خاطرة في الخلاصة السياسية السريعة للرد الإيراني وابتلاع أمريكا له

التبكير في الرد الإيراني لا ينُمُّ عن وجود استراتيجية راسخه لدى ايران في الدخول بمواجهة عسكرية مع أمريكا، وفي ذلك حكمة قائمة على الواقع في التوازن العسكري، وعلى المحافظة على المقدرات الإيرانية ومقدرات المنطقة، وعلى مركز ايران المتقدم في الصراع، وإذا كانت الضربة الإيرانية قد نالت من المعدات العسكرية الأمريكية من دون العسكريين ويبدو أن هذا هو الواقع، فتكون تلك الضربة جاءت في إطار صفقة ترضي الطرفين المعنيين سواء كنت ضمنية أو نتيجة وساطة، وكان في بعض التصريحات الأمريكية ما يشير الى تقبلها لرد ايراني بحجم الحدث فقط، ويكون استهداف امريكا الى سليماني معزولا عن نية لها في التصعيد لتنفيذ خطة أخرى حان موعدها.
إيران دولة يرى الغرب وأمريكا بالذات أن لوجودها قوية ومستقرة أهمية عندهم وهذا أسبابه معروفة وتتعلق بالمنطقة العربية وأطماع الغرب بها، واستهداف الرجل يبدو مجرد مطلب اسرائيلي بالمجان من حاكم أمريكي ارعن قد فعل ولاقى لوماً وضغوطات دولية ومحلية وأخَذَ درسا سياسياً.. لكن من أهمية تداعيات ما حدث هو كسر شوكة أمريكا وبروز هدف إخراج أمريكا من العراق وما سيجره ذلك من معارك قادمة وربما حرب عصابات، وهذا سيعمل على انتقال الوجود العسكري الغربي في العراق نحو الأردن مما سيشكل عبئاً ثقيلا على الاردنيين ووجودا اسرائيليا مباشراً.
نقدر عاليا الموقف الايراني ونقدر الضغوطات الامريكية والدولية التي مورست على الادارة الامريكية، ونأمل أن يكون ما حدث من فعل أمريكي وما كان ممكناً ان يترتب عليه من تداعيات خطيرة على الجميع حافزاً لوعي المجتمع الدولي على الأخطار الجسيمة على مصالح العالم وأمنه واستقراره، والذي تحاول اسرائيل التضحية بها على مذبح مصالح ولزوميات احتلالها.
إلّا أن علينا أن ندرك بأن الخلاف الامريكي الايراني وتطوره بينهما هو ضمن معادلة المشروع النووي الإيراني والضغوطات الإقتصادية، ويَزيد عند اسرائيل بوجود حزب الله والتواصل الجغرافي بينه وبين ايران وسوريا . وسيستمر هذا الصراع حتى يجد حلاُ ولن تكون ساحته إلا الدول العربية وعلى حساب العرب وقضيتهم.
لا أعتقد بأن بقاء اسرائيل واحتلالها والقضاء على شعب بوطنه سيمنع يوما من وقوع كارثة تطال كل دولة وكل شعب . ولا أرمي مسئولية هذا الاحتلال على العالم ولا على الصهيونية حتى، بل ألقيها على الحكام العرب وشعوبهم ولا بد أن تكون البداية من الجزيرة وأنظمتها وعائلاتها وعلى رأسها السعودية.