بداية لا خلاف بأن قرار فك الارتباط هو مجرد قرار سياسي ورد في خطاب للمرحوم جلالة الملك حسين . ولم يتحول لتشريع أو يصدر من خلال قانون ، ولم يصدره مجلس الوزراء صاحب الولايه لغاية الأن . وإذا أخذ مجلس الوزراء قرارا به فلم نراه بالجريدة الرسمية . وإن الخلل لا يقف عند هذا فقط ، ولا عند وضع وتطبيق تعليماته من خارج القانون والمأسسه ، ولا عند عدم الوضوح والثبات والشفافية فيها ، ولا في نزع نظري لجنسية جماعة بموجب قرارات ادارية بعد ان كانت قد قد حازت حوزا عليها بقانون دستوري حتى لو كان القانون خاطئا وليس بمصلحة القضية ، فتلك الجماعة لم يؤمن البديل لها . بل امتد الخلل أيضا إلى التطبيق المجزوء للقرار ، حيث أن قرار فك الارتباط قد شمل الأرض نصا . وهو ما يعني إنهاء وحدة الضفتين الذي كان وما زال وقتها خاطئا وليس في مصلحة القضيه . وإن إنهاء الوحدة التي تضمنها قرار فك الارتباط يستلزم العودة لتحديد حدود المملكه كما كانت باشارة قانونية يفهمها العالم واسرائيل التي نرى أطماعها وخلطها بين فلسطين والاردن . . إن ترك قرار فك الارتباط ملتبسا وعائما بقانونيته وتعليماته وتطبيقاته يجعل هذه الأمور رهينة في المستقبل لاجتهادات شخصية مسيسة أو لتقنين اعتباطي معكوس للقرار يقوم به الأخرين نيابة عنا ومن دوننا ومن دون مصالحنا جميعا ، ويفسح مجالا واسعا للفتنة الداخلية وللأطماع الصهيونية والأجنبية . ونحن هنا لا نتكلم عن من هو ضد القرار أو من هو معه ، بل نتحدث عن قرار كبير له ذيول ومثالم سياسيه وقانونيه واجتماعيه خطيرة ، وغير مكتمل ويتم تنفيذه مجزوءا بموجب تعليمات غير شفافه ولا تصدر حتى عن مجلس الوزراء .
إن الحكومات بالتأكيد تعلم بهذه المثالم ولم ترد يوما على مثيريها ، وسكوتها إن لم يكن من واقع عدم تمكنها من ممارسة ولاياتها ، فبالتأكيد يكون من واقع عدم استطاعتها إصدار قوانين لأنها تعرف كما يعرف غيرها بأنها لن تكون دستوريه ، في الوقت الذي لا تريد فيه الحكومات او لا تستطيع تعديل الدستور بما بغطي ويسمح باصدار القوانين اللازمه . ولو كان هناك اعترافا منها بذلك وبعدم قانونية كل ما يجري لاختزلنا على انفسنا الكثير من الجدل ومن الاخطاء والارتباك وبدأنا نفكر بالحل كأولوية . وإن كان الأمر كذلك فلا يجدر بها وبنا الاستمرار بالتطنيش والعمل في فراغ دستوري ، رأفة بالقضية والوطن وبكل اردني وفلسطيني . . ولا يجب أن نبقى في ورطة ونورثها لغيرنا أو نقدمها قربانا لوجه المتربصين بنا .
ولنترك كل هذا جانبا ، . فنحن الأن أمام نص قرار فك الارتباط كامر واقع لا نعرف له هدفا ، والجهات ذات المسئولية الدستورية كرئاسة الحكومة ترفع يدها وتترك الأمر لغيرها من الأشخاص ، ولا نرى بنفس الوقت توجيها أو تدخلا من الملك كمنصب ، مع أنه كان وما زال المرجعية الوحيدة للقرار ، والموضوع له تبعات حاضرة ومستقبلية ، وبقاء الحال هو انتظار للأسوأ . لكن علينا أن نربط ونتذكر بإن الملك الراحل رحمه الله ، كان ذكيا وسياسيا من طراز نادر . ولذا كان يعلم بل ربما قاصدا عدم تقنين او تشريع قراره ولا حتى توثيقه بقرار من مجلس الوزراء وكأنه يقول أنا ألعب سياسة وليس قراري قرارا استراتيجيا ولا مترابطا ولا متكاملا أو محسوما بعد ، بل محل انتظار وتفاوض أو تعويم ، وأنا لست مسئولا بعد عن تطبيقاته . وهو في هذا لم يخطئ لأنه لم يشرع ما قاله ولم يطلب من الحكومة اصدار قرار به . وإذا لم يكن الأمر كذلك فلا شك أن السر قد رحل معه إذا لم يودعه لخلفه .
