إن تنظيم الدوله ( داعش ) موجود من سنين ومعروفة نشأته في العراق كمرتد من وجوه القاعده وأفراخها المتواضعه . أما أبواه وشروط زواجهم ، وحمله وزمن ومكان ولادته فتفاصيلها بين الأوراق المختلطة ولم تعد أولوية لباحث . وليس من العقل بشي تناول التنظيم وما يجري بمعزل عن نظرية المؤامره . لكنه ظهر علينا فجأة قبل شهور على هيئة وفعل نسر تسمن في ساعات وبنى أعشاشا كبيرة وأمنه في أيام . وخيوط الاستدلال في العراق موجودة في أقوال شهود العيان من العسكر هناك . .
ثم جرى تعظيمه أمريكيا ، والعرب استغربوا هذا الكلام ولكنهم تعاملوا معه ، وجسد التنظيم المقولة الأمريكية وبان التنظيم فعلا كذلك . يقاتل في آن واحد الجيش العراقي والسوري والبشمركه والعشائر وكل التنظيمات المقاتله في سوريا على اختلافها بآن واحد . وشملت حربه السنه والشيعه والمسيحيين وكل اأعراق المنطقه تحت شعار إسلم أو لا تسلم فلن تسلم (بفتح التا)، وربما قدر له أن يصبح كارتل يضم العديد وربما كل التنظيمات . وبدأت فظائع التنظيم الإنسانية . وبدأت آلة الإعلام الأمريكية تنشرها كأرضية لعملية الحشد العالمي لخطر كمعجزه هبطت من السماء . وتم تشكيل التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة .
حددت الولايات المتحدة حاشدة التحالف فترة الحرب أو القضاء على التنظيم بثلاث سنوات ، لتصبح بهذا حربا مبرمجة . بصرف النظر عما ينطوي عليه ذلك من رسائل واحدة منها لصالح قواعد التنظيم وحواضنه لا لقيادته . ولا أعتقد خبيرا سياسيا أو عسكريا لم يفاجأ بذلك ، وابتلعوه ، ومرت عليه دول التحالف لأن المتكلم والمقرر هنا هي الولايات المتحدة صاحبة المشروع التحالفي والخبيرة بالإرهاب ومن يعلم بمصالح الدول ويخبرها بها .
مرت الشهور على حرب التحالف وغيره ضد التنظيم . لكن التنظيم مع هذا يقوى ويتقدم كما هو واضح على الخارطه . يحاصر المعسكرات قبل المدن ويحتل المطارات ويخرج منها ، وأبار النفط يديرها انتاجا وتسويقا ، ليتزود منها جميعها ويكون التمويل ذاتيا ، وزاد حشده البشري وتنوعه العرقي وزاد قساته من خارج حدود المنطقه ، كما زاد وتنوع خبراؤه العلميين والاعلاميين والماليين والعسكريين حتى صكوا العمله . وتوسعت شبكته الاعلامية التكنولوجية . وفي أحسن الحالات لا نستطيع المجادله بكونه تنظيم متعوب عليه ومدلل وليس كمثله تنظيم ولم يخطط له أن يكون مشردا أو دخيلا في دوله كالقاعده وغيرها ، وفي المعادلة هو لا يتراجع على الأرض بل يخرج من هذا المكان ليدخل في أخر ويشيع القتل والرعب والدمار وهكذا .
لنكن واضحين هنا ، فالمسأله مكلفة وأخطر من خطيرة . فوضى سياسية وجغرافية ، دمار للمقدرات وإبادة للبشر وتهجير للناس ونزوح بالملايين . هدر لكرامات الناس ونزع لممتلكاتها وضياع للطفولة وكل مكونات المستقبل. . . غموض وحيره في الناس واهتزاز بثقتهم بأنظمتهم وبحاضرهم ومستقبلهم . زعزعة للأمن في المنطقة وتهزيء لهيبة الأنظمة العربية . هدر لجهد ومال ومقدرات دول المنطقة وإلغاء لأولوياتها و برامجها الاقتصادية والانسانية الأخرى .
والمهم أن قدر نا أن يستمر كل هذا لسنوات . فإذا استمر أو تطور فكيف تكون النتائج ، وكيف لحرب الحكماء أن تكون بلا هدف مدفون ، حرب مهما بدت لمعارضيها عبثية فهي ليست كذلك ….ولندخل بالموضوع الآن ، وأقول ،
لنكن سوية مع المسئولين ولو مرة واحده أكثر صراحة ووضوحا . عندما ينشأ تحالف عسكري من سبعين دولة و منها دول كبرى وعظمى ونوعية تمتلك القوة والقوات الهائله والتكنولوجيا والجغرافيا تحت شعار أو مسمى دحر دولة نامية منهكة كالعراق أو تنظيم كداعش استقر بأراض محدودة ، فإن المفهوم العسكري لهذا التحالف وبالضرورة لا يفترض بأن تقوم كل دوله باستخدام ما لديها من قوة عسكرية وتكنولوجية وتهجم لتفريغها على الهدف المعني وهي تعرف بأن الأمر لا يحتاج لهذا والمصالح متفاوته . بل إن هذه الدول المتحالفة تفترض ضمنا أو صراحة بأن هناك دولة واحدة نوعية من بينها على الأقل ستقوم بمسئولية القتال الفعال واستخدام ثقلها العسكري من مخزونها لإنجاز المهمة بزمن قياسي في هذه الحرب ، وتكون بقية دول التحالف التي حشدتها أو تداعت لنداء الحشد ، هي من أجل أسباب تتراوح بين شرعنة الحرب لمن حشد لها و للمجتمع الدولي معا …. وبين مشاركتها الرمزية عسكريا واستخباريا ،ولوجستيا وماليا . وفي المنطق والعادة وفي حالتنا في هذا التحالف ، فإن الدولة التي تقوم بالمهمة القتالية الأساسية هي الولايات المتحدة بصفتها الدولة المبررة للحرب والموجده للتحالف كحاشدة له ، والأكثر ثراء وحماسا، والتي تبدو من ذلك بأنها صاحبة المشروع .
