ليس من الحكمة او المنطق السليم أن يطلب من أي مسئول حكومي من رتبة رئيس الوزراء الى أدنى درجه في السلم أن يهاجم سياسة النظام الذي يعمل في منظومته الحكومية ، أو يكتب مثل مادة الكتاب الذي شرفني موقع كل الأردن برعايته ، أو يحاسب على عدم كتابته له أو لمثله وهو على رأس عمله . لأن عليه عندها أن يترك عمله بنفسه الى الغير من غيره وهم لا ينقطعون ، ومهاجمة الثور من قرنيه تدمي ولا تجدي .
لكن المنطق والحق أن يطلب المواطن والوطن من المسئول أن يبقى بوظيفته ويخدم بشرف بلده والمصالح الوطنية والقومية وأن لا يقوم بأي عمل يضر أو يؤذي مصالح الوطن والناس أو يشارك به ، وأن يحاسب على ذلك ، واذا تعذر عليه ذلك أو عوقب ، عندها يمتلك حرية القرار التالي لنفسه وحرية الكلام ومواصلة مسيرته بطريقة أخرى .
وأقول للمشككين والمدفوعين بهدف الطعن بمصداقية الكتاب ، و لبعض المعلقين الأبرياء البعيدين عن الواقع والصورة ، لقد خدمت كالعديدين بلدي بشرف ونظافة كناشر هذا الموقع ، في لبنان قائما بأعمال السفارة في أحلك الظروف وأصعبها ، وخدمت بلدي أحد عشر عاما في الأمم المتحدة بكل كد و اخلاص دون كلل أو تقصير وفي كل لجانها ، وفي مجلس الأمن دافعت عن قضايانا الوطنية بكل جرأة وضمير وطني وقومي حي وسئلت أكثر من مره من عبدة الأصنام والكراسي المهزوزة .
لكن هذا هو واجبي على مسرح لا تدركه لا الحكومات ولا الوزراء ولا حتى النظام . المسئول الحكومي يا ساده يحاسب شعبيا حين لا يخدم بعمله مصالح الناس والوطن وحين يقترف آثاما بحق الناس والوطن أو يشارك باقترافها وحين يتخلى عن مسئوليته . ولدينا الكثيرون من هؤلاء المسئولين الذين يهاجمون لمجرد اشاعات بعد أن تطمس أفعالهم هنا وتبرز هناك . وأحيي بهنا على سبيل المثال الوزير والسفير وضابط المخابرات ‘ عدنان ابو عوده ‘ الذي أدرك بحسه جهل وزراء الخارجية والمندوبين الدائمين بالسياسة الخارجية الأردنية وأساؤا اليها والى ضمير الشعب الأردني العربي عندما خالف رأي الوزارة وصوت ضد القرار الأمريكي بحصار كوبا وبرر موقفه بقوله ( ما بطلعلنا نزايد على بريطانيا بمصداقتها لأمريكا عندما نراها تصوت أي بريطانيا ضد هذا القرار المخالف للقانون الدولي الذي نسعى نحن العرب لاحترامه في قضايانا ). وكذلك عندما تبرع على مسئوليته باثارة مسألة الكوارث الصحية لمفاعل ديمونا على سكان جنوب الأردن . وعندما خاطب مجلس الأمن قائلا عندما يتعلق الأمر في القدس نصبح كلنا نحن العرب والمسلمين حماس .
. ان أخطر ما يواجهه الحكم الأردني والوطن الأردني على مر السنين على صعيد السياستين الخارجية والداخلية هو عقلية وثقافة وسيكيولوجية مسئولي الصف الأول وبطانة الملك الذين يتجاهلون ويجهلون السياسات الخارجية والداخلية كما ييتجاهلون واجبهم أمام الشعب والوطن والمك معا . ويفتقدون أدنى درجات الحس السياسي والوطني ، وإن تلموسها فان فقدانهم لأدنى درجات الشجاعة الأدبية تحت وطأة حرصهم على أعلى درجات الأولوية لمصالحهم الشخصية تمنعهم من قولها وتمنعهم من ممارسة صلاحياتهم الدستورية ومن احترام مسئوليتهم . وأحيي بهذا دولة رئيس الوزراء المعني على قذفه درسا على كل رؤساء الوزارات بضرورة عدم المقايضة بصلاحياتهم وبشرف المسئولية ، حين رفض وزبل ديكورية المنصب محترما الحراك .
بصرف النظر عن أي تعليق أو موقف ، أقول بأن الكيان السياسي الوطني الأردني المستقل على أرض الأردن بدأ مستهدفا حين انشاء الامارة وتتسارع وتيرته اليوم بقرب استكمال شروطه على الأرض . وأن هذا الاستهداف يستخدم كياننا السياسي وأرضه طعما شهيا لابتلاع فلسطين والكيان الفلسطيني على الأرض الفلسطينية وكما فصلته ووثقته بكتاب الشمس فوق الأردن ، ليسير بنا وبفلسطين الى جهنم أو الى ماخور . والقيادة الهاشمية اليوم أمام مسئولية تاريخية لا تخضع لميزان الربح والخسارة والأردنيون يستحقون الكثير من هذه القيادة . وسيحاسب التاريخ أصحاب العلاقة حتما على نتائج السياسة الخارجية التي سخرت السياسة الداخلية بشراسة وسيحاسب كل من يتكلم بسطحية متعمدة وكل منافق أو صاحب هوى .
ان اتفاقية وادي عربه التي تفرض التزامات علينا لاسرائيل من طرف واحد يتجاوز ثمنها لو بعنا شرفنا بالنقود الترليونات ، كنت لا أرى فيها سوى ايجابية استعظمتها في حينه وهي اعتراف اسرائيل بحدود الأردن لأول مرة على أن ذلك كان ينطوي على انهاء المشروع الصهيوني الواصل للفرات ، لكن الأمور المخفية بانت على الأرض تلعلع بأن هذا الأردن الذي تنص عليه الاتفاقية هو فلسطين أو جزءا منها يتكرم يهود الخزر بمنحه لنا وللفلسطينيين وأن حدوده الغربية هي حدود اسرائيل . وأتحدى نظامنا أن يستل كلمة واحده من اسرائيل موقعة الاتفاقية بأن مفهومها للأردن لا يعني فلسطين . وأتحدى أي جاهل أو عالم بالسياسة يقول بأن الوضع القائم الأن على الأرض الفلسطينية المحتلة عام 67 عاد يشكل مكانا لدولة متصله وقابله للحياه . لقد زبلت اتفاقيات السلام العربية مع اسرائيل كل متعلقات القضية الفلسطينية والحقوق الفلسطينية غير القابلة للتصرف لكن أن نزبلها نحن الأردنيين ونسهم في تسهيل المشروع الصهيوني انما نزبل أيضا أنفسنا .