إن بناء أي موقف من هذه المسأله ينطلق من مناقشة نص القرار الصادر في خطاب الملك حسين رحمه الله ، بتاريخ 31 7 88 وفي تفسيره الذي قدمه بنفسه فهو عندما قال قررنا فك الارتباط القانوني والاداري مع الضفة الغربية ، فقد فسر كلامه بما نصه …على أنه ينبغي أن يفهم وبكل وضوح، وبدون لبس أو ابهام، أن اجراءاتنا المتعلقة بالضفة الغربية انما تتصل فقط بالأرض الفلسطينية المحتلة وأهلها، وليس بالمواطنين من أصل فلسطيني في المملكة ، فلهؤلاء جميعاً كامل حقوق المواطنة وعليهم كامل التزاماتها تماماً مثل أي مواطن آخر مهما كان أصله انتهى . بمعنى أن قرار فك الارتباط جاء مجزوءا من حيث أنه بنزع الجنسية الاردنية عن قسم من المواطنين الفلسطيني الأصل ، ويثبيتها للقسم الأخر الموجود في الضفة الشرقية ، وقسم عرب فلسطين الى عربين ، كما أنه طبق مجزوءا عندما استثنيت الأرض من التطبيق والنص يقول بأن القرار يشمل الأرض الفلسطينية وأهلها ، فلا النزع مقننا ومتفقا مع الاصول ولا التثبيت متفقا مع قرار الوحدة بين الضفتين وحق الفلسطينين السيادي باختيار جنسيتهم في لحظة تسوية او تحرير ، ولا متفقا مع ميثاق منظمة التحرير ولا مع كون المنظمة هي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني ، بل أن التثبيت المطلق يسلخ ملايين الشعب الفلسطيني عن فلسطين قانونيا أمام اسرائيل وامريكا والصهيونية . وقد يقال ان المنظمة لم تطالب بهذا القرار، لكنها أيضا لم تحتج عليه ، بل تعاملت معه . ومن هنا يكون دسترة أو تقنين قرار فك الارتباط استنادا لنصه بمثابة دسترة لكل هذا .
فنحن كشعب الأن أمام خيارات هي بمثابة خيارات الغشيم لأننا لا نعرف الهدف الحقيقي من هذا القرار على هذه الصورة وهذا النحو من التطبيق من قبل حكماء لا يكون عملهم أو خطأهم عبثيا . فإلغاء القرار مثلا هو انتكاسه للقضية الفلسطينية وللشعبين ، كما أنه صعب للغاية ويؤدي الى فوضى سياسية لأن السلطة الفلسطينية وكل الاتفاقيات بعد مدريد قد اعتمدته وبنت عليه، كما أننا لا نعلم إن كانت تلك الظروف السياسية التي اتخذ فيها القرار ما زالت ممتدة لليوم ولم تؤتي أوكلها بعد . وإذا قمنا بدسترة القرار وتقنينه كما جاء نصه أعلاه فالأمر سيتجاوز نزع الجنسية الاردنية عن فلسطينيي الضفة دون أو قبل تأمين البديل لهم الذي قد يكون اسرائيليا او اردنيا اوبلا ، الى شرعنة نزع الجنسية الفلسطينية أمام القانون الدولي من الأردنيين ذوي الأصول الفلسطينية في الأردن وتحقيق ما تسعى اليه اسرائيل في التمهيد الى الوطن البديل وتصفية القضية الفلسطينية . لأن دسترته ستثبت بالقانون الدولي وفي مرحلة حساسة تقنين نزع الجنسية الفلسطينية من ملايين الاردنيين من أصول فلسطينية في الاردن وعزلهم عن القضية الفلسطينية وفلسطين الذي تنبه له قرار الوحدة .
