هل اسقاط ترامب مطلبا اسرائيليا؟

عندما يصل الاختراق الروسي لمستوى الإسهام في صنع ادارة أمريكية فهذا ليس بالسهل على مكونات السياسة الامريكية وحزبيها. وعندما تكون سياسة رئيس هذه الاداره المزمعه والمعلنه مع اوروبا ومع حلفاء أمريكا التقليديين بلهاء ومناوئة لسياسة الفيل والحمار معا فلن تشفع له تصريحات هوجاء لصالح اسرائيل والصهيونية، بل ولا يكون مثل هذا الرئيس خيارا مفضلا لاسرائيل نفسها. ومن هنا فإن المتابع للساحة الامريكية يشهد حربا استخبارية وسياسية وإعلامية أمريكية للإيقاع بالرئيس ترامب بهدف التخلص من عبء وأضرار رئاسته على أمريكا وأوروبا وعلى الحلفاء التقليديين الأخرين.
ففي الوقت الذي يجعله فيه الاعلام الأمريكي شخصية للتندر والنوادر ويتصيد في كلامه، تنشط تلك الدوائر لبناء التهمالتي تصل لحد تهمة الخيانة كي تشكل قضية للقضاء لاسقاطه قانونيا. وإن محاولة ترامب خلط الأوراق باختلاق ووتر غيت بقالب “اوباما فون”، لا ترقى الى “روسيا غيت”.
إن السلوك الذي ينأى بأمريكا عن سياستها التقليدية القائمه على قيادة العالم والدفاع عما يسمونه العالم الحر، وإدخال امريكا في سياسة اقتصادية وخارجية تعكس آثارا سلبية على حلفائها وعلى قواعد اللبرالية الاقتصادية والتجارية، وتبشر بالنأي عن التدخلات السياسية الخارجية وربما العسكرية فيالوقت الذي تتعمق فيه الخلافات بين المعسكر الغربيوروسيا هو سلوك يمثل انقلابا يقوم به ترامب مع زمرة له على الحزب الجمهوري نفسه ثم الديمقراطي، وبالتالي انقلاب على السياسة لامريكية التقليدية ومصالحها ومصداقيتها وبما يقضم مقومات تماسك الحلف الغربي ويثير القلق في اوروبا.
ولكن هل إسقاط ترامب مطلبا إسرائيليا؟ وهل اسرائيل تسعى او ستسعى لاسقاط ترامب أوأنها جزء من الحمله. وهذا بدوره يفرض سؤالا مقابلا، هل الاطاحة بترامب هو لصالح العرب والقضية الفلسطينيه. الإجابة مرتبطة بالمفاضله بين ترامب وبين من سيحل محله وهونائبه مايك سبينيس، ورغم أن صانعي السياسة الامريكية الذين يتجاهلهم ترامب يخططون أيضا للطعن بشرعية سبينس إلا أن هذه معركة إن كانت ستكون لاحقة.
سبينسهو محافظ صهيوني يأخذ دور الشخصية الجادة والهادئة ويمتلك القناعة والثبات والحنكةفي تسويق انحيازه للكيان الصهيوني العقدي الديني والعقائدي السياسي، إنه بخلاف ترامب، يصنع فرقا لاسرائيل على طريق تمرير المشروع الصهيوني، فهو الأقدر على خدمتها دون ضجيج من واقع إيمانه بكل الترهات الدينية – السياسية التي أدخلها اليهود والصهيونية في العقيدة المسيحية والتي من أهمها أن عودة المسيح مرتبطة بحشد اليهود بفلسطين وبناء الهيكل.
واسرائيل تعلم حقيقة ترامب وبأنه حليف أهوج لا يمتلك الخبرة ولا العمق السياسي الذي يؤهله ليكون الحليف الأفضل، وأنه لا ضابط لقراراته، وسياسته مفضوحة، ولا يعتمد “التحتانية” والتورية بل المنظرة والتحدي والإندفاع الذي يلغي الحسابات. فإسرائيل على سبيل المثال هي التي طلبت منه تجميد أو تأجيل تنفيذ قراره بنقل السفارة للقدس، وذلك لخطأ التوقيت وتأثيره السلبي في الاقليم على اولويات اخرى لاسرائيل في المنطقه كمحاولة بناء تحالف عربي اسرائيلي بوجه ايران.
ولذلك فإن اسرائيل كمعقل للصهيونية والتي يهمها قيادة أمريكا لأوروبا والعالم، لن تدافع في المحصلة عن ترامب عندما يكون سبينيس خليفته. ومسألة تفعيل اللوبي الصهيوني للعمل على التخلص من ترامب لصالح نائبه هي مسألة وقت وتوقيت، تريد أثناءه استخدامهلمصالحها في مسائل حساسه وجدليه اوروبيا ودوليا كالملف النووي الايراني ووجود ايران في سوريا.
فالمفاضله العربية بين ترامب وسبينس هي لصالح ترامب من واقع توأمة التطرف والجهل على قاعدة عدو جاهل خير من عدو عاقل التي تكشف زيف التحالف الامريكي العربي والوجه البشع لامريكا، وإن سبنس إذا تولى الرئاسة فسيكون الهجوم علينا وعلى قضيتنا بطريقة ناعمة وممنهجه وربما أقسى وأعمق من سياسة الصهيونية المحتلة لفلسطين، فنحن لا يلزمنا من يتعامل معنا بطريقة جزار داعش عندما يريد قطع رأس المجني عليه يقول له إمش معنا وتعاون واهدأ والتزم بالتعليمات فنحن لا نريد قتلك حقا بل لغايات التصوير والاعلام، ثم يقطع رأسه بهدوء.
إن العرب الذين لهم اعتبارات قانونيه وسياسيه ونفسيه في داخل الوطن العربي لا يتجاوز عددهم العشرين شخصا، هم المالكون ونحن المستأجرون، ووحدهم محل الخطاب والابتزاز الأجنبيين، أشغالهم كثيرة تحت عنوان “سري للغايه” لكن لها قرًّاء، وسواء كان الرئيس الأمريكي ترامب او سبينيس فلن يصادفوا مشكلة، فمن يملك المال والسلعة منهم يدفع الفدية أو الخاوة تسديدا عن ذمة هارون الرشيد، ومن لا يملكها يملك الخدمات يقايض بها “فك رقبه”، فلمن الكتابة عندما تكون صادقة او هادفة إذاِ؟ إنها لمن يهمه الأمر أولا، وسوسة عند صاحبها ثانيا.

Leave a Reply