….لكن ربطا بسلوك الولايات المتحدة العسكري المشابه بالحجم والنوع للمشاركة الرمزية ، وبتمنعها حتى عن دعم الدول العربية الواقعة تحت النار وعلى جوانبه أو دعم الذين يقاتلون التنظيم من عشائر وتنظيمات مسلحة وعدم التعامل مع الواقع القائم وأحداثه الجسيمة بجدية أو فاعليه مع أنها الدولة المخططه للحرب والخصم الأساسي والهدف الأبرز للإرهاب ….. وربطا بتواضع الزخم العسكري الفعلى ككل الذي عبر عنه سياسيا ومسئولا أردنيا (بالدغدغه) ، والذي نشهده على الأرض من قبل كل دول التحالف بدون استثنا بما لا يرقى حتى للمساهمة الرمزية المعقولة ، تكنولوجيا وقتاليا وفنيا وصل الى درجة عدم القدرة على تحديد مجرد مكان سقوط الطائره الأردنيه أو الوصول إلى حطامها في أرض سائبه …. وربطا بالنتائج الميدانية االمعاكسة التي نشهدها ، ولا نشهد معها سوى بيانات عسكرية سياسية إن لم تكن مضللة كما يصفها البعض من المراقبين فهي للإستهلاك الإعلامي الموجه لشعب المنطقه ….. أقول ربطا بكل ذلك وماسبقه ، وبالخلل في المفهوم العسكري للتحالف ، فإننا نبدو لسنا أمام المفهوم السياسي المفترض للتحالف . ولسنا أمام الأهداف المعلنه له على أهميتها التي تنطوي على النتائج الحقيقية المتوخاة من العمل العسكري الذي يجري على مساحة منطقتنا . وبالتالي لا بد أن يكون هناك مفهوم سياسي أخر بهدف أخر لهذه الحرب هو الحقيقي أو المقصود . وأن إطالة أمد الحرب التي لا تصيب أضرارها أمريكا والدول الغربية ، هي من متطلبات تحقيق الهدف الحقيقي للحرب .
.نستطيع الاستنتاج الآن، أن المفهوم السياسي لهذه الحرب متزاوجا مع هدفه وهو بالضرورة يتعلق بمخطط استراتيجي يتم تنفيذه على خطوات تترتب اللاحقة منها على سابقتها ، ومسرحه عنيفة على الارض تخضع لخدمة الهدف الاسترتيجي المفترض لصناع القرار . وأن التحالف الثالوثي في الظل هو صاحب المخطط والمستفيد ، وأن الشرق الأوسط بمفهومه السياسي لا الجغرافي هو مكان المخطط ، وأن دول التحالف الغربية بالذات لا تعرفه ، ولا أعتقد أن الرئيس الأمريكي الحالي والعابر مع إدارته يعرفه ، إذ ليس من مصلحة نجاح المخطط ذلك . وهذا ينقلنا إلى صانع الخطة ، إنه بالضرورة الثلاثي المستفيد _ الصهيونية_ مافيا التصنيع العسكري _ مافيا التصنيع النفطي . ليثار السؤال المقابل .
ما هو هذا المخطط وعلى رأس من يقع ؟ ليس أمامنا غير تفكيك الأنظمه العربية القائمة وتفكيك دولها وإعادة ترتيبها لصالح اسرائيل والولايات المتحدة . فالتنظيم مرفوض مشروعه عربيا وإسلاميا وما هو إلا لاعب في لعبة يمضي مع نهايتها . وإن لم يحدث هذا في وقته على يد الولايات المتحدة ، فسيكون التنظيم عندها جزءا من الهدف وله دور أخر ، وهو أمر أستبعده ، وستكون عندها نهايته مع الإنهاء على المخطط قبل أو بعد تحقيقه وهي مسئولية الأمة في صحوتها
يبقى السؤال ، كيف لداعش أن يكون وسيله ربيبة في هذا المخطط ، وبالطبع نحن لا نعني قواعده المسخرة بمفاهيم خاطئة أو بدوافع شخصية . الجواب بسيط . أو جه عناية المسئولين المثقفين إلى مشاهدة فيلم ثلاثة أيام للكندور . وللقارئ الكريم أذكره . . يوجد في دائرة المخابرات الأمريكيه مكاتب كل منها مسئول عن ملف أو دسك معين وذات علاقه معينه كما في كل دوائر المخابرات في العالم . لكن في الحالة الأمريكيه يكون في أحيانا كثيرة وعند الحاجة مكتب من هذه المكاتب بقوم بعمله الروتيني داخل دائرته ويكون بنفس الوقت مرتبطا دون علم الجهاز بمهمة سرية مع جهة رسمية في الدوله كمدير الأمن القومي مثلا . أو مع جهة أو منظمة فاعله وغير رسميه داخل الدوله مثل الأيباك . وربما مع جهة خارجية كالموساد مباشرة أو من خلال الجهة غير الرسمية في الولايات المتحدة وربما الرسمية . وللتذكير فإن صناعة التنظيمات الارهابية هي مهمة أساسية وشائعة في الدول المقتدره . واختراقها مهمة أساسية للدول غير المقتدرة . .