إن السلطة الفلسطينية هي اليوم في أوج حماسها بعد أن دخلت في أوج إحباطها أمريكيا وإسرائيليا . وتوجهت للأمم المتحدة بمسودة مشروع قرار بالحبر الأزرق ، وهذا يعني طرحا لمسودة المشروع للنقاش مع وفود أعضاء مجلس الأمن . وعادة ما تتضمن المسودة بنودا ثانوية ليتنازل عنها الوفد في سياق التفاوض . ومع أن مشروع القرار هذا يكون عادة متاحا لكل من يريد الاطلاع عليه من خارج أعضاء المجلس بل ومبعثرا في الأروقه ، إلا أن أحدا من صحفيينا لم يمرره للصحف والمواقع ، ما علينا . فالمشروع يتضمن عقد مفاوضات مباشره بين الفلسطينيين والاسرائيليين في إطار مؤتمر دولي ولكن بمرجعية للتفاوض وهي مفاوضات لمدة عام وإنهاء الاحتلال في عام أخر لتحقيق حل الدولتين ، والتوصل لتسوية عادلة لمسألة اللاجئين تعتمد على قرارات الأمم المتحدة .
الدول الأوروبية الأعضاء في المجلس( فرنسا ، بريطانيا ولكسمبرغ مع إغفال لتوانيا ومعها أمريكا وكوريا الجنوبيه ورواندا واستراليا كدول معارضه للمشروع ) ناقشت المشروع مع الوفد الفلسطيني بمشاركه اوروبيه من خارج المجلس لأيام ولم يصلوا لاتفاق لتعديل المشروع الفلسطيني . وهنا قامت الدول الأوروبية عن طريق فرنسا كأسلوب متبع بكتاية مشروع قرار ثان ومواز بقصد التفاوض عليه مع الفلسطينيين ومحاولة الوصول لحل وسط بين المشروعين أو دمجهما . وفي حالة النجاح يتقدم الفلسطينيون بالمشروع الجديد ويصوت الاوروبيون لصالحه بل ربما يتبنونه . وفي حالة عدم الاتفاق وإصرار الفلسطينيين على مشروعهم يقوم الأوروبيون بصفتهم ليسو أصحاب علاقه مباشره بالموضوع بسحب مشروعهم احتراما للفلسطينيين كأصحاب القضية والاولوية . ويقدم الفلسطينيون مشروعهم . حيث بعد انهاء مشاوراتهم غير الرسميه يطلبون عقد جلسه للنقاش وإبداء الأرا ء ثم تصويت المجلس . و يصوت الاوروبيون في في المجلس عادة داخل وخارج المجلس بالامتناع وبعضهم بالإيجاب وأحيانا كلهم بالإيجاب .
أما في هذه الحاله في مجلس الأمن فسيصوتون بالامتناع على أقل تقدير . ولن تعترض بريطانيا او فرنسا على المشروع . بينما ستصوت الولايات المتحدة سلبيا أي سستسخدم حق النقض أو الفيتو لكي لا يتحول مشروع القرار الى قرار . وهذا السلوك الامريكي سيكون في حالة أن حصل المشروع على تسعة أصوات . أما في حالة أنه لم يحصل على تسعة أصوات فلا حاجه أصلا لتصويتها ضد المشروع لأنه عندها يفشل المشروع دون استخدام فيتو . ولتاريخه فإن ما يرشح من أخبار أن الفلسطينيين ومعهم العرب حشدوا للأن ستتة أصوات هي روسيا والاردن والصين وتشاد ونيجيريا والأرجنتين وتبقى حاجتهم الى ثلاثة دول. من بين الدول غير المعروف موقفها للآن وهي لكسمبرغ وفرنسا وبريطانيا وتشيلي هي فرنسا وبريطانيا وتشيلي .
اقول انه في حالة أن تمكن الفلسطينيون من حشد تسعة أصوات افتراضا، فإنهم بالضرورة سيعرضون مشروعهم للتصويت وسيلقى حينها فيتو أمريكي . وهذا فائدته أنه سيحرج أمريكا أمام الشعوب العربيه التي بدورها ستحرج حكامها ، مع أننا اعتدنا عليه وولد مناعة لدى امريكا وحكامنا . ويفوز الفلسطينيون بتعرية الموقف الامريكي وتحميله النتائج على الأرض . أما الفيتو هنا محتوم لأن وفد الولايات المتحده الذي أصبحت وظيفته سياسه ، ولم تتغير طوال تاريخ عرض القضية الفلسطينية على المجلس ، سيمارسها هذه المره أيضا . وهذه السياسة هي تبني الموقف الاسرائيلي بعد التشاور والتصويت سلبيا. أما إذا لم يتمكن الفلسطينيون من حشد تسعة أصوات فالمرجح والصحيح أن يطلبوا تأجيل المشروع حتى لا يفشل من دول أخرى وتتبرأ امريكا . ويتطلعون للخطوة التاليه ، وهي الجمعيه العامه .ا
ففي كلا الحاتين اللتين سيفشل المشروع معهما ، سيكون هناك حل أخر وهو التوجه الفلسطيني بنفس المشروع الى الجمعية العامة ، فمجلس الأمن ليس لنا نحن العرب لعدم وجود صديق استراتيجي لنا داخله كما لاسرائيل . ولم يصدر يوما قرارا لصالحنا وفي أحسن الأحوال أصدر مضطرا وتحايلا بحق القدس والمستوطنات بضعة قرارات ايجابيه بقالب الشجب والتوافق مع القانون الدولي ، لكن لم ينفذ منها شيء . فما لنا نحن العرب والمستضعفين هي الجمعية العامه . إن الفيتو وتركيبة مجلس الأمن يمثل مصلحة الدول المنتصره في الحرب الثانيه والحلفاء الاستراتيجين بأي فترة كانوا . علما بأن الفيتو وتركيبة المجلس يتنافيان مع الديمقراطية ومع مبدأ المساواة بين الدول داخل الأمم المتحده .
وعودة للخطوه التاليه والمقدور عليها وهي أن يتوجه الوفد الفلسطيني بعد فشله بالمجلس الى الجمعية العامه بمشروع قراره كما هو . ومهما كان فإنه سيفوز ويصبح قرارا صادرا عن الجمعية العامه . لأن ألية التصويت بالجمعية العامه سهلة جدا لإنجاح أي قرار فيه شيء من المنطق . ومع أن قرارات الجمعية العامه غير ملزمه إلا أنها تشكل ضغطا سياسيا وأدبيا على أمريكا والعالم . إضافة الى أنها تشكل جزءا من الشرعية الدولية كما تشكل جزءا أدبيا من القانون الدولي . ويذكر هنا أن معظم القرارات المتعلقة بالقضية الفلسطينية صادرة عن الجمعية العامه ومنها قرار التقسيم وتدويل القس وقرار اللاجئين . والقرار هذا الذي سيحصل عليه الوفد الفلسطيني من الجمعية العامه سيشكل أرضية قانونية ودولية لأي تحرك سياسي أو غير سياسي تقدم عليه السلطه الفلسطينيه أو الفلسطينيون كشعب
كما سيعزز من الموقف الفلسطيني مستقبلا في مجلس الأمن وفي أي محفل دولي