لمن تقديسهم ” للهيكل أم للقدس أم لتابوت العهد

داية كانت الاقطار قديما ومنها فلسطين ولايات تابعه للدوله او الامبراطوريه السائده في زمنها . وهذه الامبراطوريات كانت تقريبا أموريه بابليه ، وأشوريه ، وحثيه ، وكلدانية بابليه ، ومصريه وأرامية وفارسيه ويونانية ورومانية ثم اسلاميه . وكانت كثير من مدن ومناطق الاقطار تسمى مجازا بالممالك كتقليد سومري قديم ، وهي على شكل مشيخات عليها شيوخ باسم ملوك يرعون مصالح الامبراطورية في مناطقهم وشئون القبيله . فالإمبراطوريه هي التي كانت توافق على بقائهم أو تعينهم وتعزلهم .
وكانت في فلسطين والاردن عشرات الممالك بهذا المعنى ، ومنها ممالك اليهود التوراتية في فلسطين . وكمثال فقد جاء في التوراة أن نبوخذ نصر عزل يهوياقيم ملك يهوذا وعين مكانه عمه متنيا وغير اسمه الى صدقيا . واليهود هم الوحيدون الذين شاخوا على اراض لم يكونوا فيها أصيلين ، ولذلك كانت الامبراطوريات تعاقبهم بالسبي والطرد الجماعي .

كلمه الهيكل هي كنعانيه وردت بلفظة .( (Hekal…و تعني معبد . توضع فيها تماثيل الآلهات الوثنية . وكان لكل أصحاب معتقد أكثر من معبد ، وهي في التقاليد الكنعانية مساكن للآلهات . وعلى سبيل المثال هناك ملحمة كنعانية ورد فيها أن الألهه عنات( ومازالت هناك قريه باسمها في فلسطين ) قد عاركت والدها الإله ايل لتجبره على بناء مسكن لزوجها بعل إله الأمطار والخصب . وكانت بلاد كنعان تملك حضارة ، واليهود قد أخذوا أو سرقوا منها الكثير من التقاليد حين دخلوا فلسطين كخليط من الهيكسوس واتباع ديانة اخناتون ومن جماعات معروفة بالتاريخ بالعبيرو او الهبيرو وهي جماعات منسلخه عن قبائلها المختلفه ومعظمها ارامية عربية وتعيش في الصحاري وتلبس الجلود وتمتهن الغزو والتجند مع الاقوام الغازية وبيع انفسهم رقيقا .
واتخذوا في مرحلة ما يهوه Yahweh ألهة لهم ، و كان معروفا كآلهة حرب في الجزيره العربيه وسيناء وبلاد الشام . و قد أطلق عليهم في زمن الرومان واليونان مصطلح يهوديم بمعنى اتباع يهوه (وليس هنا جمع يهوه ,) وسماهم العرب قبل الاسلام وللآن (يهود )وباعتقادي أن ذلك اشتقاقا من كلمة يهوديم . وكانت ديانتهم تسمى تاريخيا ( توراث يهوه أو اريث يهوه Torath yahweh) ,واليهويه . وفي أيام المسيح بالفريسية والفريسسن .وظهرت كلمة JEW لأول مره عام 1775 ميلادي ولذلك قصه لسنا بصددها.

. وقد صنع اليهود الى يهوه تابوتا باسم تابوت العهد ، وجنحوه بتمثال له ووضعوا بداخله لوحي الشهاده أو كلمات موسى أو التواره التي كتبوها بعد أن كسر موسى التوراة التي نزلت معه من الجبل غضبا منهم حسب نصوص التوراه . فهذا التابوت بما يحويه هو قدسهم ومقدسهم . وكانوا بلا وطن يتنقلون ويحاربون وهم يحملونه وكان مسكنه في خيمة أينما حلوا .وعندما استقروا في فلسطين وأقاموا المملكتين ( المشيختين ) بدءا بواحده على جزء من الهضاب الشماليه باسم اسرائيل عرفت تاريخيا باسم بيت عومري ، و أخرى على جزء من الهضاب الجنوبيه باسم يهوذا ومركزها الخليل ، كانت القدس ومعها بيت لحم مملكه يبوسيه تفصل بين المشيختين حسب نص التوراة . ثم وحد دواد الكيانيين وبقيت القدس مع اليبوسيين بين المشيختين الى جانب ممالك فلسطينيه كثيره . ثم دخل داود القدس لايجاد تواصل جغرافي بين المشيختين دون توضيح من التوراة كيف تم ذلك . وفكر ببناء معبد او هيكل كسكن الى يهوه ممثلا بتابوت العهد جريا على النقاليد المحليه ، واشترى ارضا من اخر ملوك اليبوسيين araunah آراونه . وبعد موته بناه سليمان ونقل التابوت اليه من مدينة داود وهي حصن صهيون الذي يقع خارج القدس وليس جزءا منها وهكذا تقول توراتهم

