يبدو أن ما يلوح في الأفق هو عدم الوصول الى تسويه تضمن سوريا موحده بعيدا عن التقسيم المباشر او التقسيم في قالب اتحادي ، وهذا إن تم فسيكون في اطار اعادة ترسيم المنطقه او تفتيتها وسيكون عندها عملا جنائيا متعمدا ضد الشعوب العربية تحديدا ، وسيكشف بوضوح بأن المشهد سياسيا وعسكريا كان فعلا مسرحيه بامتياز في خدمة سيناريو لمخطط أمريكي صهيوني اضطر الأخرون للتعامل العسكري المتناغم معه بوعي او دون وعي في حرب تهجيرية تحت وقع ارهاب الجميع ، وسيضطر هؤلاء الأخرون للتعامل مع نتائجه سياسيا بحكم الامر الواقع . فامريكا والغرب قادرون على ترشيد ما يجري وتأمين التسوية النظيفة التي يدعون بها مع المحافظة على مصلحة روسيا في سوريا دون الأسد ، لكن الصورة تتكلم عن نفسها وداعش أصبحت وسيلة ومحل استغلال للجميع لتأمين الأدوار والمصالح .ولن تصبح هدفا عسكريا حقيقيا الا بعد استكمال مهمتها.
أمامنا مؤشرات قوية على فشل عملية التسوية السلمية الجارية على قاعدة سوريا موحده ، وأنها مجرد مدخل لتسوية أخرى ، فهناك اختلاف في النوايا والمصالح والأهداف بين الدول الكبرى والأقليمية على السواء تكشفها طبيعة المواجهه ، والاصرار على عدم الاتفاق على التنسيق العسكري والسياسي بين تلك الدول واستمرار خلق الذرائع وخلط الأوراق وعدم القدرة على بلورة أطراف االنزاع ، كما تكشف عن وهمية هدفهم المشترك والمعلن .
وإن طبيعة هذه المصالح والنوايا والأهداف المختلفة لا تسمح لأصحابها بطرحها على طاولة مفاوضات متعددة الأطراف ، ولا تطرح بوجود الضحية عليها كما نشهده اليوم ، بل تطرح عادة في أعقاب حسم عسكري على الارض السورية ، وهذا أمر أصبح من الماضي ، حيث أن أمريكا كسيده للعالم لن تنجر لحرب عالمية بل ستتعامل سياسيا مع الموقف الروسي الضاغط بجانبيه الاستعراضي والتهديدي ، وسيكون هناك في النهاية تفاهما امريكيا روسيا على التسوية التي تؤمن تحقيق المخطط الامريكي الصهيوني والمصالح الروسية والايرانية معا
إن روسيا التي فرضت نفسها على النظام وعلى العالم كسيده في سوريا ، أصبحت تتعامل مع الدول الاقليمية بلسان النظام كدوله محتله أكثر منها حليفه . إلا أن تواجد الدول العظمى والاقليمية والتنظيمات السورية المعارضة والمواليه على أرض سوريا بالإضافة لوضعها المدول في الأمم المتحدة وخارجها يمنع روسيا من الإعلان عن ذلك أو من ربط سلوكها بالاحتلال ويمنعها بنفس الوقت من فرض تسويه على مقاسها ضمن سوريا موحده ، ويسمح لها بأن تكون شريكا مؤثرا في هذه التسويه إجرائيا وموضوعيا ، كما يضمن لها القدرة على تعطيلها . فروسيا التي تفضل تحقيق مصالحها في سوريا موحده وتلتقي مصلحتها هذه مع المصلحة العربية والسعوديه كشريك أساسي ، لا يهمها في النهاية إن تحققت مصلحتها في سوريا مقسمه . وأمريكا تفهم وتتفهم كل ذلك
على ان يكون مفهوما هنا بأن مشروعية الوجود العسكري الروسي في سوريا لم تعد مرتبطة قانونيا بموافقة نظام الأسد بعد أن تآكلت سيادته على اراضي سوريا ، بل أصبحت مرتبطة بالأمر الواقع الذي أفقد الدولة تعريفها وشروطها والذي على أساسه يقوم وجود وتدخل بقية الدول في سوريه
إن روسيا دولة استخبارية بالدرجة الأولى وتدرك تماما ما يجري في المنطقة على سبيل اليقين وما يجري فيها على سبيل الاحتمالات القوية . ولعلها تدرك أن الحل وطبيعته هو في يد صانع المشكله وخيوطها. والمراقب يفهم من زخم سلوك روسيا العسكري وطبيعته ومحل تركيزه بأن مراهنتها على تحقيق التسوية السياسية في سوريا موحده هي مراهنه شكلية أو أصبحت كذلك ، وان البديل لها هو تأمين مصلحتها في سوريا المقسمه .
فعندما تصل العملية السلمية القائمه لطريق مسدود فلن تتخلى عن هدفها ولن تخلي الساحة وقاعدتها ، بل ستعمد الى تحقيقه في ظل البيئة القوضوية التي ستتعزز بعد الفشل السياسي ، وتقوم بعقد صفقة مع المحور العلوي الايراني لإقامة دولة علوية على خلفية تفاهم شفاف او ضمني مع امربكا بعد استكمال حملة التطهير الطائفي التي تقوم بها الآن في المنطقه العلوية بحيث تكون هذه الدولة تحت الحماية الروسية وتفتح الطريق لدويلات درزية وكردية وتركمانية الى جانب العربية السنية ،. وهو ما يقع في صلب المخطط الصهيو أمريكي .وستستمر ايران في استغلال الدولة العلويه والاحتفاظ بورقة حزب الله ولكن ذلك سيكون حله في إطار حفلة لبنان السياسيه.