نعش سوريا يحضن أمة العرب

هناك مستحقات تسعى اسرائيل لها من الكارثه السوريه . وسوريا التي ما خرج منها صوت يوما الا عروبيا وحدويا من أكراده ودروزه ومسيحييه ومسلميه بطوائفهم يريدونها بالضربة القاضية . لقد كنا وكانت اسرائيل أيضا نرى في سوريا المشروع العربي ، وما يجري فيها هو بمثابة استباحة وهدم لكل بيت عربي وساكنيه بثقافتهم السياسية وحقوقهم وطموحاتهم . ونتيجته المرجوة لا تقف عند نعش العرب نصلي عليه جماعة صلاة الجنازة خلف حاخام ، بل تجسيد للمشروع الصهيوني على جثثنا وترابنا وتاريخنا .
يعيش الشعب العربي الأن حالة أقوام عددها يساوي عدد أقطاره . ويتكولس كل قوم حول نفسه ، ويتعلق بحاكمه على وعود بحماية البلد على قاعدة ” اللهم نفسي ” وهم يرون خلو جيوبهم من مقومات النجاة ، وكأنهم قشات تلتصق بغرقى فتغرق معهم ، وما كان لها ان تغرق . دولنا بلا رابط قومي ، مغتصبة الارادة والحس العربي ، فعن عن فلسطين نتحدث ولم تجرؤ دولة عربية واحده على الوقوف بكلمة واحده مع موقف امرأة الاسكوا الرجولي والقانوني في نصرة الحق الفلسطيني .
إن تسارع الاحداث والحرب الجادة ضد داعش لا يبشر بانتهاء الأزمة ، ربما تشير الى نهاية حرب التوازنات ، لكنها تبشر بمخاض جديد من العنف وسياسات التآمر . وما يجرى هو تخطي لمرحلة التنظيم الارهابي الى مرحلة أخرى بعد استخدامه لإنهاء سيادة سوريا ووحدة شعبها وجعل جيوش العالم وميليشاتها وحثالاتها تدخلها وتستقر بها دون استئذان . رسالة مقروءة لكل من يقول أنا عربي .
لم نسأل أنفسنا ؟ ، هل من معايير منطقية بقيت تسمح لروسيا وأمريكا وتركيا وايران وكل من هب ودب للتدخل بالازمة السورية عسكريا وسياسيا مباشرة وعلنا ولا تسمح لاسرائيل بمثلها علنا ؟ ألا يوجب هذا علينا ان نتحسب أو نتحزر عما تريد اسرائيل تحقيقه من تدخلها القادم ،.وقد لاحظنا مؤخرا العديد من المؤشرات سواء في التصريحات أو الافعال التي تعطي فيها الرسائل لاستعدادها الدخول مباشرة على خط الصراع .
إن رسالة السفيرة الاسرائيلية في عمان التي تبدي فيها قلقها على مستقبل الاستقرار في الاردن وتطلب له الدعم ، والتحرش والأعتداء الاسرائيلي النوعي على سوريا باستخدام منظومة صواريخ حيتس 3 لاول مره ، وتصاعد حديثها المتأخر عن وجود أخطار عليها من الحهات المتواجده على الارض السورية والتعبير عن رغبتها في إقحام نفسها في الازمة السورية عسكريا لتكون شريكا سياسيا في الأزمة السورية ، وهي تعلم بأنها غير مستهدفة من طرف في هذه لحرب ، اقول أليست هذه وغيرها رسائل يجدر بمن يهمه الأمر من دولنا والاردن بالذات اخضاعها للتحليل من زاوية أننا نحن الاردنيين معنيين جدا بالأمر ، سيما وأن بحثها في القمة من المحرمات .
