لو سمحت روسيا الآن ، ليسط الأسد سيطرته على كل سوريا ولو صدقت النخب لتعزز الأمل .
امتلكت روسيا بتوقيت تدخلها العسكري في سوريا زمام الأمور برضوخ سوري ورضا أمريكا . وأوقفت الأخيرة دعمها لفصائل المعارضة وغيرها ، وأمرت بوقفت التدخل والتمويل العربي الذي كان يقدم لها ، وتخلت تركيا عن حلفائها من المعارضة مقابل ما يعرفه الجميع . وأصبح القرار السياسي والعسكري للأسد مرهونا باللعبة الدولية لحد كبير . واستؤنفت الحرب بمشاركة روسية في ميزان عسكري مختل جدا يتفق مع النتائج الميدانيه التي واكبناها .*
ولم يبق اليوم على الارض السورية من فصائل المعارضة فرادى اومجتمعه من له القدرة على المواجهه أو الصمود أمام قوات النظام السوري وحلفائه . وأصبح الأسد اليوم قادرا على استعادة سيطرته على كل انحاء سوريا بدون أية حاجة لاسناد روسي عسكري ، لكنه لا يستطيع أن يتخذ قرارا سياسيا بفعل هذا . لأن الازمة السورية قد دولت على أسس ونوايا غير سليمة من قبل الدولتين الكبرتين فلم تكن وحدة اراضي سوريا هدفا لذلك التدويل . ولم يكن الاسد ونظامه والمعارضة وفصائلها الا ادوات استخدام لمصالح تلك الدولتين دون اي عتبار لطموحات السوريين او لطموحات تلك الأداوت . *
المنطق المشبوه وغير المبرر والمسكوت عنه عربيا ودوليا هو كيف يكون الحديث الامريكي والروسي عن مناطق أمنه اومناطق خفض التوتر ورسم خرائطها وعقد المؤتمرات عليها في هذه المرحله التي يتوقف فيها زخم القتال تقريبا وتصبح فيها فصائل المعارضة شبه منهارة تبحث عن ملاذات امنه ، والارهاب يتقهقر ويبحث عن طرق للفرار ، وبعض اللاجئين بدأوا يعودون لسوريا طوعا ؟ أليس منطقيا أن تكون هذه المرحله هي مرحلة الحديث عن كسر الحواجز واعادة اللحمة لأرض سوريا وشعبها في دولة ديمقراطية يختار شعبها شكلها ومضمونها . لا شك بأن هذا يؤكد أن سوريا هي المستهدفه بين مصالح ورغبات الدولتين الكبرتين وأن ذلك قد كان على قاعدة استخدام الارهاب لتدويل المسألة السوريه .*
إن المناطق الأمنه او مناطق خفض التوتر وجهان لفكرة واحدة يسعى اليها الطرفان الامريكي والروسي وهي تقسيم سوريا الى مناطق نفوذ وتهجير طائفي وعرقي بصيغة فدرالية تكرس الفرقة والعداء بين مكونات السوررين ، وتتفق على شيء واحد هو عدم التأثير او المساس بمصالح واطماع اسرائيل . والدولتان تصرحان بأن عودة سوريا موحدة لم يعد الحل الأمثل . ونحن نقول بأن الأمر لن يتوقف عند سوريا وأن المنطقه العربية وحدة واحده ومصير واحد بالنسبة لاسرائيل ، ولنتذكر قول كوندا ليزا رايس المقريه من صناع القرار الأمريكي الصهيوني أن مصير الاردن سيتقرر في ضوء ما ستستقر عليه الحالة في سوريا وهذا ينسحب على مختلف الدول العربية . ولم يعد من عربي ينتظر أملا افتراضبا إلا بالشعب ونخبه الوطنية *
إلا أن الانهيار والانحطاط العربي والعمالة غير الواعيه هي حالة امتدت من الأنظمة العربية الى النخب العربية وأحزابها وقومييها ويساريها وأصبحت تتماهى معها في ارتباطاتها وسلوكها ومواقفها وفي خنوعها وتسامحها بما لا يجوز التسامح به اوالمرور عنه . إنها نخب تدعي بأنها تنطلق في علاقاتها او ارتباطاتها او تأييدها لهذه الدولة الاجنبية أوتلك من واقع ادعاء حرص تلك الدول على قضيتنا مع الصهيونية وأطماعها ، واحتلالها ومن حرصها على سلامة اوطاننا ومصالح شعوبنا ، إلا أنها تصبح صماء وبكماء وعمياء عندما ترى وتسمع من افعال واقوال متكررة ومهينة وخطيرة من أعلى المسئولين الايرانيين تكشف عن نوايا استعمارية واحتلالية وادعاءات تفوق المطامع الصهيونية التي من بابها تدخل الينا . *
النوايا والممارسه محك لمصدداقية الصداقة . وليس من عربي صادق في عروبته لا يريد من ايران دولة قوية وصديقة ، وسواء كان موقفها المعادي للاحتلال الاسرائيلي قائما على خلفية دينية أو سياسية فهوموقف مرحب به وتشكر عليه . لكن ادعاءها المتكرر والمستهجن بملكية تاريخية في العراق وبأنها قد استعادته للحظيرة الفارسيه ، على ألسنة المسئولين الايرانيين دون أن نسمع من اية جهة ايرانية رفضا او استنكارا لها ، يضع هذه الدولة في موقف العدو المعلن للعرب . ولا فرق في هذا بينها وبين اسرائيل فكليهما استغل ضعف العرب واختلال ميزان القوة . ولا نستغرب عدم قيام أي نظام عربي باستدعاء سفير ايراني لمجرد الاستيضاح عن تلك التصريحات ولو شكليا ، *
لكننا نتساءل باستهجان عن موقف العروبيين وأصحاب المبادئ من النخب والمثقفين العرب الذين يقيمون خطابهم واصطفافهم السياسي على أساس المواقف من قضايانا الاساسية والاحتلال الصهيوني لفلسطين ، كيف يصمتون صمت القبور عن تصريحات وأفعال ايران تلك ، وهل فلسطين عربية والعراق غير عربي ؟ وهل هناك احتلال مباح واحتلال محرم ؟ ام هي عدم الجدية في المواقف ؟ ام أن النوايا من اصطفافاتهم هي غير المعلنه ؟ نريد جوابا او موقفا جديدا . فالأوطان لا يُذهبها الحكام بل تذهب مع موت شعوبها ، والشعوب بلا نخب جادة طريقها ملغم .