هناك اتفاق شبه عام على عدم صحة ما جاء بالتوراة من أن الأدوميين هم من نسل عيسو شقيق يعقوب أو انهم ممن اتفق على تسميتهم باليهود . حيث يدعي كتبة التوراة التي بين أيدينا كما جاء بها أن كلمة أدوم مرادفة الى عيسو استنادا للقصص غير التاريخية المرتبطة بعيسو في التوراه على اساس ان الإسمين يعنيان أحمر أو الأكول أو الطبيخ ( قصة طبيخ العدس التوراتيه ) لكن المؤرخين وعلماء اللغة والأثار يستبعدون هذه القصة ويؤكدون أن اسم الادوميين مرتبط بالمكان وبشعوب المنطقه ، ومما يوثق ذلك هو ما جاء ذكره في ملحمة كرت الأوغارتية ( الفنيقية/ الكنعانية ) التي يفهم منها أن أدوم اسم مرتبط بمدينة أو بمكان معين وشعب معين . حيث يقول النص التالي المأخوذ من نصوص أوغاريت للدكتور علي أبو عساف ، وفيه الاله ايل يخاطب ابنه كرت قائلا // باليوم السابع تصل الى آدوم الكبيرة ، الى آدوم الثرية ، تحيط بالمدينة حقول الحنطة ، وعلى جبالها الحطابون ….// ..
وقصة طبيخ العدس في التوراه تتمثل في تأمر اسجق وزوجته رفقه على سرقة بكورة عيسو ولدهما الأكبر وإعطائها الى يعقوب . ففي القصة عاد عيسو من الحقل جائعا فوجد يعقوب يطبخ عدسا فطلب منه أن يطعمه منه ، إلا أن يعقوب قال له لا اعطيك ما لم تتخلى لي عن حق البكوره ، فوافق عيسو . أما حق البكورة في التوراة فهو أن الابن الأكبر هو من يستحوذ على كل ارث ابيه . وقد يسأل سائل لماذا حق البكورة هذا لا ينطبق على اسحق واسماعيل مع ان اسماعيل يكبره ب 13 عاما ، والجواب هو تاريخي حيث أن البابليين وكل اصحاب حضارة وادي الرافدين الذين أخذ عنهم كتبة التوراة الكثير مما ضمنوه في كتابهم كانوا إذا لم تنجب الزوجه يتزوج الرجل خادمتها ، الا أن ابن هذه الخادمة لا يرث . وقد اتبع كتبة التوراة هذا النهج ويمكن مراجعة قوانين حمورابي .
ولعل مما يدلل على عدم صحة ماورد في التوراة من نسب الأدوميين الى عيسو هو ما ورد في سفر التكوين في الاصحاح 32 فقره 2 في حديثها عن عودة يعقوب وزوجتيه ليئه وراحيل وأولاده من فدان آرام شمال سوريا ونصه //وأرسل يعقوب رسلا قدامه الى عيسو أخيه الى أرض سعير بلاد آدوم ./ انتهى . يتضح من النص أن الأرض أو المنطقة لم تكتسب اسم آدوم من عيسو وغير مرتبطة به حيث أن عيسو لم يكن بعد قد شكل عشيرة كما كان اسحق ما زال حيا.
ان الباحث أو القارئ للتاريخ يدرك ارتباط الأدوميين ببقية شعوب المنطقة من عمونيين وموآبيين وأراميين ، ويدرك ارتباط تاريخ الادوميين بالأنباط لا سيما خلال العصور الاخيرة . حتى أن بعض المؤرخين يؤكدون أن الادوميين هم أنباط سيما وأنهم أي الأنباط جعلوا من مدينة سلع ( البتراء ) ( وتسمى أيضا الرقيم ، أو بصيرا ) أ التي تقع في وسط آدوم عاصمة لهم دون أن يتحدث التاريخ عن أية حروب أو احتلالات بينهم . بل تتحدث التوراة عن تاريخ طويل من العداء والحروب بين اليهود والأدوميين . وقد جاء في الفقره 8 من المزمور 60 في سفر المزامير ما نصه . الرب يقول مؤاب مرحضتي وعلى أدوم أطرح نعلي
. وقد ذكرت دائرة المعارف البريطانية تحت اسم Edmo . الأتي : ان أدوم هي الأراضي المحاذيه الى اسرائيل القديمة وهي اليوم جنوب شرق نهر الأردن بين البحر الميت وجنوب العقبة وأن الأدوميين ربما احتلوا تلك المنطقة في القرن الثالث عشر ق م . وتقول دائرة المعارف اليهودية “جيويش انسيكلوبيديا” “إن الأدوميين اندمجوا بالشعب اليهودي”،
وتقول “نيو ستاندارد انسيكلوبيديا”: “منذ ذلك الحين، أصبح الأدوميون من غير نسل يعقوب يشكلون جزءا من الشعب اليهودي وكان هيرود، ملك يهودا، من نسلهم. أما دائرة المعارف اليهودية (انسيكلوبيديا جودايكا) الصادرة في القدس عام 1971 جاء فيها ما نصه في عهد جون هيركانوس، في نهاية القرن الثاني قبل الميلاد، أصبح الأدوميون ، وهم ليسوا من نسل يعقوب، جزءا من الشعب اليهودي”.
بل وأكثر من ذلك فان التاريخ يوثق بأن هيرود انتيباس Herod Antipas ابن هيرود الأول الذي عينه الرومان حاكما على فلسطين كان متزوجا من ابنة الملك الانباطي الحارث الرابع Aretas واسمها كما ورد في المصادر الغربية وقاموس اكسفورد هو Phasaelis . فالرأي المنطقي والأقرب للواقع أن الأدوميين هم من من القبائل العربية والتي كانت تسكن قديما في جنوب الاردن .
ويذكر أن الأدوميين والانباط (وهم ربما منهم) قد ورثوا دولة او مشيخة يهوذا في الهضاب الجنوبية لفلسطين بعد انهاء الوجود اليهودي وسبي السكان على يد نبوخذ نصر ، وذلك من الخليل الى بئر السبع وشرقا الى وادي عربه . ويقول البعض أن الأدوميين قد اختفوا من التاريخ لدى تدمير القدس على يد تيطوس سنة 70 ميلاديه الا أن الواقع غير ذلك حيث بقوا عنصرا وشعبا فاعلا من خلال مملكة الانباط لاحقا حتى الفتح العربي الاسلامي
ملحوظه من الكاتب عندما اتكلم عن يعقوب واسحق فإنما كما جاءعند كتبة التوراة الذين شوهوا صورة الانبياء ، وليس يعقوب واسحق عند المسلمين . أما ليئه وراحيل شقيقتان ، وكان في التاريخ المقترض لهما اي في حدود القرن التاسع عشر ق م مازال الجمع بين الأختين شائعا وزواج الرجل من ابنته أو اخته وأمه جائزا في كل الحضارات القديمة وقد كان سيدنا ابراهيم متزوجا من اخته ساره . ثم حرمت التوراة اهذا لاحقا والتي ابتدأت كتابتها في القرن السادس ق م ودامت ثلاثة قرون