تمر الدول العربية الشرق أوسطيه بمرحلة فريده تُستهدف فيها مكونات الدولة من ارض ونظام وشعب .إنه تحد فُرِض على هذه الدول كأولوية تقذف خلفها كل أولويات الظروف الطبيعية . لقد وضعوا الانظمة والشعوب تحت الفلقه بعصاتين مختلفتين وألمين مختلفين ، وفرضوا على الحاكم والمحكوم أولويات مختلفه . فالحاكم بأولوية الحفاظ على حكمه ، والمواطن بقوته هنا وحياته هناك. وكلما اشتدت الضغوطات على أحدهما اشتد الصراع بينهما وغاب الوطن . فأي اصلاح يجمعنا ؟
تعيش المنطقه مواجهه تدميريه تنتقل من دولة لأخرى لا قواعد اشتباك فيها ، ولا الأهداف المعلنة حقيقية. فلا الارهاب يسعى لهدف مستحيل في امتلاك بلاد وشعوب ، ولا مواجهتة تكون بتدمير ممنهج لتلك البلاد وتلك الشعوب ، والمراقب يقرأ السلوك ويتوقع النتائج ويستخلص الفكره. فالحرب لن ترتد على الارهاب إلا تدريجيا بعد انتهاء دوره في بلد بعد اخر.
أما الاردن فالتطورات الميدانية جعلته اليوم على خط المواجهه ، وهو كغيره يسعى مع كل المتناقضات من فوق الطاولة ومن تحتها ، بمسعى واحد هو تحاشى دخول الفوضى الخلاقة الى اراضيه ، فذلك مؤشر على بدء التغيير نحو أسوأ السوء.
لقد برزت مسألة المطالبة الشعبية بالاصلاح في هذه المرحلة بالذات على خلفية اسقاط الضغوطات الاقتصادية التي تواجهها الدولة على شعوبها وتعميقها بانعزال تام بين النظام والشارع بعيدا عن التواصل والمكاشفة والمصارحة، وهذا يخلق حالة من الاحتقان والانفلات الأمني والتمرد على القانون وصولا لتفتيت الجبهة الداخلية كمرحله انتقاليه.
إن دواعي الاصلاح في الاردن قديمة قدم الدوله ، لكن المطالبة به أصبح فجأة القصه الشعبيه الوحيده ،وما هي في الواقع ألا بمخزون وأثر رجعيين لسياسات ليست جديده ، بل ولدت مع ولادة الدولة كسيرورة عشناها مع تطورها يوما بيوم ولم نشهد هذه الضجة التي نشهدها اليوم . فلا نتوهم أنها سياسيات جديدة هبطت علينا.
الفساد السياسي والاداري والمالي موجود ، كان وما زال يتطور في الاردن وفي غيره من البلاد العربية بألوان مختلفه لكنه عندنا له خصوصية ،. واستقبال الدولة لللاجئين والمهجرين غير المشروط مع كل ازمة هي سياسة موجودة ولم تغادرنا يوما ، والحصار الاقتصادي على الدولة وابتزازها هي سياسة لم تتغير . والاستفراد بالسلطة استحقاق سياسي يتطور ، وكذا تغييب الهوية الوطنية الاردنية سياسة موجود لم تغادرنا .
فالدولة لم تتغير سياساتها ، وإنما حالنا قد تفاقم وتغير سلوكنا ، بفعل المنتج الجمعي لتطور نتائج تلك السياسات وحلول الأجل ، الذي أشر عليه الاصرار على حكومات مهمتها تسريع وتعظيم تلك السياسات ، وتواري النظام وراء التصريحات الشعبوية التي لا تلامس أذان الحكومات . بينما عملت رافعة العولمة ووسائل الاعلام والتواصل على نبش المآسي وتلميع وتعميم الواقع وغير الواقع.
لكن تحقيق الهدف اقترب من مرحلته النهائية التي فيها يتعمق الاحساس باليأس في نفس إنساننا لتعقبه صدمة تاريخية ثقافية تخلق منه مولودا جديدا يتقبل الحلول جاهزة من الخارج .
ولدت نظرية الاصلاح عندنا لقيطة يتبناها الجميع وهي ليست على الطاوله . كلنا ندعي الاصلاح فلا بأس ، أما أن كلاً منا يقود خطابه ويُنَظِر فيه فهذا ارباك في سياق شد عكسي . السياسه كالاقتصاد مهنة لأصحابها أصبحت تُنتهك وتُجلد من كل المتطفلين باسم الاصلاح . حتى تهزأ وأصبح جدليا اشتطت فيه الاراء غيرالمتخصصه وغير الأمينة رغم أنهم يتحدثون عن حصان خارج السبق، علينا أن ندرك بأن النظام في ورطة تمس كيان الدولة مباشرة ، إنها “ورطة دوله” وهي وحدها على الطاوله . فالحرب التدميرية من الخارج بدأت تقترب الينا وتأخذ مساحة الطاوله، والاصلاح في هذا الظرف يفتح حربا فِعْلُها فعل الحرب الأهلية المفتوحه ،بعد أن أصبح الفساد نهج حياة للصفوف العليا ومعاش للدنيا ومطلبا لكل يائس ، وموت بطئء للدوله.
إن خلايا داعش في مخيمات الحدود في الركبان والحدالات لجانب وحدات إرهابية مرئية أخرى بدأت كلها تتغذى من المناطق التي انهزمت منها في سوريا والعراق ، ومراقبة الحدود المتراميه باتت مع موات الموك مسئولية الاردن وحده . ومدينة تدمر خزان داعشي كبير سيوله ستكون باتجاه حدودنا ، والسلفيون من النصرة موجودون في الاردن الى جانب خلايا نائمة لا نعرف حجمها.
والصحف بكل اللغات تكتب عن تنسيق أمريكي – روسي – اردني لغزو تدمر. فهل نحن أمام محنة أم ورطة أم تحد ؟ وهل ذهابنا للحرب إن صحت الأخبار خيارا ؟ وإذا ما تجاوزنا كل ذلك فكيف نتجاوز تداعيات موت حل الدولتين أو حتى تداعيات نقل السفاره الامريكية للقدس ؟ فعن أي اصلاح نتحدث في هذا الظرف ؟ نحن في مرحله متأخرة عليه . وتماسك الجبهة الداخية هو المطلوب اليوم.