وكان النظام ضعيفا يواجه الابتزاز من أصدقائه في الغرب ومن اسرائيل ويواجه الرماح من كل صوب عربي . ونجا مع مرور السنين بحنكة من التحديين وانتهت المرحلة . وكانت وسيلة النجاة هي اتحاد الملك الراحل مع الشعب والجيش كاتحاد الأب مع أبنائه في جبهة داخلية منيعة حلت محل الديمقراطية وفعلت فعلها ونجحت لتفسد أي مشروع ابتزازي ويصبح النظام في مركز قوة ، ويصبح منصب رئيس الوزراء على قياس الاردن وشعبه وطموحاته ،في البناء والنهضة ومواجهة الضغوطات الخارجية .ولقد ساعد النظام في اتخاذ القرار سقوط الأنظمة العربية كلها بعد عام 1967 دون أن تترجل فتهزأت واعتلى نظامنا صهوة المواجهة الندية والوقوف بوجه الملعوب وكل المؤمرات معتمدا على تحالفه مع الشعب والجيش . حتى أصبح تذمر مجموعة من المواطين من ضيق كافيا ليقطع الملك زيارته لأمريكا ويعود للقاء أبنائه .
استمرت الأنظمه العربية ودولها في التراجع وسقطت من أعين مواطنيها وقام ما سمي بالربيع وسقط ودخلت المنطقة في مخاض سياسي سلاحه التدمير والتهجير والاستباحة وهدفه الشرق الاوسط الجديد الذي يجهز على العروبة ودولها والقضية الفلسطينية ، وعادت مرحلة الابتزاز وعادت معها الشمولية وتغييب الشعب ومؤسساته وعاد منصب رئيس الوزراء التنفيذي ليواكب متطلبات المرحلة التي يستكمل فيها المخطط الصهيوني ،ومن يفوز بالمنصب يفوز بغنيمة لنفسه ولا فضل للمواطنين في ذلك عليه فينسلخ عنهم ويبدأ ببناء مجد له فيتذكر ماضيه ليعود اليه بعد طول غياب فيبحث عنه في القبور ويقرأ الفاتحة عليه . قفزة في الهواء ورقصة في الظلمة لا أكثر .
حلم الثورة العربية الكبرى كما قرأناه في مدارسنا لم يتحقق، بل قتلت فكرته ولم تعد مطروحة . وكبونا ولم ننهض ونحن في تراجع ، وهمنا كمواطنين تركز على اللحاق بعظام ترمى لنا من غرباء عنا وعن همومنا ووطننا . الشعب كلمة جمع بمضمونها ، ولا وجود ولا قيمة له فرادى . نحن بحاجة الى جرس تقرعه نخبة تنهض من تحت الرماد ، بحاجة الى رجال أردنيين وطنيين زاهدين بكل مراكز الزيف والعبودية فدأء وكرامة للوطن وأجياله . الساحة خاليه من هؤلاء، ومسكونة من الوصوليين والأنانيين والغرباء وباعة الأوطان . على الاردنيين أن يدافعوا عن أنفسهم وعن وجودهم ووطنهم وهويتهم من خلال عمل سياسي وطني جاد .