على ماذا وفي ماذا نحتفل بالسنة الجديده ؟ هل ابتهاجا بما ستحمله لنا أم تيمنا بما حملته سابقتها ، وهل أمة بهذا الواقع تحتفل فرحا أم رياء أم تقليدا من واقع الانفصام عن الواقع ؟ أوطانها عادت مستباحة وبيت مذلة لها ، ومسرحا لمناورات الأمم السياسية والعسكرية الحية ،حتى باتت فيه للخواجا فئران تجارب تبحث عن مهرب من ذبح ممنهج … . لننسى هذا ونأتي إلى الإنسان الذي هو أقدس من الأوطان التي لا تفدى بالارواح إلا لأنها توطنه وتحضنه ، وتشكل معاشه وأمانه وتحافظ على عنوانه وكرامته ، بل أن حياة الانسان أقدس عند الله من المقدسات التي ما كانت إلا وسيلة يتقرب فيها إلى جلاله .
إن كل مواطن ومسئول اردني يعلم بأن حياة هذا الانسان المعيشية والنفسية والسياسية والاجتماعية والأمنية الهشة لا تسر صديقا ولا محبا ، وكلها في تراجع يقضم كرامته وحقوقه ، ويتسبب في تعذيبه وتهديده . أما كون هذه الظروف لم تتقدم بعد الى الخطوة التي تجهز فيها عليه ، فذلك لأنه يتعايش معها وتتعايش معه بحكم تمسكه الشديد بالنظام الهاشمي أولا ثم بحكم سياسة الترقيع والتخدير القائمة على برامج قوامها الكذب والخداع والديون وضرائب التشليح والتشبيح والمناقلات وتسكير أبواب على حساب أخرى والتنقيط في الحلوق كسياسة لا تحل مشكله بل تؤزمها . فهذا لا يبني ثقة ولا يهدئ نفسا ولا يببني حاضرا ولا يؤمن مستقبلا .
إن الناظر لمسرح العمل الرسمي في دولنا يجده one show man . أذرعه حكومات جشعه وفاسده ومجالس نيابيه ونخب مصنوعة من جنس وطبيعة واحدة ولمهمة واحده ، وفي غياب كامل للشعوب التي أصبح دورها مقتصرا على الحس بمعاناتها وعجزها ، وعلى تحليل لغز ما يجري في المنطقة لقراءة مستقبلها ومستقبل وطنها ليوم أو اسبوع ، عبثا إنه بالحبر السري مكتوب .
والسؤال المطروح أمام المسئولين ومهما علوا ، ماذا ينتظرون لهذا الوطن وشعبه في ضوء ما نشهده من فشل كل لاجراءات والسياسات والتقنينات في وقف التراجع على الأرض وإسهامها في تسارع هذا التراجع . لا شك بأنهم يعلمون بأنها سياسات واجراءات للمشاغله ، وبأن هذا الفشل هو نتيجة منطقية لفساد الأساس والارضيه التي تقوم عليها تلك الاجراءات بفعل النهج السياسي العصي على التغيير والاصلاح ، فهو الذي يقف وراء كل فشل وعلى أي صعيد .
إن استمرار غياب الارادة السياسية الحرة في تغيير النهج السياسي المعمر ، يعني التساوق مع احداث المنطقة هرولة نحو الدولة الفاشله .والمصير المعتم . فالغبي بات يدرك بأنها دولة أفراد لا دولة شعب او مؤسسات وبأن هؤلأ الأفراد المسئولين شكلوا طبقة انسلخت عن هموم الشعب والوطن . افرادها يقيسون عمر الدولة بأعمارهم أو بأعمار وظائفهم ويخططون لها بمقاس مصالحهم وضمائرهم . وهو ما يسلط الضوء على مدى موجبات وجدوى التمسك بهذا النهج البائد .
وفي ضوء ذلك لا أقول بأن هناك سيادة مطلقة للدول المستقلة كدولتنا مثلا ، لكن أقول أن هناك لمثل هذه الدول متلازمة ، وهي الحرية في اتخاذ القرار لديها ، وإذا افتقدتها فإنها تكون مفتقدة لسيادتها ، فالتنازل عن جزيئات من السيادة يكون في الدول المستقلة نابعا من حرية اتخاذ القرار بعيدا عن الاكراه والقدرية ، وهو ما يميز الدولة ذات السيادة عن الدولة التي لا تمتلكها . وإن سيادة أي نظام عندما تكون مرتهنة لا يعني أن النظام تبرع بها ولا أنها بالضرورة اغتصبت منه في دولة مستقلة ، بل يكون لذلك ثمن يصبح فيه أسيرا له ( والكلام هنا عام ). فنراه يعبر عن السيادة المفقودة بأشكال أخرى يقنع فيها الأخرين بأنه نظام وله سلطة وسطوة وله حرية الحركة والقرار بوسيلة واحدة هي فرض هيبته على الداخل والاستئساد على الشعب وقمع احتياجاته وطموحاته وحرياته تحت شعار حماية مصالحه ومصالح وطنه ، أما فلسطين التي كانت شماعة الجميع فلم تعد منتصبة فقد بركت بحملها الثقيل ونشرت غسيلهم
ربما يكون من محصلات ما يجري هجرة هؤلاء المسئولين بما غنموه من سياساتهم وحربهم المريرة والعنيدة على شعوب منهكة وأوطان مرتهنة ، ولكن ساعة الصفر قد تطول وتطول معها معاناة الشعوب وتتعمق ، فما الحل ؟.
فهل يكون الحل أن يهاجر الشعب كله ويترك البلد لمن يحكموه بهذه الطريقه . ربما يكون هذا حلا للمسالمين من أمثالنا وطريقهم للخلاص والنجاة ، فسيدنا وسيد الخلق صلواة الله علية قد هاجر من بعد ثبات ومن معه من بيئة الظلمة والقهر ليصنع النور بكلمات الحق ويعود به على كل الانام . ونحن سنثبت ما استطعنا لذلك سبيلا وسنبقى نصلي من أجل الأردن ومن أجل فلسطين وشعبيهما.