أسئلة أمام الحكام العرب

يرفض الرئيس الفرنسي استقبال بوتين ويهدده بالمقاضاة أمام الجنائية الدولية على خلفية الدماء العربية البريئة التي تسفكتها روسيا في حلب . وجونسون وزير خارجية بريطانيا يدعو لمظاهرات امام السفارات الروسية تعبيرا عن السخط والاحتجاج على ذبح المدنيين العرب في نفس المدينة . وقبلها حَمَل الرئيس التركي وعضو الأطلسي لواء مقارعة اسرائيل عمليا على خلفية مذابح غزة . نعم ان هذه التصريحات يصدر بعضها او كلها عن متسببين في بلاء امتنا وذبح شعوبنا ، وليس هاجسها في هذا مصلحتنا . ولكن
لماذا يصمت حكامنا ، ويتكلم القادة الاجانب يواجهون القتلة لشعوبنا ، ؟ أنا أعرف بأن حكامنا ليسوا بإمعات ولا رويبضات ولا بلا شرعية ، ويحافظون على ماء وجوههم . وأعرف انهم وطنيون وشجعان وأحرار وعروبيون ومسلمون وانسانيون ، ويكترثون للدم العربي . وأعرف ان ألسنتهم ماضية وجريئن علي اتخاذ القرارات . وأعرف أنهم رحماء بشعوبهم ومتسامحين معها ومتواضعين، وصناديد غلاظ مع الاعداء وذوو أنفه . فما السر إذا ؟.
هل هؤلا الحكام الاجانب كانو مخطئين من وجهة نظر حكامنا ، أم أنهم كانوا متسرعين بتصريحاتهم ولم ينتظروا حكامنا ليقوموا بهذا الواجب ، هل أن هؤلا الحكام الأجانب مازالوا يعتبرون أنفسهم حكاما للعرب ، وحكامنا وكلاء لهم بلا روح ولا ارادة تمكنهم من قول حرف ” لا “، أم أنهم مقتنعون بأن حكامنا مفصولين تماما عن او طانهم وشعوبهم ويعيشون حالة الضياع التي تعيشها شعوبهم .
المواطن العربي يحتار في السبب ، لكنها حيرة سائق التكسي عندما رَكِبت خلفه امرأء عارية بالكامل وأخذ يطيل النظر اليها من المرآة حتى سألته ، ألم تر في حياتك امرأة عارية ؟ فأجابها بلى والله ، لكني أنظر وأتساءل من أين ستخرجين لي النقود .
لماذا تصمت الجامعة العربية وتخرس منظمة المؤتمر الاسلامي وتغيب البرلمانات العربية ومنظمات حقوق الانسان العربية وتلتزم جحورها الفارهه . ولماذا لم نر الاحزاب والنقابات العربية توجه جماهيرها لوقفة احتاجية ؟. فأنا أعرف بأنها ليست بلا مبادئ ، وأنها حرة لا تتبع وتُوجه وتأتمر بأمر اصحاب القرار في دولها ، وبأن وجودها ليس ديكوريا ولا للمنظرة ولا لتأدية أدوار مأجورة خدمة لنفسها ولمن استأجرها . ربما أنها تعبت من متابعتها وتفاعلها مع الأحداث ووصلت لطريق مسدود ، ومشغولة حاليا بمراجعة جدواها .
هل أن ما يحكم سلوك حكامنا مدونة تفوق الحكمة والتعقل والاعتدال والتسامح الذي يتمتع به حكام الغرب . أم أن لحكامنا ودولها مصالح مع روسيا تفوق مصالح الغرب مع تلك الدولة وبما يعلو على الدم العربي ؟ . ما هي المعادلة التي تربط حكامنا مع روسيا ومع حكام الغرب ، وما هي ثوابتها ومجاهيلها . بل ما هي المعادلة التي تربط الحاكم العربي مع الشعب وتربط كليهما مع الوطن .
هل العلاقة بين حكامنا وحكام الغرب تربطها جوامع مشتركة لا يجوز تجاوزها ؟، وهل شعار “البلد اولا ” شعار مستورد يلزم حكامنا بفك الارتباط وشطب التعاطف بين الدول العربيه وبين شعوبها . فقد كان المُضَلَل بهم مثلي يعتقدون أن فلسطين وحدها الهدف من هذا الشعار.
بالأمس غًبط الفلسطينيون أشقاءهم في الدول العربية بأن لهم دولا وحكاما ، وجيوشا وحماية وأمانا ، وأوطانهم حرة . وبادلناهم الكلام من علٍ ، أن اصمدوا بأرضكم ، وقاوِموا الاستبداد والمحتلين . وتبجحنا بكل الكلام الكبير نشيدا ولحنا ” حيطنا مش واطي ” لكن رؤوسنا وصلت اقدامنا ، حكاما وشعوبا . هذا يبحث كالطير عن حبة بر حتى تأتيه رصاصة الموت ، وذاك يبحث عن كنز مدفون يثري فيه تجارته قبل التقاعد . ولم نكن نعلم بأننا دول فاشلة عليها أصنام تُعبد ، وبأن كُفرنا هذا سيجعل منا وقودا لجهنم ، ليساق الفلسطينيون اليها مع التاريخ . أيها الفلسطينيون أنتم من لم تلوث سايكس بيكو عقولكم وثقافتكم ولا عروبتكم وشعوركم القومي . أنتم تيجان الرؤس ، وسترفضوا الانسياق.
نحن نحب الحياة مثلكم حكامنا ، ولكن مع الوطن . نحبها ولكن ليس مع اليأس ولا بأي ثمن ، ونكره الموت مثلكم ولكنا نحبه أحيانا رغما عن ارادتنا ، ونقبله على كره إذا كان قدرا محتوما علينا . ولنا عبرة في الشفي الذي لا يصحى إلا بعد كأس ، حين وقف على قبر ولد له يُؤبنه بعد أن مات ظلما، فقال بلكنته اللبنانية ، يا موت.. لوكنت جبالا لصَعدنا اليك ولو كنت بحورا لعبرناك .. لكن يا موت (……جملة غير صالحة للنشر ) تخدش الحياء بعرفهم ، ولا يخدشه الصمت على الكبائر .