وبهذا على الصعيد الداخلي أقول لا يحلمن أحد بأن دسترة القرار لا تتبعها دسترة أو تفعيل للديمقراطية وصناديق الاقتراع .. ولا أعتقد أن الشرق أردنيين مؤهلين اجتماعيا ونفسيا وسياسيا لقبول ذلك ولا الفلسطينيين الأردنيين بقابلين بغير فلسطين وطنا ومحلا لممارسة حقوقهم السياسية ، ولا بالتنازل عن حقوقهم الدستورية في الأردن بنفس الوقت . فالأردنيين الأن يحصلون على حصة الأسد في جهاز الدولة ويعتبرون هذا حقا لهم . والاردنيون من أصول فلسطينية يأخذون حصة الأسد في القطاع الخاص ويشعرون الأن بأن حقوقهم السياسية والادارية منقوصة ويهمسون بها همسا تحت وطأة غموض قرار وتعليمات فك الارتباط وغير ذلك . فكيف يكون الموقف العام في بلدنا بعد الدسترة وإزالة الغموض وحلول الديمقراطية ؟ .فهل ينجح في الأردن النموذج الماليزي بتركيبته السكانية من ماليزيين وصينيين وهنود كما هو ناجح في ماليزيا ؟ ربما ، ولكن طبيعة التركيبة العرقية عندنا والدينية موحدة والظروف التاريخية والسياسية في حالتنا مختلفة عن الحالة الماليزية ولدينا قضية ولا أعتقد بنجاح التجربة عندنا
وبناء عليه أرى بأن على النظام الأردني الذي يحظى بحرص وتمسك الأغلبية الساحقة من الأردنيين به أن يوعز بفتح هذا المف سياسيا وقانونيا لإيجاد حل يحفظ حق القضية والشعبين الفسطيني والأردني ووطنيهما . وأن يأخذ بالحسبان أن الصعوبات والمثالم التي سترافق أي حل ستبقى لا تساوي شيئا أمام الحالة الحاضرة ومخاطرها المستقبلية . فلسنا هنا نتعامل مع أي نص قرآني .والتصويب هو الصواب
أما لعبة الأخضر والأصفر فيجب أن تكون معروفة للجميع لانها ملهاة للناس . فبعد احتلال الضفة في ال67 ، قامت اسرائيل باحصاء الموجودين فيها وتم صرف بطاقات هوية لهم بهدف منع فلسطينيي الخارج من الدخول إلى الضفة وكان على من يرغب بالسفر أن يحصل على تصريح مدته 3 سنوات وإذا الم يعد قبل انتهاء المدة لتجديده حرم من حق العودة للضفة الغربية . ولكن منذ عام 83 إلى ما قبل قرار فك الارتباط كانت دائرة المتابعه والتفتيش تعطي البطاقات الخضراء على الجسر لمن كانت اقامته المعتادة في الضفة الغربية كمواطن اردني تحت الاحتلال ، والبطاقة الصفراء لمن كانت اقامتهم المعتادة خارج الضفة في الاردن وغيرها ويحملون بنفس الوقت تصريح الاحتلال الذي يعني أن لهم حق الاقامة بالضفة والمشروطه طبعا بعدم تجاوز مدة التصريح . وكانت البطاقات توزع على أساس قول المواطن فقط . والخطأ غير مهم الى حد توزيع لون واحد على الكل عندما ينفذ اللون الأخر على الجسر . أما بعد قرار فك الارتباط اعتبر من يحمل البطاقة الخضراء مقيما في الضفة الغربية وبالتالي فلسطينيا وتسحب من الجنسيه ، ومن يحمل البطاقة الصفراء يبقى اردنيا محتفظاً بجنسيته الأردنية . أما الحاصل على لم الشمل وحامل البطاقة الصفراء فيعتبر اردنيا أينما وجد . ثم اصبحت تصدر الخضراء على مستحقها اذا لم تكن مصروفة لهم سابقا، وتصرف الصفراء لمن بقي وله حق الدخول للضفة ، .الا أن معيار صرف البطاقات غير المقنن واجهته صعوبات وأخذ يخضع للتفسيرات الشخصية للمسئولين سيما أن هناك فئة عريضة كانت تخرج قبل نظام صرف البطاقات أي قبل عام 1983 وهناك من يفقد بطاقته ثم صدرت تعليمات معقده في اكتوبر 2010 وأصبحت المحاكم والقانونيون يبتون بمسألة لا يحكمها قانون .