إن ما كانت تطمع به اسرائيل وتفاوض وتراوغ اصبح اليوم غنيمة حرب لها . إنها تريد اعترافا دوليا بضم الجولان ودولة يهودية خالصة على كل فلسطين ولن تسمح لنفسها أن تضطر لتكون دولة آبارتايد ولا أن تشذ في تركيبتها السكانية فستعمل على جعل كل دول المنطقة العربية دولا طائفية ودينية وعرقية . إنها تريد تصفية قضية فلسطين وطوي ملفها عربيا ودوليا ، انها تريد تقاسم النفوذ في المنطقة العربية وغرب اسيا كدولة اقليمية مع الدولتين الاسلاميتين وتصل الى قبول اسلامي رسمي بها واعترافا وتطبيعا عربيا غير منقوص ولا من تحت الطاوله .
إن المناطق الأمنه الثلاث المزمع اقامتها على حدود تركيا ولبنان والأرد ن وربما على اراض مشتركة ، ستكون مركز الحدث العسكري والسياسي القادم وصانعه ، وستكون مدخلا واسعا لاسرائيل وتحقيق أغراضها . وحيث أن الانسان البسيط يستهجن إقامة تلك المناطق في هذا الوقت المتأخر من الازمة التى وصلنا بها لوقف النار بين النظام والمعارضه ولمرحلة القضاء على داعش ، فإن الهدف منها سيكون جعلها الارضية التي ستقف عليها المؤامره .
لا أعتقد بأنه من قبيل الصدفة ولا من قبيل الحكمة العربية والأردنية أن يُغض النظر عن تنظيم داعش الشماعه طوال هذه الفترة وهو يتعاظم ويستقر في المثلث السوري- الاردني – الاسرائيلي على حدودنا ، بل هو من تخطيط الصهيونية أن يُترك التنظيم في ملاذ آمن يستكمل فيه حشد واستجلاب الاسلحة والآليات الثقيلة واحدة تلو الأخرى ليصنعوا منه صورة “غول ” يستأهل الحرب ، وصورة الخطر على اسرائيل لتكون شريكة . إننا في مربع محاط من جهاته الاربعه بأطراف متورطة بالازمة السورية وليس منها هدفه تنظيم داعش ، ومن لا ينسق مع قيادته ، يستغل وجود ه والحرب عليه .
. إن هذا التنظيم المأجور ارهابه أصبح يمتلك الأن على حدودنا حسب منشورات المصادر العسكرية الدولية الأسلحه الثقيلة ومدافع عيار 130 ملم من ذات المدى 27 كم ودبابات ت 55 ومدافع ميدان 122مم ويحتل قرى ويقيم التحصيات ويستقبل الفلول من سوريا والعراق بانتظار تعاظمها ليشكل مشروع حرب على أنقاض حرب السبع سنوات يكون فيها لاسرائيل ذريعة لتكون شريكا فيها وفي نتائجها العسكرية والسياسية .
إنها إن كانت ستكون حرب الديمغرافيا والتهجير والفرز السكاني بذرائع منها تنظيف داعش لاقامة المنطقة الأمنه ، مع وجود ما ينيف عن عشر ملايين نازح سوري وتكون حصة حدودنا بحدود الثلاثة ملايين ، حرب أهلية مناطقية تؤجج الصراع العسكري الطائفي والعرقي علنا وتتزامن مع مفاوضات المقايضه ، حرب نخوضها مع اسرائيل على أرضنا ،حرب فيها احتمال دفع داعش ليضرب في داخل الاردن وارد ليخلق ذريعة لتدخل اسرائيلي أعمق .
أتمنى يوم بدر يعود لتنزل ملائكة الرحمن تحارب عنا فنحن اليوم بحاجة لها . إنه يرزق أحيانا بغير حساب .وما تمنيت أن يذكرني صديق في مقال له ، بقول ابن تيميه ” إن الله يقيم الدولة العادلة حتى لوكانت كافره ، ولا يقيم الظالمه حتى لوكانت مسلمه ” .
كاتب اردني

Leave a Reply