لم يكن اليهود يدعون بتقديسهم للقدس إلا حديثا ودون سند أو نص توراتي لهذا التقديس ، كما لم تكن قداستهم للمكان الذي يوضع فيه تابوت العهد سواء كان منزلا أو معبدا أو خيمة ، بل كان تقديسهم للتابوت بما فيه . وهو ما يفترض باسرائيل أو يهود اليوم البحث عنه خارج فلسطين استنادا لسيرة التوراة في حرق ونهب الأمم للهيكل الذي كان التابوت بداخله ، ولا معنى لبحثهم عن الهيكل . فتقديسهم المزعوم والمتأخر للهيكل كبناء بلا تابوت العهد الذي يني لأجله هو تقديس اعتباطي لا مسوغ توراتي أو عقدي له ، بل مسوغه سياسي لخلق تاريخ لهم في القدس وفلسطين . فهم يدركون أن التابوت قد ركنوه في عشرات الأماكن والمدن التي مروا بها خارج فلسطين أو التي استقروا بها داخل فلسطين لمئات السنين حسب التوراة ولم يكن أو يصبح اي من تلك المواقع والمدن مقدسة عندهم . ولم تكن تكن القدس الا واحدة مفترضة منها ، وهي التي كانت ايضا حاضنة لعشرات المعابد لمعتقدات اخرى . بل أن اختيار القدس لبناء معبد فيها للتابوت لم يكن حسب نصوصهم اختيارا من ربهم حتى نقول أنها مقدسة عندهم ،، كما لم تكن لهم عبر التاريخ سيادة على شير من فلسطين الا في عام 1948 .

إن غياب قدسية القدس عن اليهود واضحة في العهد القديم بما فيه الاسفار العقدية الخمسة الأولى . وقد شمل هذا الغياب حقبة سيدنا ابراهيم وأولاده والاسباط كما شمل حقبة سيدنا موسى وبقية ملوكهم وانبيائهم التوراتيين . فابراهيم وحسب التوراه دخل أولا نابلس ثم انتقل الى بلوطة موزه قرب نابلس وفيها ظهر له الرب وبنى مذبحا فيها ولم يكن ذلك في القدس ، كما أنه لم يذكر استنادا للنصوص التوراتية كلمة القدس . بل أنه زار القدس بعد عودته من مصر لأخذ البركة من ملكها وكاهنها الكنعاني ملكي صادق ليعطيه العشر من الغنائم التي غنمها في حربه ضد من سلب لوط حسب النص التوراتي . ولم نعد نقرأ في التوراة عودة أو تواصلا أو ذكرا للقدس من سيدنا ابراهيم . واستمر ذكر كلمة القدس أو اورشليم في التوراة عائبا عن اسماعيل واسحق ويعقوب المكنى باسرائيل ومن بعده أبناءه الاسباط .
أما سيدنا موسى فسيرته التوراتيه التي أكدت نصوصها معرفته بفلسطين ومدنها ،فقد خلت تماما من ذكره للقدس أو لقدسيتها في الوقت الذي أكدت فيه هذه النصوص ذكره وتقديسه لعض المدن والمواقع الأخرى في فلسطين نفسها . فقد كانت وصيته الأولى كما ورد في الفقره 30 من الاصحاح الثامن من سفر يشوع هي بناء مذبح لرب اسرائيل في جبل عيبال وكتابة نسخة من التوراة على المذبح نفسه . دون أن يوصي مثلا بأن يكون ذلك في القدس أو نقله للقدس فيما بعد .
أما الوصية الثانيه لموسى فهي \ أن يوجه قسم من الرجال الذين سينقلون تابوت العهد الى المذبح وجوههم الى ناحية جبل جرزيم والقسم الأخر الى ناحية جبل عيبال ولم يقل للقدس وهو ما جاء في الفقرة 33 من الاصحاح الثامن من نفس السفر . كما أن النصوص التوراتية تذكر أن يهوه رب اليهود كان يظهر ويخاطب أنبياءه وملوكه في شيلوه وبيت إيل وشكيم وأريحا والجلجال والمحلة وغيرها من الاماكن والمدن ولم يكن مرة واحده في القدس . كما لم تكن القدس من مدن الملجأ المقدسة والمطلوب تقديسها في سفر يشوع الاصحاح 20 . الثامن . ويوشع كما تدعي التوراة احتل المدن من الشمال للجنوب ووزعها على الاسباط ولم تكن القدس منها ولا ذكر لها

