إن حرب التحالف مع تنظيم الدولة والذي نحن جزءا منه ، هي حرب سياسية الهدف غير المعلن في النطاق الإقليمي . حرب مبرمجة لا تطال كسر الارادات العسكرية ولا هدف هزيمة الارهاب . هي كذلك لتاريخه من عمر مراحلها ، . . والمحللون المحايدون من سياسيين وعسكريين يتفقون على ذلك وعلى عدم وصفها بالعبثية وإن كانت تبدو كذلك .
من هنا نستطيع القول أن هذه الحرب تهدف كمرحلة سياسية الى كسر الارادات السياسية للأنظة العربية وفي المنطقة العربية وخلق حالة شعبية مسيرة الارادة تتشكل في إطار بيئة لا طعام فيها من جوع ولا أمن من خوف . يجعلون فيها الناس تواقين للخروج من حالة الموت لأي بديل يتاح أمامهم حتى لو كان من تحت الدلف لتحت المزراب .
أما تنظيم الدولة الذي هو في قلب المعادلة العسكرية فلا مكان له في المعادلة السياسية . وليس بالنهاية مقبولا للحكم عربيا واسلاميا ودوليا وسينتهي دوره ووجوده . فهو في الأساس ظاهرة عنفيه تدميريه منظمة وعابره نشأت من أسباب سياسية في العقلية الدولية الفاعله . فالفقر والظلم وغياب العدالة كله موجود عبر التاريخ والجغرافيا وكان يصنع في أحسن الحالات ثورات وانقلابات محصورة المكان والزمان ولم يصنع يوما ارهابا منظما كالذي نشهده .
صحيح بأن التاريخ العربي الاسلامي شهد في احدى الحقب المحتقنة سياسيا زامنت الحروب الصليبية ولادة نوع من الارهاب المنظم من خلال فرقة الحشاشين لكن ذلك كان تنظيما سياسيا وبهدف سياسي اتخذ شكل الاغتيالات لشخصيات معينة . ولم ينفذ منه للعالم في حينه سوى الاسم ومضمون الفعل من خلال كلمة assassin المفرنجه عن العربية وبمعناها الضيق . ونحن بالمحصله عندما نتعامل مع تنظيم الدولة فإنما نتعامل مع عاصفة عابرة السبيل في فعلها وعدوانيتها ونتيجتها ولكنها تتحرك ببطء شديد .
إن المحللين والمراقبين الاردنيين يجمعون على اختلاف خلفياتهم بأن الاخفاق في التعامل الناجح مع ما يولده التنظيم من مشاكل تنعكس على الداخل الأردني قد لا يكون تأثيرها زوبعة في فنجان . وأن انعكاساتها قد تمر في مخاض سياسي واجتماعي يشمل شرائح من مختلف الثقافات والانتماءات السياسية في مشهد تتوحد فيه كلمات الكثير من الجهات التي كانت مختلفة بالرأي بشأن دخولنا الحرب وعما إذا كانت حربنا أم لا . وهو الأمر الذي إن حدث فإنه سيصنع حراكا في وقت غير ملائم للدولة من حيث أنه سيكون فرصة لجهات قلوبها ليست على الاردن لخلط الأوراق بما لا يتفق مع أمننا واستقرارنا الداخلي ولا مع سياستنا في مكافحة تشكل أو انتعاش بيئة حاضنة أو متعاطفة مع التكفيريين والارهابيين .
ونحن نعلم بأن المشرع السياسي الأردني كان دوما وكسياسة ثابتة حريصا في الحسم السريع بالانحياز للشعب والوقوف لجانبه مهما كانت الأسباب غير مقنعة له حين يتعلق الأمر بمواجهة في الرأي بين الشعب والحدث أو بين الشعب والنظام العام . والأمثله في هذا لا تنقطع وأذكر باثنتين منها . حيث أمامنا موقف الملك حسين رحمه الله من الازمة العراقية الكويتيه . وموقف الملك عبدالله الثاني من موضوع تقاعد النواب . وليس من الصواب ولا الحكمة أن نساوي أو نماثل بين حالة بعينها مرت علينا . وبين حالة مستجدة مع تنظيم الدولة لأن الظروف الموضوعية والإجرائية كلها مختلفه بين الحالتين . وبقدر ما يتعلق الأمر بالتنظيم نكون حتما أمام تنظيم هو غاية في التعقيد والتشابك وصعوبة توقع سلوكه ، إنه يشكل حالة يتريث المحللون في تحليلها وتلمس ألغازها حيرة وحذرا .
ليس منا من يشك بجهود الجهات الاردنية الرسمية المعنية المضنيه والمتشعبة وغير المتوقفة في التعامل مع التنظيم بحكمة تجنبا لأية أضرار جانبية أو مباشرة تمس الاردن والاردنيين تنطلق من وصفه سالف الذكر ، ومن كون هذا التنظيم ليس بلاعب سياسي في المعادلة ، ولا من بيننا غير واثق بإن أصحاب القرار في بلدنا مصرين على سبيل الأولوية على تحقيق الأهداف المعلنة للحرب ومعالجة ذيولها من خلال وضع كل الاحتمالات أمامهم على الطاولة في التعامل معها ، المنظورة منها وغير المنظورة ، وكل الاحتمالات التي يعتقد أنها آمنة أو يدور حولها لغط ، وعلى رأسها على سبيل المثال أولويات المصالح الامريكية وغيرها من مصالح الدول ، والعلاقة الأمريكية مع التنظيم من خارج الادارة ، وكذلك غير الامريكية المخفيه المفترض وجودها مع التنظيم أيضا من منظمات معادية حكومية وغير حكومية . ونحن على ثقة في هذا أن حكومتنا وأصحاب القرار دائما يمتلكون البدائل ويستخدمونها حين يكون لها فائدة أكبر أو يكون فيها سلوكا أسلم لتحقيق الهدف . .