اما مصير المعبد (الهيكل ) الذي حمل معه مصير التابوت فتقول التوراة أن نبوخذ نصر الكلداني البابلي احرقه وهو المعبد الأول ، وسبي اليهود لبابل من القدس والهضاب الجنوبية في عام 586 ق م بعد أن كان الاشوريون قد سبوا اليهود من الهضاب الشمالية لشمال العراق عام 720 ق م وتم القضاء على االمشيختين .

ثم بني المعبد الثاني اثر احتلال قورش الفارسي لبابل من الكلدانيين الذين كانوا يحكمون المنطقه ،حيث سمح للمسبيين اليهود الذين سباهم نبوخذ نصر بالعودة لفلسطين وعين عليهم زربابل وسمح لهم ببناء الهيكل ، لكن زربابل واجه معارضة من السكان ولم يتمكن من بنائه الا في عهد داريوس الفارسي بحدود عام 516 ق م
دمر االمعبد الثاني في العهد اليوناني على يد الملك السلوقي انطيوخوس الرابع عام 167 ق م ومنع العقيدة اليهويه . وتحول قسم منهم للوثنية الاغريقية ، أما الرافضون فهربوا ومنهم خرجت الثوره المكابيه وسمح لهم بالنهاية بالعودة .

تم بناء الثالث في عهد هيرودس وهو من اصول عربيه ادوميه وكان ملكا أو حاكما رومانيا على فلسطين او جزءا منها وكان بناؤه في تاريخ ما بين الفترة من 37 ق م و 4 م
أما من هدم المعبد الثالث والأخير فكان تيطوس ابن الامبراطور فسبسيان حيث احرقه وأزاله من الوجود في 70 م . وفي عهد الامبراطور هدريان (117- 138 م ) قام بتسوية القدس بالأرض وبنى مدينة جديدة وبنى معبدا فوق مكان المعبد اليهوي للإله جوبيتر . وغير اسم المدينه من اورشليم وهي التسميه الكنعانية العربيه (اور سالم ) الى إيليا اشتقاقا من اسمه .publius Aelius Hadirianus وحرم على اليهود سكن القدس .

في عام 380 ميلادي اعتمد الامبراطور Theodosius الأول المسيحية كديانة رسميه ,وفرضها على الجميع داخل الامبراطوريه ومنع اليهود من ممارسة طقوسهم في اي مكان فيها . ثم طردهم منها وتشتتوا في العالم كأقليات متناقصه ، (وما ندعوهم اليوم باليهود هم متهودو امبراطورية الخزر ، تهودوا مع تهود ملكهم في القرن الثامن الميلادي .و ليس لهم ولا لأسلافهم علاقة بفلسطين وابراهيم وبني اسرائيل . وبعد موت ثيودوسيس عام 395 م انقسمت الامبراطوريه الى شرقيه وغربيه وكانت فلسطين ضمن البيزنطيه الشرقيه واستمر رجال الدين المسيحي وملوكهم بمنع اليهود من دخول القدس لغاية الفتح الاسلامي . حيث بعد فترة بدل العرب اسمها للقدس .